"لا عذر للدم" ديوان جديد للشاعرة هدى النعماني صدر عن الدار التي تحمل اسمها وهو الرابع في سلسلة"كتاب الهاء"وأهدته"الى السابحة بصمت الأرض أمنا التي علّمتنا البكاء". وفي مفتتح الديوان:"كل هذا الفسق، هذه الشهب المسوّرة بالليل". وحمل الديوان في طبعته الفاخرة كلمة على الغلاف الخارجي كتبه الشاعر والخطاط سمير الصايغ، ولعلها خير مدخل الى شعر النعماني الفائض بالصوفية والحكمة، وفي كلمة الصايغ: في"لا عذر للدم"، تنغلق لغة هدى، كما دوماً، إذا كان السعي الوصول سريعاً الى معنى الكلمات. تنغلق وتنسدلُ كحجاب أو تقف كحاجز. اللغة هنا في مثل هذه الكتابة، أو في مثل هذا البوح، ليست أداةً لنقل المعاني وليست وسيلة تفاهم وتواصل، ولا تسعى الى بلاغةٍ أو أناقةٍ، أو الى إنشاءٍ ونحت. هي لغة تجيء من معجم آخر تتكوّن فيه الكلمات ككائنات وتتجلّى كمشاعر وأحاسيس، أو تتجلى كصور وأحلام. كلمات هي أصوات وآهات، أناشيد وأنغام. هي هنا لغة القلب في أحواله ومواجيده ولغة الروح في معراجها وتحولاتها. لغة مثل هذه اللغة يتم التقدم نحوها عن طريق الإلفة والتودد، وتتم قراءتها كأنها تسمع... لغة تقرأ كأنها تمائم وأحجية وأسرار، أو كأنها صلوات وتسابيح وتمتمات، عندها ترفع هذه اللغة الحجاب فتأخذنا الكلمات الى الأحوال نفسها والمشاعر نفسها والأحاسيس نفسها والأحلام نفسها التي يحملها أو يتناولها النص، فيتم الفهم، أو ينجلي المعنى. انها لغة قلبٍ غارقٍ في وجده وغيبوبته ولغةُ روحٍ يحاصرها حزنٌ وانقباضٌ ولغة خيال يعبرُ حلمه سرمدياً لا يفرق ين اليقظة والنوم. نحن أمام نص جامع، كتابة تتناول الفلسفة والحكمة والدين والسياسة معاً وتتحدث عن الماضي والحاضر والمستقبل معاً. نصّ يقف أمام الوجود، أمام التاريخ أمام الغيب أمام الإنسانية ليرثي، ليعظ، ليسائل، ليدين، ليتأمل، ليعتبر، لينغلق، ليحتار. نص يقف وقفة الشعر ووقفة التصوف ووقفة الحلم ووقفة السحر ووقفة الشهادة. نص لنعيد قراءته، لنعيد تأويله، لنعيد سماعه، لنعيده تفسيره، لنعيد فهمه. نص ليبعدك عنه، ويقربك منك".