يقال إن من عيوب العقل العربي أنه عقل يؤمن بالاستثناءات أكثر من غيره. يخلط كثيراً بين المألوف والنادر. قد يعول على حدث حصل لمرة واحدة أو مرتين على حساب أحداث متشابهة تكررت في مناسبات عدة .وأظن أن خير مثال على هذه الظاهرة العربية الأصيلة هو ما نراه بشكل جلي في وسطنا الرياضي السعودي. فكم هي المرات التي قال فيها أحدكم رأياً سلبياً في مستوى لاعب أو مستوى فريق بناء على معطيات واضحة نسبياً ومن خلال متابعة دقيقة وطويلة لذلك الفريق أو ذاك اللاعب لتأتي بعدها مباراة ما فيحدث أن يتألق الفريق أو يبدع اللاعب لتتوالى بعدها أسئلة السائلين من كل حدب وصوب: ألم تشاهد إبداعات الفريق؟ ألن تتراجع عن رأيك في ذلك اللاعب؟ هل تعترف بأنك أخطأت في الحكم؟ وتتبع تلك الأسئلة القمعية المعروفة التي تؤكد لك بأن الفريق الفلاني قد رد ترهاتك وأن اللاعب العلاني قد اختار الوقت المناسب ليبطل مزاعمك وليرد كيدك في نحرك! أتذكر في هذا الصدد اللاعب سامي الجابر في أحد تلك المواسم والتي شهد انخفاضاً ملحوظاً في مستواه للدرجة التي لم يسجل من خلالها إلا أربعة أو خمسة أهداف على ما أذكر وهو الذي كان ومن المفترض كرأس حربة أن يسجل عدداً أكبر من هذه النسبة المتدنية فكان من الطبيعي أن يكتب البعض من - الهلاليين وغير الهلاليين- حينذاك عن تدني مستوى أدائه في ذلك العام بناء على لغة أرقام بدت واضحة تماماً فما الذي حدث بعد ذلك؟ جاءت المباراة الختامية وسجل الجابر هدفين في مرمى الأهلي وخرجت بعدها تلك العقليات التي تؤمن بكل ما هو استثنائي لتعبر عن دحضها لتلك المزاعم التي روجت لانخفاض مستوى سامي ولتكتب ما تكتبه حول الرد على المشككين والكيديين والحاقدين وبقية مجموعة المفردات المعروفة. والمشكلة أننا ما زلنا في زمن سامي وما زالت عقلية المجتمع الرياضي كما هي منذ الملاعب الترابية وما زلنا في طور ذهنية الحظ والصدف والنادر ولا يزال من بيننا من لا يفرق بين الواقع والاستثناء. [email protected]