قلّة تعرف قاسم سليماني في إيران، ونسبة أقل تعرفه خارجها. لكن أروقة الساسة ودهاليز الاستخبارات في دول إقليمية وأجنبية عدة، تدرك أهمية هذا الرجل الذي يقود فيلقاً من"الحرس الثوري"الايراني يضمّ 15 ألف عضو مدربين في شكل جيد على أحدث أساليب العمل الاستخباراتي، حت ى أن ثمة من يعتبرهم"أمهر عناصر القوات الخاصة في العالم". قاسم سليماني و"فيلق القدس"، اسمان متلازمان. بعضهم يصف سليماني بأنه ثائر ومقاوم، فيما يرى فيه بعضهم ليس مجرد إرهابي، بل أنه يقود"جيشاً من الإرهابيين"المنتشرين في العالم، ويتهمونه بالتدخل في شؤون دول أخرى، ما جعل الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي تدرجانه على لائحتيمها للعقوبات، كما يُعتبر"الرجل القوي"المؤثر في السياسة الخارجية الايرانية. تطلق أوساط ثورية في إيران على سليماني لقب"حسن نصر الله إيران"، و"الوجه الآخر لعماد مغنية"، وذلك في اشارة الى الأمين العام ل"حزب الله"في لبنان والقائد العسكري للحزب، والذي اغتيل في دمشق قبل سنوات، إعجاباً منهم بالدور الذي يؤديه سليماني في الاوساط الثورية والاسلامية. هادئ، يعتمد على نفسه في انجاز مهماته الخاصة، لا يثير أحداً أمامه، ولا يترك أثراً له، منطقي ومؤدب ومجامل من الطراز الأول، يسمع بهدوء وإصغاء، وإذا أراد أن يجيب، يفعل ذلك بعفوية وبساطة. من لم يدرك إمكاناته، لا يستطيع التكهن بمكانته السياسية والأمنية. وُلد في بيئة صحراوية عشائرية في محافظة كرمان عام 1958، وعمل في قطاع البناء قبل انخراطه في صفوف"الباسيج"متطوعي الحرس الثوري لدى اندلاع الحرب العراقية - الايرانية عام 1980، وقاد فوجاً من المتطوعين من منطقته في جبهات القتال، ليعود الى مسقط رأسه قائداً ساهم في استتباب الأمن في هذه المحافظة القلقة أمنياً، بسبب قربها من الحدود الأفغانية - الباكستانية. استدعاه مرشد الجمهورية الاسلامية في ايران علي خامنئي عام 2001، مسنداً إليه قيادة"فيلق القدس"التابع ل"الحرس الثوري"، ومُنح رتبة لواء عام 2010. في عهده، شهد"فيلق القدس"، وهو أحد خمسة فيالق يتألف منها"الحرس الثوري"، تطوراً ضخماً، وأُسندت إليه مهمات كثيرة خارج إيران. لم يظهر قاسم سليماني الذي يدعوه المقربون منه"الحاج قاسم"، في الصحافة ووسائل الإعلام، ويعيش بعيداً من الأضواء، سوى في المناسبات المهمة التي تتطلب منه تقويم الوضع الإقليمي والدولي. برز اسمه في شكل واضح، عندما دعا رويل مارك غريشت، وهو عميل سابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية سي آي اي ويعمل الآن في"مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات"، الى اغتيال قادة"الحرس الثوري"، وفي مقدمهم قاسم سليماني، لإرعابهم. وانضم الى تلك الدعوة، أعضاء في الكونغرس الأميركي، بعد إعلان الإدارة الأميركية إدراج اسمه في لائحة العقوبات، وإغلاق جميع حساباته المصرفية، على رغم أنه لا يملك أي حساب مصرفي خارج إيران، وربما يتعذر عليه قراءة ال"فيزا كارد"أو ال"ماستر كارد". ارتبط اسم"الحاج قاسم"كثيراً بالملفين العراقيواللبناني، إذ يعتبره كثيرون في العراق"اليد الإيرانية"في بلادهم، فيما يصفه لبنانيون بأنه"ضابط الارتباط"بين"حزب الله"والقيادة الإيرانية. وأوردت صحيفة"ذي غارديان"البريطانية أن مسؤولين أميركيين"أبدوا إعجابهم"بأعماله، معربين عن"رغبتهم برؤيته". وهذا ما جعل أحد قادة الجيش الأميركي في العراق يقول إنه إذا التقى سليماني سيسأله:"ماذا تريد منا؟". كما وصفه السفير الأميركي السابق في العراق زلماي خليل زاد بأنه"ناشط من أجل السلام، لنيل أهدافه".