بماذا يشعر عامل المنجم تحت الأرض؟ سؤال طرحه معظم التشيليين منذ تشرين الأول أكتوبر الماضي. وفي منجم"شيفلون دل ديابلو"الذي تحول موقعاً سياحياً، يبحث بعضهم ولو عن عنصر واحد من الإجابة. الأروقة المتاحة أمام الزوار على عمق 50 متراً من سطح الأرض، بعيداً جداً عن الأروقة التي تنخفض 600 متر والتي احتجز فيها 33 عاملاً طوال 90 يوماً. لكن هبوط السياح البطيء في قفص معدني يشبه كثيراً ذاك الذي استخدم في عملية إنقاذ هؤلاء الناجين بأعجوبة من سان خوسيه، يبقى لحظة انفعال. وفي حين تغوص الرافعة في الظلمة والرطوبة يقول أحد ركابها المجهز بخوذة وببطارية مصباح معلقة على وسطه،"لا بد أنهم شعروا بهذا". والسياح"عمال المناجم ليوم واحد"هم من دول أوروبية عدّة. وفي هذه الممرات الضيقة التي بالكاد يتجاوز ارتفاعها متراً واحداً، ينحنون ويثبتون أرجلهم بين دعائم العارضات الخشبية، ويحاولون تخيل الأخطار. تحوّل روبرتو روخاس عامل المناجم السابق، إلى مرشد سياحي. يشير إلى قفص قديم صدئ يتدلى في الرواق شارحاً:"هذا قفص طائر صغير يستخدم لكشف غاز"غريزو"القاتل الذي لا رائحة له. وبخلاف منجم سان خوسيه للنحاس والذهب الذي ذاع صيته حول العالم، كان منجم لوتا واحداً من مناجم فحم تشيلي التي أغلقت بعد 113 عاماً من التنقيب. يصل عمق أروقة منجم"شيفلون دل ديابلو"أي صفير الشيطان إلى 600 متر تحت مستوى المحيط الهادئ، واكتسب تسميته بسبب الرياح البحرية التي كانت تدخل الأروقة وهي تصفر. ويكتشف السياح يوميات عمال المناجم من طبقات الفحم وترتيب الفسحة الضيقة مع الزاوية المخصصة لتناول الطعام والمراحيض التي أعدت بشكل عفوي في إحدى الزوايا، بالإضافة إلى مطرات المياه والكلس. أما اللحظة الأبرز فهي عندما يغرقون في صمت تحت الأرض وقد طلب إليهم المرشد إطفاء مصابيحهم لدقيقة واحدة، حتى يشعروا برهبة المنجم. بعض هؤلاء يسترجع في مروره هذا شيئاً من ماضيه المرتبط بالمناجم، كما تاريخ تشيلي.