في سياق أنشطتها الثقافية، تقيم الملحقية الثقافية في باريس معرضاً للنحات الإسباني العالمي أبيلاردو Abelardo. وفي افتتاح المعرض توقف الملحق الثقافي السعودي في باريس الدكتور عبدالله بن علي الخطيب عند أهمية تجربة الفنان ورسائل السلام والارتقاء التي تجسدها أعماله المتفردة. ويضمّ المعرض الذي تحتضنه الملحقية لفترة شهرين على 36 قطعة من المنحوتات تغطي جزءاً مهماً من التجربة الطويلة للفنان، وقد أنجزت هذه المنحوتات بتقنيات متنوعة وخامات كالرخام والفولاذ والبرونز والخشب، من هذه القطع الفنية ما هو بالحجم الكبير ومنها مصغرات. يُعَدّ النحات الإسباني أبيلاردو Abelardo أحدَ أبرز الفنانين المعاصرين. وُلدَ في إسبانيا عام 1947 ودرس الهندسة الصناعية ليتفرّغ لفنّ النحت منذ السبعينات من القرن الماضي. يعتمد أبيلاردو الأسلوب التجريدي والأشكال الصافية، وتحتلّ أعماله الفنية مكانةً مرموقة في أوروبا والعالم. وتزيِّنُ، بأحجامها الكبيرة، الساحاتِ العامّة والحدائق. وهي تنتشر في عواصم ومدن عدّة، شرقاً وغرباً، لا سيّما في بلده إسبانيا حيث تتوزّع في غرناطة وإشبيلية وقرطبة. وتمّ تنفيذ بعض منحوتاته احتفاءً بإنجازات علمية ومعرفية، وكذلك تحيّة مرفوعة إلى بعض الثقافات ومنها الثقافة الإفريقيّة وهو شديد التعلّق بفنونها. ووجه تحيّة أيضاً، من خلال الفنّ، إلى بعض المبدعين الكبار الذين أصبحوا رموزاً في بلدانهم وفي العالم أجمع، ومن هؤلاء الكاتب المارتينيكي إيمي سيزير Aimژ Cژsaire من الجزر الفرنسية في المحيط الهند. تتميز منحوتات أبيلاردو بقوّتها التعبيرية وبإيحاءاتها العميقة التي تنهل من الموروث الثقافي والإنساني الداعي إلى التسامح والسلام. وقد اقتنت منظمة اليونسكو مجموعة من أعماله الفنية، ومن تلك الأعمال منحوتة بعنوان"الحرية". واختارت"اللجنة الأوروبية"منحوتة له اعتبرتها بمثابة شعار لدول الاتحاد الأوروبي. تتنوّع الموادّ التي يستعملها أبيلاردو في إنجاز منحوتاته، من البرونز والحديد إلى الرخام والخشب. ويمكن الدخول إلى جوهر هذه المنحوتات من خلال عناوينها. ومن تلك العناوين:"تحية إلى الماء"أو"أعمدة من ماء"و"جسر الثقافات". المنحوتة الأولى "أعمدة من ماء" تمثِّلُ حركةَ الماء وهي تخرج من الأرض نحو السماء. وفي هذه الحركة ما يؤكّد نزوع الإنسان دائماً نحو الارتقاء والتقدّم وسعيه إلى ابتكار مصير آخر غير النزاعات والحروب. أما المنحوتة الثانية "جسر الثقافات" فتتألّف من قوس نصف دائري ينحني فوق قوس آخر شبيه له ويتقاطع معه، إشارةً من الفنّان إلى ضرورة التفاعُل والحوار من أجل إثراء التجربة الإنسانيّة الواحدة. ما يميّز عمل أبيلاردو هو انفتاحه على التيارات الفنية الحديثة، وكذلك على الفنون الأولى كالفنّ الإفريقي. موضوعه الأساس هو الإنسان في علاقته مع نفسه ومع الآخر. وهاجسه الحرية والسلام واللقاء بين الثقافات المختلفة. وهو يراهن على الثقافة والفنّ بصفتهما منطلقين ضروريين لتحقيق هذا اللقاء وللكشف عن القواسم المشتركة بين الشعوب.