أتمنى لو وُجد صف تحضيري يسمى"الصين 101"، على كل عضو في الكونغرس تلقّي دروسه. سيكون الدرس الأول فيه ما يأتي: إذا رغبتم حقّاً في أن يقوم الصينيون بأمر ما، لا تضغطوا عليهم علنياً. الإحراج مسألة غير مقبولة في مملكة الوسط، ولهذا السبب، عندما أقر مجلس الشيوخ الأميركي مشروعَ قانون يشير إلى فرض تعرفات ضريبية على السلع الصينية إذا لم تَدَعْ بكين قيمةَ عملتها ترتفع، ردَّ"المصرف الشعبي الصيني"بسرعة وبتحدٍّ، بخفض قيمة العملة الصينية. يدعو ذلك إلى السخرية، لأن الصين كانت تقوم بعكس ذلك تماماً إلى أن قرَّر سياسيون من صنف تشاك شومر، البدءَ برفع الصوت وجعل العملة الصينية جزءاً من نقاش سياسي محض في شأن العولمة والبطالة في أميركا. تكمن الفكرة في أنه لو صح استحقاق المال الصيني قيمة أعلى من تلك المعلَنة، فلا ينبغي على الشركات الأميركية تصدير هذا العدد الكبير من الوظائف إلى هناك نظراً إلى أن قيمة العمل ستكون أكثر ارتفاعاً في الصين، وسيتمكن الصينيون من شراء المزيد من السلع والخدمات الأميركية، وسيخفض ذلك اختلالَ التوازن في الميزان التجاري بين البلدين ويساعد في إعادة وضع الاقتصاد العالمي على المسار الصحيح. للأسف، لا يَخْطو مشروع قانون شومر خطوات بنّاءة لعلاج مسألتي العملة والتجارة على الاطلاق. المسألة الأولى والأكثر وضوحاً هي ضرورة عدم تعليقنا أيَّ أمل على تسوية وضع البطالة في أميركا عبر التنافس مع"دلتا نهر اللؤلؤ"في صناعة الأحذية ومعدات الإضاءة، وبدلاً من تمرير مشاريع قوانين تلوِّح بفرض تعرفات جمركية ضد بلدان أنشأت فرص عمل لمواطنيها، ماذا لو مرَّرنا قوانيننا لتوفير فرص عمل لنا؟ ما من فرصة لذلك طالما ان مشاريع القوانين التي تقدَّم بها اوباما ماتت فور وصولها إلى الكونغرس. ثانياً، كثير من التعديلات التي يطالب بها مشروع قانون شومر، يعمل فعلاً، فالصينيون الذين يعلمون أنهم في حاجة ماسة إلى إعادة التوازن إلى اقتصادهم للحفاظ على نمو طويل المدى، تركوا قيمة عملتهم تنخفض امام الدولار بنسبة 30 في المئة منذ 2005، وعشرة في المئة خلال العام الماضي وحده. وترتفع الأجور، وهذا سببُ بدء عودة الوظائف ذات المهارات الصناعية المرتفعة إلى الولاياتالمتحدة، فيما يدفع الصينيون أجوراً مرتفعة بالتوازي مع تكاليف طاقة ونقل اعلى، ما يقلِّص ربح انتقال الأعمال إلى هناك وليس القيام بها في الولاياتالمتحدة، يضاف إلى ذلك ان الصادرات الأميركية إلى الصين ترتفع حالياً. يقول الخبير في شؤون الصين في مؤسسة"سي أل أس أيه"المالية في شنغهاي، آندي روثمان، إنه رغم كل الضجيج في شأن العملة، ارتفعت الصادرات الأميركية إلى الصين 468 في المئة في العقد الماضي، والنسبة الثانية في ارتفاع الصادرات هي إلى المانيا، حيث بلغت 64 في المئة. وصين أكثر ثراء ستكون في مصلحة الولاياتالمتحدة وفي مصلحة الصينيين في آن، بيد ان الوصول إلى تلك المرحلة أمر معقد. وعلى غرار وجود"أميركتين"، توجد"صينان"، فثمن حقيبة"لوي فيتون"على ذراع سيدة متعلقة بالموضة في شنغهاي، يعادل ما يجنيه مزارع في مقاطعة شانكسي طوال سنة. يصعب تحديد السرعة الملائمة لإعادة التوازن إلى الاقتصاد عندما يجري تقاسم ثروة هائلة كهذه. وفيما تبدو اسعار الشقق الفخمة في بكين مرتفعة ارتفاعاً غير معقول، فإن كبح جماح النمو كبحاً سريعاً جداً يمكن أن يؤدي إلى بطالة جماعية، والى ما يخافه الصينيون أكثر من غيره، الاضطراب الاجتماعي. وهذا هو الدرس الثاني، في صف"الصين 101". ينطوي الصراع الطبقي في أميركا على احتجاجات سلمية يقوم بها يساريون متحذلقون يستخدمون لغة الإشارة للحفاظ على النظام، أما في الصين، فيعني ذلك حشوداً غاضبة تنزل إلى الشوارع وتحتل الساحات. على قادة الكونغرس تذكُّر هذا قبل محاولة إذلال الصين لحملها على فعل أي شيء. * صحافية، عن"تايم"الأميركية، 24/10/2011،