في نيسان ابريل 2005 كان الدكتور الشيخ محمد معشوق الخزنوي يخطب في الجماهير الكردية بغضب وحزن بسبب تصفية مخابرات نظام الأسد الشاب فرهاد صبري الذي دفع حياته تحت التعذيب لرفضه سياسات البعث في حق الشعب الكردي في سورية. الشيخ وجّه رسالة الى النظام السوري رافضاً كل سياسات التمييز العنصرية بحق شعبه الكردي، وقال إنه لن يسكت بعد اليوم عن الظلم، رافضاً مراسيم القصر الجمهوري، مؤكداً أنّ المراسيم هي مراسيم الشعب حين يقرر أن يكون حراً. بعد هذا الخطاب وعلى أثر مواقف الشيخ الثورية وفكره النيّر لأجل الحريات وحقوق الانسان، تحوّل الى شهيد على يد المخابرات. وهو كان رقماً من القائمة، إذ كانت الأجهزة الأمنية قد أعلنت أنها ستقتل كل زعيم كردي يفكر بالثورة في وجه الاستبداد. فضباط الأمن كانوا يومها يوجّهون انذارات بالقتل الى كثير من الزعماء الكرد الشجعان، وكان منهم حسن صالح ومشعل التمو ومصطفى جمعة. لقد استشهد التمو بعد مخاضات ثورية خاضها وبعد مواقفه الشجاعة تجاه القضية الكردية، ومسألة الحريات في سورية، ودوره كناشط متميز في إدارة الحراك الكردي وتوجيه الخطاب الكردي الوطني في طريق وطنية من دون رتوش وتنازلات عن الحقوق القومية الكردية ضمن مشروع الدولة المدنية التعددية التشاركية، ولكونه قيادياً من أعضاء المجلس الوطني السوري ومشاركته في جلساته عبر السكايب. واغتيال هذا القيادي الكردي وضع الحراك الكردي بمؤسساته السياسية والشعبية أمام خيار واحد، وهو مواجهة النظام وإسقاطه كخلاص للكردي من عقود طويلة من الظلم والعنصرية وعمليات القتل والتعذيب في المعتقلات والسجون وأثناء التظاهرات. لكن الصوت الشعبي الكردي كان أقوى من بيان التنديد الذي أصدرته الحركة الكردية والذي جاء يتيماً فلم يتهم النظام بقتل الزعيم التمو. هكذا ما كان من رفاق الشهيد في حزبي يكيتي ? آزادي، إلى أن أصدروا بياناً قوياً دانوا فيه عملية الاغتيال متهمين النظام وأجهزته، ومؤكدين النضال السلمي وثورة الحرية حتى إسقاطه. لقد كانت للكُرد مشاركة حيوية في الثورة منذ انطلاقتها، لكن اليوم تغير المشهد باغتيال أحد قادتهم، وسيكون للمكوّن الكردي في الثورة السورية لغة ثورية خاصة، يدركها النظام منذ الانتفاضة الكردية عام 2004، بخاصة اننا شهدنا سقوط شهداء كُرد أثناء تشييع الشهيد. وكان المئة ألف كردي الذين خرجوا غضباً وراء جنازة شهيدهم مفاجأة للنظام وكسراً لسياسته في محاولة فصلهم عن جسد ثورة الحرية وإبقائهم على الحياد، ضمن مشروع التقسيم الطائفي وتشتيت المعارضة داخلياً وخارجياً، وتشويه هوية الثورة السورية الديموقراطية المدنية. والغضب الكردي إنما زاد عنفوانه بعد الإدانات الدولية من البيت الأبيض والاتحاد الأوروبي، واعتصام واقتحام الشباب الكردي سفارات نظام الأسد في بروكسل وبرلين وسويسرا والنمسا وواشنطن، معلنين ثورة كردية شاملة تزيد من حيوية الثورة الوطنية السورية. فهم لا يمكنهم التهاون هذه المرة مع جلاّديهم، بخاصة أنّ هتافات إسقاط النظام وطلب الحماية الدولية باتت هاجساً يومياً للكردي، وملاذاً له. فاغتيال الزعيم مشعل التمو، وهو أحد قادة الثورة السورية، زاد من وحدة السوريين وأعاد للكرد اعتبارهم ومكانهم داخل الحياة السورية بعد رفع العلم الكردي في حمص وحوران وحماه وأدلب، وترديدهم شعارات باللغة الكردية. واليوم أصبح الكردي في أقاصي الشمال السوري قلباً لثورة الحرية السورية. * كاتب كردي سوري