مفهوم استيراد الثقافات ظل مبهماً سنوات طويلة لدى كثيرين من الشباب العربي خصوصاً العراقي، لأن المجتمعات العربية تميزت منذ القدم ببيئة خاصة تختلف اختلافاً جذرياً عن البيئات الاجتماعية الأخرى في العالم. في السنوات الأخيرة بدأت مجتمعات عربية عملية استيراد ثقافات غريبة لكنها واجهت رفضاً قاطعاً من الجميع، قبل أن تصبح هذه الثقافات جزءاً لا يتجزأ من كل تركيبة اجتماعية عربية. العراق من البلدان التي ساهمت ظروفها الصعبة والمتردية في استيراد ثقافات جديدة ضحاياها الشباب العراقي وسط مجتمع يعد من أشد المجتمعات العربية التزاماً بالعادات والتقاليد المدنية والقبلية، فكما هو معروف أن كل حضارة وبنية اجتماعية تمر بثلاث مراحل أساسية هي: النشوء، والازدهار، والانحلال. والبنية الاجتماعية في العراق، ونتيجة للحروب والصراعات، عانت الكثير من الثغرات التي نفذت من خلالها الثقافات الغريبة. والأدهى من ذلك أن الجيل الجديد من الشباب ساهم في انتشار هذه الثقافات، حتى أن البعض يصف المجتمع العراقي بأنه من المجتمعات الكبرى الخاصة باستيراد الثقافات الغريبة والمؤشرات إلى أرض الواقع تؤكد أن الشاب العراقي اندمج وتأقلم مع الثقافات المستوردة ومن الصعب أن يتخلى عنها اليوم بعد الانفتاح الكبير الذي صاحب الاحتلال الأميركي وسوء الأوضاع الأمنية وضعف السلطات القضائية. فالعيش في بلد لا يزال يترنح نتيجة الحروب والصراعات السياسية والظروف الأمنية يدفع أبناء الجيل الجديد إلى تقمص ثقافات وسلوكات جديدة لم تكن مألوفة لدى الأهل. ارتداء الملابس الغريبة وطبع الأوشام على الصدور والأذرع والتفنن في قصات الشعر الغريبة والتغيير المتعمد نحو الأسوأ في السلوكات، كلها ثقافة مستوردة تعكس صورة سلبية عن أبناء هذا المجتمع أو ذاك. انه لمن الصعب القضاء على هذه الظواهر والحد من انتشارها بين الشباب إذا لم يقوموا هم بتغيير ما اعتادوا عليه والعودة إلى ثقافتهم الأصلية بدل اللجوء إلى ثقافات مستوردة. راميار فارس الهركي - العراق - بريد إلكتروني