خلصت اللجنة الوزارية العربية لمتابعة مبادرة السلام إلى قبول إجراء مفاوضات غير مباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين حدها الزمني أربعة أشهر"في محاولة أخيرة"لدفع عملية السلام وتسهيلاً لدور الولاياتالمتحدة، على رغم عدم الاقتناع بجدية إسرائيل في السلام. وتحفظت دمشق على القرار الذي أثار جدالاً في الجلسة الافتتاحية للدورة 133 لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزارء الخارجية أمس، إذ قاطع وزير الخارجية السوري وليد المعلم الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى أكثر من مرة لدى تلاوته بيان اللجنة العربية، ليؤكد أن قبول المفاوضات غير المباشرة لم يحظ بإجماع أعضاء اللجنة، وأن بلاده تتحفظ على هذا البند في البيان. واعتبرت دمشق أن التفويض العربي الممنوح للسلطة الفلسطينية لإجراء مفاوضات غير مباشرة"يشكل شكلاً من أشكال الشرعية للإجراءات الإسرائيلية في الأراضي العربية المحتلة". وتردد أن قطر ايضاً أكدت أنها لن تؤيد هذا الاتجاه في حال عدم وجود إجماع عليه. وإزاء هذه المواقف المعترضة، قالت مصادر مطلعة في الجامعة العربية إن بيان لجنة مبادرة السلام"سيطرح للنقاش أمام الجلسة 133 لوزراء الخارجية العرب لمناقشته وإصدار قرار من المجلس في شأنه". وأكدت اللجنة الوزارية العربية في بيانها أن المفاوضات الفلسطينية المباشرة تتطلب وقفاً كاملاً للاستيطان في الأراضي الفلسطينية، بما فيها القدس، وأن المحادثات غير المباشرة المقترحة من الولاياتالمتحدة لن تثمر في فراغ تملؤه الإجراءات الإسرائيلية غير المشروعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، خصوصاً في ضوء استمرار الانتهاكات في القدس والخليل وبيت لحم وقطاع غزة، ما قد يؤدي إلى فشل هذه المحادثات في حال استمرار هذه الممارسات الإسرائيلية. وقال البيان:"على رغم عدم الاقتناع بجدية إسرائيل في تحقيق السلام العادل، ترى اللجنة إعطاء الفرصة للمحادثات غير المباشرة كمحاولة أخيرة، وتسهيلاً لدور الولاياتالمتحدة في ضوء تأكيداتها للرئيس الفلسطيني". وحدد البيان آلية لإجراء هذه المحادثات ترتكز الى بندين: أولهما ألا تكون مفتوحة النهاية ووضع حد زمني لا يتجاوز 4 أشهر، والثاني ألا تنتقل المحادثات غير المباشرة إلى مفاوضات مباشرة تلقائياً، بل وفق ضوابط معينة وضعت في بيان مجلس الجامعة العربية الأخير في تشرين الثاني نوفمبر الماضي. وأضاف البيان أنه تقرر طرح الإجراءات الإسرائيلية في القدس والأراضي المحتلة على محكمة العدل الدولية، ومجلس الأمن، ومجلس حقوق الإنسان، والجمعية العامة للأمم المتحدة والدول الأطراف في اتفاقية جنيف، والطلب من كل وزارات الخارجية العربية التنسيق الفوري مع الأمانة العامة لتحقيق هذا الهدف، وتبليغ المجموعة العربية في منظمة الاممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة يونيسكو بالتحرك في مواجهة قرار إسرائيل غير الشرعي لضم المسجد الإبراهيمي ومسجد بلال بن رباح. وشددت اللجنة على ضرورة رفع الحصار عن غزة بشكل فوري، وطلبت من أميركا اتخاذ موقف واضح من هذا الحصار الظالم واللاإنساني. كما قررت عقد اجتماع لها في الأسبوع الأول من تموز يوليو المقبل لتقويم ومراجعة ما تفضي إليه الجهود القائمة والاتفاق على الخطوات المقبلة في هذا المجال. وتضمن القرار أنه في حال فشل المحادثات غير المباشرة، فإن الدول العربية ستدعو الى عقد اجتماع لمجلس الأمن لمعالجة النزاع العربي - الإسرائيلي بشكل كامل، والطلب من الولاياتالمتحدة عدم استخدام حق النقض الفيتو لأن فشل المفاوضات غير المباشرة والوضع في الأراضي الفلسطينية يتطلب ذلك. كما أكد أن تحقيق الحل الدائم والشامل للقضية الفلسطينية وإنهاء الصراع العربي - الإسرائيلي على المسارين السوري واللبناني يعد المدخل الأساسي لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة. وقال موسى في كلمته أمام اجتماع وزراء الخارجية العرب أمس إنه كانت هناك آراء مختلفة في ما يتعلق بموضوع المفاوضات غير المباشرة، فهذه المسألة حساسة"ونحن في إطار محاولة أخيرة". وأضاف أن كل المشاركين في اجتماع لجنة مبادرة السلام العربية كان مقتنعاً بأن المسار التفاوضي مع إسرائيل، تحت الظروف الحالية، أصبح غير مفيد، وأن إسرائيل بإجراءاتها المستمرة بالمس بالقدس والأقصى وفي الخليل وبإقامة المستوطنات تشكل تحدياً للجميع، وهو أمر يؤكد أن مسار التفاوض بات غير مجدٍ. وأكد أنه كان هناك توافق في الرأي بين الجميع على هذا الأمر. وأضاف:"أكدنا خلال الاجتماع أن الطرف الإسرائيلي في هذا النزاع غير معني بالتفاوض، والدليل على ذلك هو ما يقوم به من إجراءات على الأرض واستفزازات للجانب العربي ... الجانب الإسرائيلي غير مؤهل لمفاوضات حقيقية". وقاطع المعلم الأمين العام للجامعة العربية مراراً لدى تلاوته بيان اللجنة ليعلن تحفظ بلاده على البند لمتعلق بالدخول في مفاوضات غير مباشرة. وقال إنه لم يكن هناك إجماع في البيان الذي صدر، فوفد سورية أكد أن مثل هذا التفويض للسلطة ليس من اختصاص لجنة مبادرة السلام العربية، التي وجدت للترويج لمبادرة السلام وليس لإعطاء تفويض. وأضاف المعلم أن قرار الذهاب الى المفاوضات"قرار فلسطيني أولاً وأخيراً، سواء مباشرة أو غير مباشرة ... والجانب الفلسطيني أدلى بما لديه من ضمانات". وأكد ضرورة اتخاذ موقف عربي موحد في مواجهة النهج الإسرائيلي الحالي في الأراضي العربية المحتلة، وضرورة أن يستخدم العرب كافة ما يملكون من أوراق لدفع المجتمع الدولي، خصوصاً الدول الفاعلة، للضغط على إسرائيل لتوقف ممارستها هناك، خصوصاً تهويد القدس، واستهداف المسجد الأقصى واستمرار الاستيطان، وأن تنصاع لمتطلبات السلام. وقال وزير الخارجية السوري، رئيس الدورة 132 لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري، في كلمة ألقاها في افتتاح الدورة قبيل تسليمه رئاسة مجلس الجامعة لوزير التخطيط والتعاون الدولي الصومالي عبدالرحمن شكور ، ان سورية رحبت بالتوجه الأميركي الجديد في شأن عملية السلام السنة الماضية"لكنها أكدت أن متطلبات السلام معروفة، ومتفق عليها ومجمع عليها في قرارات عربية ودولية". واتهم إسرائيل بإفشال الجهود الرامية كافة لإحياء عملية السلام التي لم تأت بثمار بسبب نهجها الذي يقوم على استمرار الاحتلال وتصفية القضية الفلسطينية. وأكد ضرورة أن تكون منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل، مع حق الدول جميعاً في الاستخدام السلمي للطاقة النووية، مشيراً إلى أن إسرائيل تمنع إنشاء هذه المنطقة الخالية من الأسلحة النووية لأنها ترفض الانضمام لاتفاقية منع الانتشار النووي، بينما تقف الوكالة الدولية للطاقة الذرية عاجزة عن أي إجراء يمكنها من معرفة طبيعة السلاح النووي الإسرائيلي. ولفت المعلم إلى أن الانقسام الفلسطيني أمر بالغ الخطورة، داعياً إلى ضرورة وضع حد له، وقال إن"الأشقاء الفلسطينيين يجب أن يدركوا أن الوحدة يجب أن تكون أولويتهم، وسورية عملت ما تستطيع للمساهمة في المصالحة وإنهاء الانقسام إدراكاً منها لأهمية المصالحة". وشدد على أن"المصالحة قرار الفلسطينيين أولاً وأخيراً ... المصالحة ليست في صالح القضية الفلسطينية وحدها، بل في صالح كل القضايا العربية". وعقب الجلسة الافتتاحية، قال سفير سورية في القاهرة، مندوبها الدائم لدى الجامعة العربية يوسف أحمد:"توضيحاً لما جرى في جلسة افتتاح لجنة مبادرة السلام، وباعتبار أنني كنت رئيس وفد سورية في الاجتماع، أود أن أوضح أنه تبين لنا منذ اللحظات الأولى أن غاية الاجتماع هي إعطاء تفويض عربي لقرار فلسطيني متخذ للذهاب إلى مفاوضات غير مباشرة من دون أي ضمانات". وأشار إلى أنه أوضح في الاجتماع أنه ليس من اختصاص لجنة المبادرة العربية إعطاء مثل هذا التفويض، وإنما تتمثل مهمتها في تسويق هذه المبادرة لتحقيق أهدافها، وهي إقامة السلام العادل والشامل على كل الأراضي العربية المحتلة. وأضاف أن"إعطاء مثل هذا التفويض يشكل شكلاً من أشكال الشرعية للإجراءات الإسرائيلية في الأراضي العربية المحتلة، بدءاً من تهويد القدس، إلى الخطر الداهم على المسجد الأقصى، وصولاً إلى ضم الحرم الإبراهيمي، ناهيك عن الحصار الظالم على قطاع غزة، إضافة إلى سياسة الاستيطان التي لم تتوقف إطلاقاً". وقال:"إذا كانت اللجنة تتجه هذا الاتجاه، فإن سورية ليست طرفاً في الذي يجري، فالقرار هو شأن فلسطيني، وعلى القيادة الفلسطينية التي ستذهب إلى هذه المفاوضات أن تتحمل مسؤوليتها التاريخية تجاه ذلك". وأضاف:"لم يكن هناك إجماع خلال الاجتماع كما قيل خلال الجلسة الافتتاحية لمجلس وزراء الخارجية ... هناك وفد عربي آخر قال إنه إذا لم يكن هناك إجماع، فبلادي ليست في هذا الاتجاه". وقالت مصادر عربية ل"الحياة"إن السفير السوري كان يقصد قطر. وحضر اجتماع وزراء الخارجية العرب وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو الذي أكد في كلمته أمام المجلس أن بلاده راغبة في تعزيز علاقاتها مع العالم العربي. نشر في العدد: 17135 ت.م: 04-03-2010 ص: 9 ط: الرياض