المسؤولون عن السياحة المصرية في سباق مع الزمن في ظل تقديرات رسمية تشير الى ان البلاد ستشهد زيادة في عدد السائحين اليها خلال العام الحالي وذلك بعد تراجع في عام 2009 بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية. لكن من الواضح ان هناك حاجة الى توفير المزيد من الفنادق الفاخرة لمواجهة هذا الاحتمال، مع توقع ارتفاع عدد الزوار من الدول الأوروبية خصوصاً من بريطانيا بسبب ضعف العملة البريطانية أمام اليورو والدولار. وتحفل الزيارة الى القاهرة دائماً بالذكريات اللانهائية بالنسبة الى من أقام فيها لمدة طويلة وكانت مدينته. إلا ان مصر، كما يطلق عليها أهلها، تشهد تحولات كثيرة بعضها إيجابي ويبشر بالتطور العصري مثل مطارها الجديد المتميز في الخدمة والنظافة وسهولة الإجراءات فيه. غير ان هناك أيضاً جوانب سلبية عدة لأنه من قبيل المعجزة ان تصل الى مقصدك والمكان الذي تتوجه اليه إلا بعد صراع طويل مع الزحام المروري المخيف الذي لا ينقطع ليلاً ولا نهاراً. وقد لمست خلال زيارتي القصيرة ان القاهرة مدينة المدائن والألف مأذنة، كما يقولون، يختلط فيها الحابل بالنابل. فهي مدينة فرعونية عريقة لكنها ارتبطت ايضاً بالعالمين الإسلامي والعربي. وزيادة عدد سكانها الى أكثر من 15 الى 18 مليون نسمة تجعلها عاصمة تعاني من أوباء عدة وسوء النظافة وعدم النظام والفوضى، ولذلك فأنت تشعر بالإرهاق والتعب بسرعة لأن العاصمة الكبيرة ضاقت بأهلها على رغم الامتداد الى الصحراء لبناء مدن ومراكز مدينية جميلة. ويصعب عليك ان تسير على الأقدام تماماً مثل المصاعب التي تواجهها داخل سيارتك. وعليك ان تخوض هذه المعركة حتى ساعات النهار الأولى... والقاهرة هي المدينة التي قامت بإلغاء إشارات المرور فعلياً لأنه لم يعد هناك أي احترام لها على الإطلاق وأصبحت حركة المرور مشلولة. ولذلك يتهكم بعضهم بأنه في الوقت الذي أصبح من السهل الوصول الى القمر فإنك ستجد من العسير أن تصل الى مكان قريب منك لا يبعد سوى دقائق من مكان تواجدك بسبب سيل السيارات اللانهائي أمامك. وكانت إقامتي في فندق فيرست ريزيدنس First residence التابع لمجموعة فورسيزونز العالمية، وهو يقع بالقرب من حدائق الحيوان وجامعة القاهرة بحي الجيزة. وكان الفندق يمثل مفاجأة كبيرة بالنسبة إلي فهو من أرقى الفنادق في مصر من حيث الفخامة والخدمة المميزة والديكورات الجميلة التي تجعل منه تحفة فنية تضفي أجواء تليق بقصر خاص تم تحويله الى فندق من خمسة نجوم. وعلى رغم ان عدد الغرف والأجنحة في الفندق يصل الى 269 غرفة الا انه يشبه طابع الفنادق البوتيك الصغيرة التي تشعر فيها بأنك الزائر الوحيد الذي يلقى أفضل الرعاية والترحيب. ويقر سيزار رشدي مدير التسويق الإقليمي لمجموعة فنادق فورسيزونز في الشرق الأوسط في تصريح خاص ل"الحياة"بأن عام 2009 كان صعباً وأدى الى هبوط نسبة الإشغال في المجموعة بنسب تقدر بنحو 20 الى 30 في المائة. ويقول رشدي، وهو من أبرز خبراء الفندقة في مصر، ان بداية عام 2010 شهدت تحسناً ملحوظاً في الحجوزات للأشهر المقبلة. وسيحتفل فندق الفورسيزونز في صيف العام الحالي بمرور عشرة أعوام على افتتاحه، فهو أقدم فنادق المجموعة في مصر. ولذلك فإن رشدي ومديرة العلاقات العامة في الفندق أنجي أبو الفضل يوضحان ان برامج خاصة ستنظم للاحتفال بهذه المناسبة المهمة. ويشير المسؤولون السياحيون الى ان أكثر من 370 الف مواطن بريطاني وربما أكثر من 6 الى 8 ملايين سائح من مختلف أنحاء العالم زاروا مصر خلال العام الماضي. ويعمل في السياحة والخدمات الفندقية أكثر من 12 في المئة من المصريين. وكان ملحوظاً الزيادة الكبيرة في عدد المطاعم الراقية والنوادي الخاصة. ويتوافر في"فيرست ريزيدنس"بعض النوادي الخاصة من بينها نادٍ لسيدات المجتمع. والفندق هو الوحيد في مصر الذي بوسع الضيف ان تطل غرفته إما على نهر النيل الذي ينساب بلا ملل في المدينة أو على أهرامات الجيزة الخالدة. وكان الفندق يغص برجال الأعمال والنجوم والمشاهير الأجانب خلال إقامتي فيه لأنه، كما يقول المسؤولون فيه، يوفر الطابع الكلاسيكي والأجواء الخاصة الهادئة على رغم الضجيج الكبير خارجه. ويرتبط الفندق بملحق كبير فخم يضم المحلات والبوتيكات التي يتوافر فيها أرقى الأزياء والسلع العالمية التي قام بتصميمها نجوم ومصممون عالميون. وهناك وسط هذا المركز التجاري مقهى كبير يتردد عليه نجوم المجتمع ويعتبر نقطة جاذبية كبيرة. وعلى الجانب الآخر من الفندق ملحق سكني فاخر يضم مجمعاً للشقق الفاخرة التي قد تصل قيمة الشقة الواحدة منها إلى 6 ملايين دولار. ويضم الفندق مجموعة من المطاعم الشهيرة في المدينة من بينها مطعم"سيزونز"الذي يقدم أطباق منطقة البحر الأبيض المتوسط بما فيها اللبنانية والإيطالية. وهناك ايضاً أشهر المطاعم المتخصصة في الوجبات التايلاندية ومن منطقة جنوب شرقي آسيا وهو مطعم"لاي ناي". وتم أخيراً افتتاح مطعم"البيت الأبيض"الذي يتخصص في الأطعمة الفرنسية. وكانت المحطة الثانية في رحلتي هي شرم الشيخ التي أصبحت تمثل الملاذ المثالي للهروب من شتاء لندن وأوروبا القارس خصوصاً خلال العام الحالي. ولا تخذلك الشمس هنا مطلقاً فإنها ستشرق لنحو 360 يوماً في العام. وهناك أيضاً مياه البحر الأحمر الدافئة بألوانها التوركوازية وكذلك بشعابها المرجانية الفريدة من نوعها التي يمكن ان تشاهد من خلالها الأحياء المائية من كل الأنواع. وتحيط بمنتجع فورسيزونز الذي أقمت فيه الصحراء الذهبية اللون التي تعانق الشواطئ الممتدة والبلاج الخاص بالفندق. وباتت شرم الشيخ قصة نجاح كبيرة للسياحة في مصر. فقد أصبحت بعد نحو عشرة أعوام من بدء حركة العمران الكبيرة فيها من أهم المراكز السياحية في العالم. وإذا قمت بزيارتها بعد غياب أشهر فإنك قد لا تتعرف إلى بعض معالمها بسبب التوسع المستمر فيها وانتشار مجموعة من الفنادق الفاخرة الجديدة، علاوة على المباني السكنية والمصارف العالمية ومجمعات التسوق بما فيها المولات العصرية. وأصبح مطار شرم الشيخ من أكثر المطارات التي تعج بالحركة، وقد اتسع مبنى الركاب على نحو ملحوظ، ما يجعله الأكبر بعد مطار القاهرة الدولي. ويتكلم الناس فيه معظم لغات العالم فهناك طائرات متجهة أو قادمة من الخليج أو مدن إيطالية وبريطانية وألمانية وإسبانية وروسية وغيرها. ويقع منتجع فورسيزونز على مسافة لا تبعد سوى أميال قليلة عن المطار، أي أنك تصل اليه بعد عشر دقائق من خروجك من مبنى الركاب. ويعتبر المنتجع المكان المفضل الذي يجعلك تنسى العالم الخارجي تماماً وتشعر فيه أيضاً مثل بقية فنادق المجموعة بأنك فعلاً الضيف المميز بسبب طابع الخدمة الفائقة التي يلقاها كل نزيل. ويقر المسؤولون في المنتجع ل"الحياة: ان عام 2009 كان صعباً مثلما هي الحال في بقية فنادق المجموعة في مصر، خصوصاً خلال الصيف الماضي. ولكن معدلات نسبة الإشغال بدأت ترتفع مع بداية العام الحالي وكانت بنسبة 95 في المئة خلال احتفالات الميلاد ورأس السنة الجديدة. ويمثل البريطانيون نسبة 30 في المئة من النزلاء، ويأتي الإيطاليون والألمان والروس في المرتبة التالية. وأوضح مدير المنتجع ان هناك خطة واسعة سيتم تنفيذها خلال العام الحالي لتجديد الغرف والأجنحة وكذلك التوسع في إقامة شاليات جديدة. وأصبح المنتجع قرية متكاملة الخدمات ويتوافر فيه شبكة كهرباء ومياه خاصة. ولأنه يطل على بقعة هادئة من ساحل البحر الأحمر، وبالتحديد على خليج العقبة ووادي فيران، فقد أصبح محط هواة رياضة الغوص والزوارق البحرية. وهو يبعد عن محمية رأس محمد للأحياء المائية بحوالى نصف ساعة بالسيارة او ساعة عن طريق الزوارق البحرية. وفي المنتجع مدرسة خاصة شهيرة لتعليم رياضة الغوص. وينظم الفندق رحلات سياحية خاصة الى مدينة دهب التي تشتهر هي الأخرى برياضة الغوص او الى دير سانت كاترين الشهير الذي يبعد نحو ساعتين عن المنتجع. ويقيم في المنتجع الزعماء والرؤساء وكبار المسؤولين خلال زياراتهم الى شرم الشيخ للمشاركة في المؤتمرات العالمية التي تعقد فيه على مدار العام. ولذلك أصبحت المدينة"مدينة مؤتمرات"بامتياز، فقد عقد فيها خلال العام الماضي نحو 665 مؤتمراً من بينها 130 مؤتمراً عالمياً أبرزها منتدى دافوس شرم الشيخ. وتشهد المدينة قريباً إقامة المارينا العالمية فيها لتضيف معلماً سياحياً جديداً وملاحياً كبيراً. وكان استئناف شركة بريتيش إرويز BA لخط رحلاتها المباشرة الى شرم الشيخ إضافة جديدة إيجابية للحركة السياحية فيها. ويقول المسؤولون في فورسيزونز ان هذا الخط الجديد الذي بدأ رحلاته يوم 29 تشرين الأول أكتوبر الماضي يعتبر مثالياً للنزلاء من رجال الأعمال والسياح البريطانيين. وتنظم الشركة ثلاث رحلات أسبوعياً من مطار غاتويك الى مطار شرم الشيخ. وتقوم شركة إيزي جيت Easy Jet أيضاً بتسيير رحلات منتظمة أربعة أيام في الأسبوع الى شرم الشيخ من مطار غاتويك. نشر في العدد: 17174 ت.م: 12-04-2010 ص: 32 ط: الرياض