تماهت، هي والهارب، تحتضن الآلة العتيقة، أصابعها تلاعب الأوتار، فتنساب الأنغام الذهبية، لتأخذ الجمهور بعيداً خارج قاعة المسرح الصغير في دار الأوبرا المصرية حيث قدمت منال محيي الدين، أول عازفة"هارب"في أوركسترا القاهرة، حفلتها أخيراً بعنوان"الهارب بين الشرق والغرب". تقول محي الدين:"الهارب يُصنف كآلة"نبرية"مثل القانون، وعلى رغم أصولها الفرعونية، لم يكتب لها أية مؤلفات شرقية حتى وضع لها الموسيقار فتحي سلامة مقطوعة"نهاوند"في عام 2002، بعدما شاركت مع فرقته"شرقيات"في حفلات عدة واستهوته الآلة، وبقية الريبورتوار من المقطوعات يُعمل على إعادة صياغتها حتى تلائم طبيعة الهارب كآلة، مثل مقطوعة"دعاء"للموسيقار عمر خيرت، و"ميس الريم"لزياد الرحباني، وموسيقى فيلم"أبو علي"لعمرو إسماعيل و"القمح الليلة"و"رقصة عزيزة"لمحمد عبدالوهاب و"لونجا"لرياض السنباطي، و"طلعت يا محلا نورها"و"عطشان ياصبايا"لسيد درويش ووضعت هذه الأعمال في ألبومي"أنامل شرقية"الذي صدر أخيراً". تضيف منال:"يُختار العمل الموسيقي الذي يمكن صياغته للهارب، ثم يختار الموسيقي الذي سيعده وغالباً ما يكون ذا دراية بالتأليف الموسيقي مثل محمد سعد باشا ورامز صبري. تأتي بعد ذلك مرحلة جلسات العمل للوصول للشكل النهائي، مع إمكان إعطاء مساحة للتقاسيم التي عادة ما تكون للناي أو الأوكورديون، وذلك واضح في مقطوعتي"نهاوند"و"عزيزة". لكن الأمر يختلف حيال الموسيقى الكلاسيكية فهناك أعمال مكتوبة أصلاً للهارب، وهي قليلة جداً مثل كونشيرتو في سلم صول الكبير من مؤلفات فاجينزايل، وبالتالي لا أستطيع الاقتراب منها، لكونها أعمالاً عالمية. وأعمال أخرى يتم أيضاً إعدادها للهارب مثل"فالس موزيتا"لوتشيني و"باساكاليا"لهاندل. وحاولت في هذه الحفلة العمل على إظهار إمكانات الهارب في عزف الكلاسيك، وأيضاً دورها وهويتها الخاصة في الشرقي. الاختلاف في الطريقتين يرجع إلى شعوري الجارف بالموسيقى الشرقية، فأعزفها بعقلي وقلبي معاً". وتضيف منال:"أعتقد أنني حققت بعض أحلامي مع الهارب، إذ تمكنت من امتلاك آلة خاصة بي لأنها غالية جداً ويصل سعرها الى أكثر من سبعين ألفاً من الجنيهات، وذلك بعد سفري في منحة دراسية الى المعهد العالي للموسيقى في فرتسبورغ في ألمانيا في عام 1984. وبفضل العازفة جيزل هربرت أصبحت لي شخصية مميزة في العزف، وبعد ذلك اشتركت معي في حفلات في دار الاوبرا كثنائي هارب. وخلال عملي طوال هذه السنين على نشر الهارب بين جمهور الموسيقى، أرى له صدى في الإقبال على حفلاتي وأصبح للهارب عشاقه". وتعمل منال الآن مع مجموعة من المتخصصين على كتابة نوتة خاصة بالهارب في الموسيقى الشرقية. يذكر أن منال محيي الدين اختيرت كأفضل عازفة هارب في العالم في 2007 في مهرجان الهارب في ريودي جانيرو. وتختتم منال حديثها موضحة أن"رنين الهارب يعبر عن الرومانسية، وله وقع ساحر على المستمع سواء في الغرب أو الشرق".