في السنوات"السمان"تغطي ألوان متموجة أجزاء كبيرة من هذه"الصحراء المزهرة"في شمال تشيلي، والتي تشهد موسماً رائعاً هذا العام. فعلى سفح جبل يغطي الضباب قمته يخال للمرء أنه يرى بقعاً من الثلج. في الواقع إنها سجادة رائعة من الزهر الأبيض تمتد إلى ما لا نهاية. كلما تقدم المرء يتموّج اللون الأبيض إلى الأصفر، ومن ثم الأزرق والأحمر فالبرتقالي. تحفل الطريق المؤدية إلى متنزه"يانوس دي تشالي"عند بوابة صحراء أتاكاما، على مسافة 600 كيلومتر من سانتياغو، بألوان لا تنتهي. تطل الأزهار برأسها أينما كان من بين الرمال، وتجتاح أشجار الصبار وتتشبث بالصخور. ولا تزال الآليات المؤدية إلى"الصحراء المزهرة"مجهولة إلى حد كبير. والمعروف أن ظاهرة"النينيو"المناخية التي تجتاح سواحل المحيط الأطلسي في أميركا الجنوبية كل 6 إلى 7 سنوات تحمل معها الأمطار الضرورية لإنبات البصلات التي يمكن أن تبقى"كامنة"عقوداً من الزمن. وتقول مديرة المتنزه كارلا لويت:"إنه موسم استثنائي هذه السنة، إذ بلغ مستوى المتساقطات أكثر من 50 ميللمتراً. هذه السنة كل أنواع الزهور نبتت وخرجت من الأرض". وإذا كان مستوى المتساقطات عنصراً رئيسياً فإنه ليس كل شيء. إذ ينبغي أن تأتي الأمطار في شكل دوري منتظم، وألا تكون غزيرة جداً أو متفرقة جداً، وألا تحل فترات جليد لتقطع آلية الإنبات خلال موسم الشتاء الجنوبي. وإذا اجتمعت هذه الشروط كلها يمكن للصحراء المزهرة أن تستمر من أيلول سبتمبر إلى كانون الأول ديسمبر. ويقول الأب لوثيو، وهو كاهن بلدة مجاورة وعالم نبات هاو:"آخر مرة سجلنا فيها وجود هذا الكم من الأزهار كان في عام 1989. منذ ذلك الحين نبتت أزهار في الصحراء إلا أنها لا تقارن بما يحدث هذه السنة". ويشير أحد حراس المتنزه إلى وجود"أكثر من 200 نوع من الأزهار المستوطنة التي لا تنبت في أي مكان آخر في العالم، بينها 14 نوعاً تواجه خطر الاندثار". ويلفت إلى أن"بعض الزوار يقتلعون هذه الأزهار لحملها معهم، ظناً منهم أنها ستنبت حيث يعيشون، إلا أنها لا تنبت أبداً". وعمليات الاقتلاع تهدد الأنواع النادرة جداً، مثل زهرة"ليوتوشير أوفالي"أي"براثن الأسد"، وهي زهرة حمراء ضخمة تشكل ذروة"الصحراء المزهرة"وأجمل ما فيها. وتؤكد لويت أن الوسائل غير كافية لمراقبة المتنزه،"فثمة خمسة حراس يقومون بدوريات على أكثر من 45 ألف هكتار". لذا يتم التركيز على توعية الزوار عند مدخل المتنزه، فيما تنظم دورات تدريب بيئية لمجموعات من تلامذة المدارس.