زاد يأس الباكستانيين من امكان مغادرة قرى اغرقتها سيول نتجت من الأمطار الغزيزة التي اندفعت من شمال غربي البلاد عبر مناطق الوسط الزراعية في البنجاب الى السند على امتداد مسار يبلغ نحو الف كيلومتر على الأقل، فيما يبدو ان الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري ارتكب الخطأ السياسي الأكبر في حياته عبر سفره الى باريسولندن خلال اسوأ كارثة طبيعية تضرب بلاده خلال 80 سنة. وتستمر التوقعات بهطول امطار غزيرة على المناطق المنكوبة، ما يزيد فرص جرف منازل اضافية وإتلاف محاصيل، في حين تجاوز عدد القتلى 1600، وتضرر 15 مليون شخص، ما يوجه ضربة كبيرة لاقتصاد باكستان المعتمد على الزراعة والمعونات الخارجية. وأكد مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن اربع مقاطعات على الأقل في حال تأهب قصوى بينها السند حيث اجلي اكثر من نصف مليون شخص، علماً ان سكان المناطق المنخفضة قرب نهر السند يعدون الأكثر عرضة لمياه السيول. وأعلن جام سيف الله دهاريجو وزير الري في اقليم السند ان السكان في بعض المناطق يرفضون ترك منازلهم وممتلكاتهم."لكننا نرغمهم على الرحيل لأن حياتهم معرضة للخطر". وأودع السكان الذين جرى اجلاؤهم في ملاجئ موقتة وبخاصة في مبان عمومية مثل مدارس او في خيم. وفي لقاء مع"هيئة الإذاعة البريطانية"بي بي سي، رفض زرداري الانتقادات القاسية لمغادرته البلاد، مؤكداً ان رئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني يتعامل مع الأزمة ويبلغه بالتطورات اولاً بأول، علماً ان زرداري نقل اخيراً كثيراً من صلاحياته الى جيلاني. ودافع بيلاوال بوتو زرداري بشدة عن جولة والده الرئيس زرداري في اوروبا هذا الاسبوع، معلناً ان والده يساهم في جمع اموال لحل الازمة الانسانية في باكستان. وقال خريج جامعة اوكسفورد البريطانية خلال وجوده في سفارة باكستان في لندن لفتح مركز لجمع مساعدات لبلاده:"يبذل والدي كل ما في وسعه، وما يعتبره الافضل لمساعدة الشعب الباكستاني، والوقت غير مناسب للألاعيب السياسية". وأضاف:"لو كان في باكستان لما استطاع جمع هذه الاموال"، في اشارة الى المساعدة التي حصل عليها الرئيس زرداري في فرنسا وبريطانيا وأبو ظبي. وتابع:"لو اعتقد انه سيكون اكثر فائدة في باكستان لكنت على يقين من انه كان بقي هناك". وأكد جيلاني اول من امس، ان الخسائر البشرية والمادية"ضخمة"، مناشداً المجتمع الدولي تقديم معونات لبلاده. وشدد على التزام حكومته مواجهة كارثة الفيضانات، مستبعداً إرسال الجيش إلى مدينة كراتشي لمكافحة موجة القتل المنظم فيها والتي أدت إلى سقوط عشرات القتلى، مع تشديده على أنه سيجرى التعامل مع المجرمين من دون تمييز، و"سيلاحق الإرهابيين من اجل وضع حدّ لموجة العنف". وحض الأمة على مساعدة المواطنين الذين تحاصرهم سيول الفيضانات، علماً ان واقع قيادة الجيش جهود الإغاثة الحالية يعزز الرأي العام القائل إن"الحكومات المدنية لا تستطيع التعامل مع الأزمات الكبرى". وباتت امدادات الغذاء قضية مهمة، كما نضبت المياه من الآبار في مناطق عدة. وغداة عبور سيول الفيضانات باكستان الى الهند، ارتفع عدد القتلى الى 113 في بلدة ليه بمنطقة لاداخ الجبلية في إقليم جامو وكشمير المتنازع عليه بين البلدين، فيما تخطى عدد الجرحى ال370 مع توقع زيادة عدد القتلى. وفيما يعمل حوالى 6 آلاف من القوات الهندية في عمليات الإنقاذ حيث تستخدم مروحيات، اعلن الجيش الهندي ان امطاراً غزيرة عرقلت جهود الإنقاذ والإغاثة في لاداخ. وأعلنت وزارة الخارجية الهندية فقدان عشرات الأشخاص بسبب انهيارات طينية على منازل وأبراج هواتف ومكاتب حكومية، وتأثر بعض السياح الأجانب بالسيول. لكن السلطات نجحت في اعادة فتح المطار الموجود في بلدة ليه التي تنتشر فيها اديرة بوذية وأرسلت طائرات تحمل فرق اغاثة من الكوارث وأطباء ومعدات اتصال.