تعد رجاء بن سلامة واحدة من أبرز الوجوه الناشطة ضمن المجتمع المدني في تونس، وإحدى أكثر النساء إثارة للجدل، بسبب مواقفها المناهضة لأداء الحكومة التونسية. تستبعد بن سلامة التراجع في الحقوق التي ظفرت بها المرأة التونسية منذ الاستقلال في ظل التجاذبات السياسية والدينية التي تسود البلاد منذ سقوط نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي في 14 كانون الثاني (يناير) 2011، وتقول: «اليوم لا يوجد تراجع في حقوق المرأة التونسية من الناحية القانونية، إذ لم يُراجع أي فصل من فصول مجلة الأحوال الشخصية التي صدرت عام 1956»، مؤكدة أن الدستور المقبل سينص على مبدأ المساواة بين النساء والرجال، «وعندما اقترحت كتلة النهضة في المجلس الوطني التأسيسي كلمة «التكامل» بدلاً من «المساواة» اشترك الكثير من الجمعيات النسائية والحقوقية في تنظيم مسيرة ليلية في 13 آب (أغسطس) الماضي احتجاجاً، ومطالَبةً بالمساواة، فسُحبت كلمة التكامل». وتستطرد بن سلامة: «مع ذلك، فإن الإسلاميين من حزب النهضة يعمدون دائماً إلى التراجع ثم التراجع عن التراجع، أي أن ما يقبلون بإخراجه من الباب يحاولون إدخاله من النافذة. لقد تنازلوا عن إقرار الشريعة مصدراً للتشريع في الدستور، ولكنهم في المقابل يريدون فرض عبارات مبهمة يمكن أن تؤدي إلى النكوص، مثل عبارة «ثوابت الإسلام» التي جاءت في التوطئة، أو صياغة الفصل 149 التي تنص على أن الإسلام دين الدولة، وهو فصل خطير طالبنا ويطالب خبراء الدستور بتعديله». وتلفت إلى أن احتمالات التراجع واردة، إذا أصبحت كفة ميزان القوى راجحة لمصلحة الإسلاميين، «ولكن حتى اليوم، وفي ما يخص قضية النساء تحديداً، فإن الميزان ليس لمصلحتهم، نظراً إلى فاعلية المجتمع المدني وتنشئة النساء التونسيات على الإيمان بالمساواة». وترى بن سلامة أن «الحزب الحاكم لن يطالب بالتراجع عن مكاسب المرأة إلا في ما يخص بعض الحقوق الإنجابية والجنسية، شأنه في ذلك شأن اليمين الأوروبي، فالشيخ راشد الغنوشي يناهض بعض الحقوق التي جاءت في مجلة الأحوال الشخصية، ومنها حق المرأة في الإجهاض مثلاً، ولكن هذه المعارضة لم تعبر عن ذاتها بصفة واضحة حتى الآن». في المقابل، تؤكد بن سلامة أن الحكومة تخاذلت عن القيام بدورها في حماية الطفولة، «وهنا مكمن الخطر»، بحسب تعبيرها. محاولات لتقزيم دور المرأة عن محاولات تقزيم دور المرأة في الدستور الموعود، تقول بن سلامة إن الأمر يظهر «في محاولة فرض العبارات «المفخخة» المأخوذة من أدبيات الإسلام السياسي، مثل الحديث عن «التكامل» بدل المساواة. ولكن الإسلاميين يحاولون أيضاً الحد من حرية المرأة عن طريق إبراز دور الأسرة ودور المجتمع على حساب الفرد، فكلمة امرأة ترتبط في أدبياتهم بالأسرة، والاعتراف بدور المرأة في الحياة العامة ارتبط في كتابات زعيم «حركة النهضة» بالدعوة إلى توسيع الحركة وإخراجها من النخبوية من خلال استخدام النساء في نشر الدعوة الإسلامية». وبالنظر إلى القضية التي رفعها ضدها الحبيب خضر، المقرر العام للدستور في المجلس التأسيسي، وكيف ترى واقع الحريات عموماً وحرية الرأي خصوصاً في تونس ما بعد الثورة، توضح بن سلامة أن خضر رفع ضدها قضية في الادعاء بالباطل على موظف عمومي، وترى أنه «كان عليه أن يرد بالحجة على ما قلته في شأنه، فهو نقل الحوار الوطني الذي ينبغي أن يبقى في المنابر الإعلامية وفي الفضاء العام إلى المحاكم. وهذا دليل آخر على ضيق الكثير من الإسلاميين بالرأي المخالف، ودليل على أن مشكلتنا الراهنة في تونس هي أن حزب «النهضة» قبل اللعبة الديموقراطية بصفة جزئية وسطحية، قبل بمبدأ الانتخاب ولكن زعماءه لم يستبطنوا بعد القيم الديموقراطية التي أساسها الحرية والمساواة والتعددية وقبول النقد والنقد الذاتي». وتؤكد أن ما قالته كان دفاعاً عن حرية الرأي والإبداع، وتضيف: «قلته بطريقة ساخرة وهذا من حقي، لأنني سخرت من أدائه كمقرر عام ولم أسخر من شخصه، فلا شأن لي بحياته الشخصية، لكن السيد لا يميز بين وظيفته وحياته الشخصية، وربما لم يحتمل أن يصدر النقد من امرأة مثلي، لأنه رجل كثر ينتقدونه في شخصه من دون أن يحرك ساكناً». وتعتبر بن سلامة أن «المنابر مفتوحة في تونس، والألسنة منطلقة، وهذه من المكاسب القليلة للثورة، على رغم كل محاولات الهيمنة من جانب حكومة ال «ترويكا» التي تخاذلت في بعث هيئة تعديلية مستقلة للإعلام تم استصدار منشورها قبل الانتخابات، منصِّبةً الموالين لها في الإعلام العمومي. ومع ذلك، نجد الكثير من الإعلاميين يقاومون هذا التدخل، فقد رفع المجتمع المدني منذ سنة 2005 شعار «لا خوف بعد اليوم»، وسمحت «ثورة 14 يناير» بجعل هذا الشعار واقعاً».