ارتفعت أصوات أميركية"منددة"بإعلان الاحتلال الإسرائيلي بناء 1600 وحدة استيطانية أثناء وجود نائب الرئيس الأميركي جو بايدن في فلسطينالمحتلة، مطالبة تل أبيب بالتراجع عن القرار. كلام أميركي في ظاهره جميل، ولكنه غير كافٍ وغير صادق لا من حيث الشكل ولا من حيث المضمون"فالإدارة الأميركية لم تُحدث انقلاباً، ولم تغيّر حقيقة موقفها من الاستيطان، فإذا كان الرئيس الأميركي أوباما تراجع بنفسه عن مطالبته بوقف الاستيطان قبل استئناف المفاوضات، ولم يستطع إلزام الاحتلال الإسرائيلي بذلك، فهل يمكن أن تحدث تلك التصريحات الإعلامية تغييراً جوهرياً ملموساً على الأرض؟! واشنطن كانت وما زالت الداعم، والراعي، والشريك الاستراتيجي للاحتلال الصهيوني حتى على صعيد الزحف الاستيطاني نحو القدس والضفة الغربية، وهذا ما تصدقه الوقائع على الأرض في عهود الإدارات الأميركية السابقة، وعهد أوباما الذي مارس ضغوطاً على عباس والعرب لدفعهم للقبول بالمفاوضات غير المباشرة في ظل استمرار الاستيطان، على رغم ما يمثله ذلك من حرج للعرب ولعباس وفريق التسوية السياسية أمام الرأي العام. انزعاج الإدارة الأميركية لا يمثل تغييراً جاداً في الموقف، فهو رد فعل شكلي بسبب توقيت الإعلان عن بناء وحدات استيطانية جديدة أثناء وجود نائب الرئيس بايدن"فتوقيت الإعلان أظهر حقيقة تواطؤ الإدارة الأميركية مع إسرائيل في مشاريعها الاستيطانية وإجراءاتها لتهويد القدس، وهذا ما لا تريده الإدارة الأميركية والرئيس أوباما الساعي لإبراز نفسه كراعٍ"نزيه"للسلام في الشرق الأوسط. إذا كانت الإدارة الأميركية صادقة في موقفها، فلا يكفي مجرد المطالبة الإعلامية بوقف بناء وجبة استيطانية لا تمثل إلا نقطة في بحر، فالمطلوب الوقف التام والشامل للاستيطان لأنه مخالف للقانون الدولي، ولمتطلبات عملية التسوية السياسية التي ترعاها واشنطن، وإلا فإن"التنديد"الأميركي حتى وإن أدى الى وقف بناء ال 1600 وحدة استيطانية لا يمكن تفسيره إلا في سياق ترميم صورة الإدارة الأميركية نتيجة العجرفة الإسرائيلية، ومن جانب آخر محاولة واشنطن تخفيف الحرج عن حلفائها من دول"الاعتدال"العربي الذين وقعوا فريسة الخداع الأميركي والغطرسة الإسرائيلية التي لم تراع أدنى حدود اللياقة الديبلوماسية معهم، وهم الذين استجابوا لرغبتها في استئناف المفاوضات من دون وقف للاستيطان. أحمد الحيلة - بريد إلكتروني