تعد الدول الآسيوية العدة لاحتمال اندلاع نزاع عسكري، على وقع اندلاع الحرب الكلامية بين الصين واليابان إثر بروز خلافهما على ملكية جزر في بحر جنوبالصين. وبحسب معهد ستوكهولم لأبحاث السلام، تضاعف الإنفاق على شراء السلاح في جنوب شرق آسيا بين 2005 و2009. وعلى رغم الأزمة الاقتصادية العالمية، لم يتراجع الإنفاق على السلاح في هذه المنطقة. ويرى تجار أسلحة روس وغربيون أن آسيا هي منجم ذهب أو الأرض الموعودة. وانبعاث الإنفاق على السلاح مرده الى إرجاء عدد من الدول الآسيوية تجديد ترسانتها خلال الأزمة المالية الآسيوية، في التسعينات ومطلع عام 2000. ولكن سباق التسلح هذا أطلقته غلبة العسكر على أنظمة دول كانت تاريخياً عدائية ومضطربة. فعدد من الدول الآسيوية يعزز صلاحيات القوات المسلحة، على ما يحصل في باكستان، والصين، وكوريا الشمالية. وتشعر دول المنطقة الديموقراطية بالخطر. ولذا، بادرت الى تعزيز قواتها المسلحة. فماليزيا أنفقت، أخيراً، نحو بليون دولار على غواصات جديدة يفترض أن تجول المياه المتنازعة سيادتها مع الصين. وأعلن الجيش الاندونيسي عزمه شراء 9 أسراب جديدة من المقاتلات الحربية الجوية. وتخشى تايلندا أن تنتقل عدوى النزاعات بين العسكر والاثنيات الصغيرة في بورما الى اراضيها. ولذا، ضاعفت موازنتها الدفاعية بين 2006 و2009. وزادت الهند موزانتها العسكرية 20 في المئة، العام الماضي. ولم تتوانَ تايوان، على رغم أنها لا تريد المغامرة بإغضاب بكين، عن إنفاق 6 بلايين دولار على أسلحة أميركية جديدة، منها مروحات حربية وصواريخ. وترفع بكين قيمة موزانتها الدفاعية 10 في المئة، سنوياً، وهي تبني أسطولاً بحرياً عسكرياً لا يستهان به. وليس تعاظم قوة الصين العسكرية مرآة تنامي وزنها الاقتصادي فحسب. فنفوذ القوات المتسلحة يتعاظم في الحياة السياسية الصينية. وعلى خلاف سلفيه دانغ جياوبينغ وجيانغ زيمين، ليست علاقات الرئيس الصيني الحالي وسلفه المزمع وثيقة بالمؤسسة العسكرية. واستقرار الصين اكثر رسوخاً من استقرار غيرها من الدول الآسيوية المتعكسرة، على غرار باكستان، وهي أكثر الدول اضطراباً في العالم. فالجيش الباكستاني يمسك بمقاليد السلطة في باكستان. وزاد إنفاق باكستان العسكري 17 في المئة، في موازنة 2010 - 2011. ويقود قائد الأركان الباكستاني، الجنرال أشفق كياني، مبادرات بلاده الديبلوماسية مع الولاياتالمتحدة وغيرها من دول العالم. ويقرّ مسؤولون في إدارة أوباما، وراء الأبواب المغلقة، بأنهم يقدمون التعامل مع كياني على التعامل مع الرئيس المدني الضعيف، آصف علي زرداري. وفي بورما، يحاول العسكر زيادة نفوذهم في مرحلة انتقال السلطة من جيل العسكر المسن الى الجيل الشاب. وبذل العسكر في بورما أخيراً 600 مليون دولار لشراء مقاتلات جوية روسية. ويدور الكلام على مباشرة عسكر بورما مشروعاً نووياً بالتعاون مع كوريا الشمالية. وفي بيونغ يانغ، تنتقل السلطة من كيم يونغ ايل الى خلفه الشاب. وأحكم العسكر قبضتهم العسكرية على السلطة في بيونغ يانغ. فشعبية الوريث الشاب أضعف من شعبية والده. ويرجح أن تزداد اعتداءات كوريا الشمالية على جيرانها على وقع ضعف القائد الكوري الشمالي وتجاذب اجنحة الجيش السلطة. ويرى كثر أن قرار إغراق السفينة البحرية الكورية الجنوبية صدر عن جهة مدنية كورية شمالية لاسترضاء العسكر. وتعاظم نفوذ جيش التحرير الشعبي الصيني هو وراء انبعاث نزاعات بكين مع دول الجوار في بحر جنوبالصين. ولكن تعزيز صلاحيات القيادات العسكرية يزعزع استقرار الدول الآسيوية الديموقراطية السياسي. ففي تايلندا، يفوق نفوذ قائد الجيش نفوذ رئيس الوزراء. وتورط العكسر في الفيليبين باغتيال مئات الناشطين اليساريين، في العقد الماضي. وتذرع الجيش الاندونيسي بالمخاطر الاقليمية لبعث نفوذه. وفي بعض الدول الآسيوية، لا يتهدد تعاظم القوة العسكرية الأنظمة الديموقراطية. ففي الهند وكوريا الجنوبية، يصدع العسكر بسلطة الحكم المدني. * باحث في مجلس علاقات جنوب شرقي آسيا، عن"نيوزويك"الاميركية، 22 / /11 2010، إعداد منال نحاس