أصدرت محكمة جنايات أمن الدولة العليا في مصر أمس أحكاماً بالسجن المؤبد في حق ثلاثة مدانين بالتخطيط لشن عمليات إرهابية في البلاد، فيما أمرت بالسجن لمدد راوحت بين 15 عاماً و6 أشهر في حق 23 آخرين في القضية التي عُرفت باسم"خلية حزب الله اللبناني"والتي أثارت حين الإعلان عن تفكيكها في نيسان أبريل العام الماضي جدلاً واسعاً وسجالاً بين القاهرة والأمين العام ل"حزب الله"السيد حسن نصر الله. وفي حين رأت هيئة المحكمة أن ما اقترفه المتهمون من أفعال"لا صلة لها بدعم المقاومة الفلسطينية"بعكس ما ردد الدفاع وقادة الحزب اللبناني، وقعت الأحكام بمثابة"صدمة"على أهالي المتهمين الذين ظلوا يهتفون قبل صدور الأحكام ببراءة المتهمين خارج ساحة المحكمة بعدما رفضت أجهزة الأمن دخولهم القاعة. ورصدت"الحياة"سقوط أربعة من أهالي المتهمين مغشياً عليهم في حين ظل المتهمون بعد سماعهم الأحكام وخلال الفترة التي سبقت اقتيادهم إلى حافلة الترحيلات يهتفون بعبارات"الله أكبر"و"مبروك إسرائيل"و"هذا ظلم حسبي الله ونعم الوكيل". وكررت هيئة الدفاع عن عناصر الخلية الادعاءات التي ظلوا يرددونها طوال جلسات المحاكمة والتي ركّزت على أن القضية"سياسية بالأساس وأن السلطات المصرية أرادت معاقبة الأمين العام لحزب الله على مهاجمته مصر خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة مطلع العام الفائت". وعاقبت محكمة جنايات أمن الدولة طوارئ غيابياً بالسجن المؤبد 25 عاماً على 3 متهمين هم المتهم الأول في القضية اللبناني محمد قبلان هارب، وتقول السلطات المصرية أنه يرأس قسم مصر في وحدة دول الطوق ب"حزب الله"، والمتهمان سالم عايد حمدان ومدحت السيد حسانين هاربان أيضاً. كما أمرت بالسجن المشدد لمدة 15 عاماً ل 3 متهمين آخرين هم المتهم الثاني اللبناني محمد يوسف منصور وشهرته"سامي شهاب"وتقول السلطات إنه مسؤول فرع مصر في حزب الله، والفلسطينيان ناصر خليل أبو عمرة ونمر فهمي الطويل. وعاقبت بالسجن المشدد لمدة 10 سنوات 15 متهماً هم كل من إيهاب السيد موسى والفلسطيني نصار جبريل عبداللطيف، وحسن السيد المناخلي، وعادل سلمان موسى، ومحمد علي وفا، ومسلم إسماعيل مسلم، ومحمد عبدالفتاح شلبي، وإيهاب عبدالهادي القليوبي، والسوداني خاطر عبدالله النور، وإبراهيم عصام سعد، وهاني السيد مطلق، ومسعد عبدالرحمن الشريف، وإيهاب أحمد إسماعيل، وشاهين محمد شاهين، وحسين محمد حسين خليفة. كذلك عاقبت أيمن مصطفى خليل شتا بالسجن المشدد لمدة 10 سنوات، وسجنه لمدة عام إضافي بتهمة حيازة سلاح أبيض من دون ترخيص، وكذلك معاقبة سلمان كامل رضوان بالسجن لمدة 7 سنوات، ومعاقبة أحمد الحسيني القمبز تمكن من الفرار خارج البلاد بالسجن لمدة 5 سنوات، ومعاقبة الفلسطيني نضال فتحي حسن بالحبس مع الشغل لمدة 3 سنوات، ومعاقبة الفلسطيني محمد رمضان عبدالرؤوف بالحبس لمدة 6 أشهر. وتعد الأحكام التي أصدرتها المحكمة أمس نافذة غير قابلة للطعن بحسب القانون المصري، إلا أن من حق ذوي المتهمين تقديم التماس إلى الرئيس المصري حسني مبارك يطالب بتخفيف الحكم عنهم. ويعني قبول الرئيس للالتماس إعادة المحاكمة أمام دائرة أخرى، أما إذا رفض الالتماس فلا سبيل سوى تنفيذ الأحكام. وأشارت مصادر قضائية ل"الحياة"إلى أن الفترات التي قضاها المتهمون داخل السجون خلال فترة التحقيقات والمحاكمة والتي تصل إلى عام ونصف يتم خصمها من مدد العقوبة، ولفتت أن المتهم محمد رمضان عبدالرؤوف سيتم الإفراج عنه خلال الأيام المقبلة و"ترحيله إلى بلاده". وأوضحت أن"من المنتظر أن يعتمد الرئيس مبارك الأحكام خلال شهرين 60 يوماً". وعقدت الجلسة وسط إجراءات أمنية مشددة حيث جاء انعقادها للنطق بالحكم سابقاً على الجلسة الثانية لمحاكمة المتهمين في قضية مقتل المغنية اللبنانية سوزان تميم، وحضر المتهمون في حراسة مشددة إلى مقر المحكمة في ضاحية التجمع الخامس شمال شرقي القاهرة قبيل النطق بالحكم بقرابة نصف ساعة مرتدين زي الحبس الاحتياطي الأبيض. وكان في استقبال المتهمين أهاليهم وذووهم الذين تجمعوا أمام المحكمة منذ الساعات الأولى للصباح، وظل كل منهم يهتف باسم قريبه قبل دخول المتهمين إلى قاعة المحكمة ولدى النطق بالحكم ظل المتهمون يرددون عبارات"الله أكبر... مبروك إسرائيل... هذا ظلم حسبي الله ونعم الوكيل"، واصفين الأحكام الصادرة بحقهم بأنها قاسية وعنيفة، في حين سادت حالة من التذمر بين فريق الدفاع عن المتهمين فور النطق بالحكم، وقال محامون إنهم كانوا يتوقعون عقوبات ولكن ليس بهذا القدر من الشدة. واعتبر منسّق هيئة الدفاع المحامي عبدالمنعم عبدالمقصود أن الأحكام تدل على أن القضية"سياسية... أحيل عناصر الخلية بقرار سياسي على محكمة استثنائية تفتقر لأبسط ضمانات العدالة وتحرم المتهمين من حقوق محاكمة عادلة". وأشار ل"الحياة"إلى أن المحكمة لم تأخذ في الاعتبار كل الطلبات والدفوع التي تقدم بها الدفاع طوال جلسات المحاكمة. ورأى أن المكسب الأكبر في تلك القضية يصب في"مصلحة إسرائيل"لأنها رحبت بالقضية منذ الإعلان عنها كما أن تلك الأحكام من شأنها أن توجه ضربة قوية"تجاه المقاومة وحزب الله". وناشد عبدالمقصود الرئيس مبارك النظر في تلك الأحكام، واعتبر أن هناك فرصة كبيرة لتسوية القضية بعد التهديدات الإسرائيلية بشن هجوم جديد على"حزب الله". وعاود التأكيد أن الأفعال التي ارتكبها المتهمون كان الغرض منها"مساندة المقاومة الفلسطينية... من الممكن أن يكون المتهمون أخطأوا الوسيلة لكن يجب النظر إلى نبل مقاصدهم خصوصاً أن مصر ساندت في ستينات القرن الماضي حركات المقاومة في أفريقيا، كما أنها قامت بعمليات ضد أهداف إسرائيلية متخطية حدود بلدان أخرى مثل تدمير الحفار الإسرائيلي في ساحل العاج وتدمير المدمرة إيلات عبر تخطي الحدود الأردنية". وقال رئيس المحكمة القاضي عادل عبدالسلام جمعة في بيان ألقاه أمام المحكمة مهّد به النطق بالحكم، إن المحكمة استعرضت أوراق الدعوى ومستنداتها وتحقيقات النيابة العامة شاملة اعترافات المتهمين، وإن المحكمة"ترى أن ما اقترفه"حزب الله"اللبناني من أفعال بواسطة ممثليه محمد قبلان ومرؤسيه سامي شهاب من زعم بأن القصد كان دعم المقاومة الفلسطينية... فهل كان ذلك الدعم من خلال جمع معلومات عن القرى والمدن والطرق الرئيسية بمحافظتي شمال وجنوبسيناء؟". كما تساءل رئيس المحكمة في بيانه:"هل يشمل هذا الدعم رصد وتحديد الأفواج السياحية المترددة على مناطق جنوبسيناء، وهل يشمل أيضاً دعم المقاومة الفلسطينية استئجار بعض العقارات المطلة على المجرى الملاحي لقناة السويس لاستغلالها لرصد السفن العابرة بالقناة، وهل دعم المقاومة الفلسطينية يكون من خلال تصنيع عبوات متفجرة والاحتفاظ بها في مسكن المتهم سالم عايد حمدان بمحافظة شمال سيناء؟". وأكد المستشار عادل عبدالسلام جمعة أن ذلك"يدل ويقطع على أن قصد هذا الحزب المسمى بحزب الله كان بغرض ضرب اقتصاد مصر وتمزيق أوصال شعبها وإشاعة الفوضى وعدم الاستقرار في أرجائها وبين ربوعها، واستمالة بقية المتهمين الذين قادتهم الخيانة وحب المال بسلوك طريق الجريمة بتشجيع وتحريض وتمويل من هذا الحزب". نشر في العدد: 17191 ت.م: 29-04-2010 ص: 13 ط: الرياض