فندق شيدي الحجر في العلا يفتح أبوابه للضيوف    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق تداولاتها على تباين    مناحل بيش تحصد ثلاث ميداليات ذهبية جديدة وميدالية بلاتينيوم في باريس    جمعية «صواب» بجازان تختتم دورة «التسويق الإلكتروني»    سهرة حجازيّة مميزة في دار فرنسا بجدة    الأشراف آل أبو طالب يحتفون بيوم التأسيس في صامطة    اليونيفيل تطالب بتحقيق "فوري" بعد إحراق مركبة تابعة لها في بيروت    مجلس إدارة "أوبن إيه.آي" يرفض عرضا من ماسك بقيمة 97.4 مليار دولار    %72 من الشركات السعودية تستعين بحلول الذكاء الاصطناعي    ترامب يعتزم فرض رسوم إضافية على السيارات المستوردة    وزير الخارجية الأردني يؤكد على موقف بلاده الثابت في رفض تهجير الفلسطينيين    فريق سومي لي يتوج بلقب بطولة صندوق الاستثمارات العامة للسيدات    «العودة» إلى رتبة لواء    متوسطة العلاء بن الحضرمي تحتفل بيوم التأسيس    سيدات القادسية إلى نهائي كأس الاتحاد السعودي    السعودية تجمع ترمب وبوتين    "الهلال" يُصدر بياناً إعلاميّاً يستغرب خلاله من الحالات التحكيمية في مباراته أمام الرياض    تحت رعاية الأمير مشعل بن محمد.. تكريم رواد التطوع في حفلٍ مجتمعي بالرياض    رابطة العالم الإسلامي تُدين جريمة الدهس بميونخ    زراعة عسير تطلق فعالية خيرات الشتاء    غونتر: بداية قوية.. وأوليفر: المنعطف الأخير «محبط»    وزير الرياضة: نتطلع لاستضافة دورة الألعاب الآسيوية الشتوية" نيوم 2029″    بعد تألقه مع النصر.. دوران يحظى بإشادة كولومبية رهيبة    السعودية تدين وتستنكر حادث الدهس الذي وقع في مدينة ميونخ    إطلاق مبادرة «لحومنا آمنة» في خميس مشيط    الهلال يتعثر في الرياض    القبض على بنغلاديشي ومواطن في القصيم لترويجهما «الإمفيتامين»    الفتح يستفيق بالفوز على الاتفاق    هيئة فنون العمارة والتصميم تحتفي بمرور 5 أعوام على تأسيسها    الأمير عبدالإله بن عبدالرحمن آل سعود يزور معالي الشيخ علي بن شيبان العامري    جمعية أسر التوحد توقع مذكرة تفاهم مع شركة رانج لتعزيز التعاون الإعلامي والتسويقي والمعارض    «البيئة» ترصد هطول أمطار في 7 مناطق.. والرياض تسجّل أعلى كمية    إعادة النبض لمعتمر باكستاني في الحرم المكي    منصة توقيع الكتب.. تجربة فريدة في معرض جازان للكتاب 2025    السعودية تشيد بالمكالمة الهاتفية التي جرت بين الرئيسين الأميركي والروسي    السعودية ضمن أكبر 10 أسواق عالمية في تخزين الطاقة    إمام وخطيب المسجد الحرام: اتركوا أثراً جميلاً في وسائل التواصل.. لتبقى لكم بعد مماتكم    خطيب المسجد النبوي: الذنوب تمحى بالاستغفار ما لم تبلغ الكفر والشرك بالله    منفذ الوديعة: إحباط تهريب 17 ألف حبة «كبتاجون» و4 كيلو حشيش    «سلمان للإغاثة» يختتم 3 مشاريع طبية تطوعية في دمشق    (رسالة مريض ) ضمن مبادرة تهدف إلى تعزيز الدعم النفسي للمرضى.    اعتزال الإصابة    الرياض تحتفي بإبداعات عمر خيرت في ليلة تاريخية    ديوانية القلم الذهبي تعقد أولى جلساتها النقاشية    جودة الحياة في ماء الثلج    لماذا التشكيك في رجاحة عقل المرأة..؟!    القوة الجبرية للمتغيب عن جلسات القضايا الزوجية    عطني المحبة كل المحبة.. عطني الحياة..!    محمد بن فهد.. ترحل الأجساد وتبقى الذكرى    في يوم النمر العربي    العنوسة في ظل الاكتفاء    أيهما أسبق العقل أم التفكير؟    مدير عام تعليم مكة يدشّن المعرض الفني واحتفالية يوم التأسيس    إحتفال قسم ذوي الإعاقة بتعليم عسير بيوم التأسيس السعودي    نائب أمير الشرقية يستقبل أعضاء مجلس إدارة جمعية "إطعام"    الحلم النبيل.. استمرار للمشروع السعودي    سعود بن خالد رجل من كِرَام الأسلاف    ثمن المواقف الأخوية الشجاعة للسعودية والأردن ومصر.. الرئيس الفلسطيني يشدد على اعتماد رؤية سلام عربية في القمة الطارئة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ردة السفياني ... وميض النص وما وراء النص
نشر في البلاد يوم 09 - 06 - 2013

الدخول الى عالم شعراء الطائف يحتاج الى التزود بزاد اللغة والخيال الخصب لأنهم لا يكتبون النص الذي يمكن قراءته من أول وهلة بل هم من يفتح الآفاق لسبر أغوار القصيدة لفهمها أو على الأقل محاولة فهمها . لست هنا بصدد الحديث عن التجربة الشعرية لشعراء الطائف لأني أجزم أن ذلك يحتاج الى دراسات أكثر عمقا وإنصافا وليس مجرد مقال عابر. اليوم أحاول أن أدخل الى عالم أحد أجمل شعراء الطائف وصاحب تجربة ناضجة جدا تمنح القارئ وجبة دسمة من الشعر وما وراء الشعر ، شاعر قدم نفسه كوجه مشرف للتجربة الحديثة في النص التقليدي فهو يقدم القصيدة الحداثية داخل قالب القصيدة التقليدية بإحترافية مذهلة .
ردة السفياني اسم يجمع عليه كل منصف للشعر الحقيقي وكل من يبحث عن الشعر بقيمته المرتفعة البعيدة عن تصنيف المجلات والقنوات الشعبية وبرامج المسابقات !!
يقول أدونيس " أنه في كل قصيدة عربية عظيمة ، قصيدة ثانية هي اللغة " واللغة هنا لا نعني بها لغة النحو والصرف بل لغة وميض وبصيرة ! ومن هذا المنطلق نجد أن اللغة الشعرية العميقة في نصوص ردة السفياني تأخذنا الى البعيد جدا حيث الصورة والفكرة والمراوغة في آن واحد .
أنا أؤمن بالنص الواحد كتجربة كفيلة بالاحترام كنص مالك بن الريب الذي خلد شاعره ولكني اؤمن بشكل اكثر بالتجربة الشعرية التي بنيت بعدد من القصائد المترابطة فكريا لتقدم التجربة الناضجة المتكاملة التي تستحق الخلود ولأن شاعرنا هنا من هذا النوع فسأتجاوز تجربة النص الواحد الى أخذ ومضات شعرية من تجربة الشاعر لنبين فيها ما ذهبنا اليه من حيث اللغة والحداثة والصورة في شعر ردة السفياني :
في قصيدة ( الطفل المشاغب ) التي تمثل أنموذج صالح لدراسة الإتجاه الفكري الثائر عند شعراء العامية يمنح الشاعر فضاء رحب نحو تصور ضيق الرؤية عن الطرف الآخر والرؤية الأوسع في رؤية الشاعر للأمور فحين يقول :
ليه يا استاذي الكريم أرسب وانا اللي حافظ التاريخ وانشودة بلادي!!
تذهب بنا ( ليه ) الى كل الأسئلة الثائرة التي تنادي بالحقوق المسلوبة وفي نفس الشطر الطويل جدا والذي اختار فيه الشاعر أن يكتب قصيدته على هذا البحر وكأنه يقول هنا كلاما كثيرا بحجم ما نريد أن نقول وبحجم ما نريد أن نذهب اليه يختزل الفكرة في ( التاريخ وأنشودة بلادي ) كمتطلبات وممتلكات !!
وفي نفس القصيدة يحاول أن يلامس أطراف الحقيقة دون أن يجزم بها وكأنه يرغب مشاركة القاريء في حل رموز القصيدة دون ان يفرض عليه رؤيته فيقول :
والوحيد الفرق مابيني وبينه كنت انا ثاير وسامي كان هادي
هذه القصيدة تمنح القارئ النفس الطول من الكلام والفكرة والمراوغة الشعرية وإطلاق الخيال نحو الكلام المباح وغير المباح.
وفي نص آخر بعنوان ( مثل من ؟! ) يستعرض الشاعر قدرته على التشبيه بأربعة عشر مثلا يطلقها في كل شطر من القصيدة لكنه ليس استعراض لغة فحسب بل هي أمتداد لتجربته التي قلنا عنها سابقا وهي وميض الفكرة والسؤال التي تحول القاريء الى باحث ومسافر الى ما وراء النص فيقول في مطلع القصيدة :
مثل من ؟ بالضبط مثل الفقر بعيون أجودي
مثل شيخٍ ما غسل سجادته غير الدعاء
مثل ما كل الوجوه اللي تظل وتهتدي
مثل فرحة طالب مهمل بيوم الاربعاء !
ليستمر في طرح الأمثلة غير المترابطة في الصورة الكلية وكأنه يقف على مرتفع شاهق ليشاهد أشياء لا نراها ويبدأ في تشبيهها ولفهم النص أكثر لابد أن تقف في نفس المكان أو أن تبدأ باختبار قدراتك على حل الكلمات المتقاطعة لوضع صورة لكل شطر ثم جمع تلك الصور وربطها للوصول الى قراءة فعلية لهذا النص ، هذا النص هو لوحة تشكيلية يحتاج القاريء الى الخيال أكثر من البصر لقراءته .
وفي قصيدتي (سادن الكهف ) يأخذنا الشاعر الى العمق الفلسفي لرؤيته للأمور فيخاطب في نصين سادن الكهف بخطاب بدأ الأول بقوله:
يا سادن الكهف ناداك التعب والجرح حياك
كلمتنا كيف صوت الذات فينا مات فينا
وفي نصه الآخر ( سادن الكهف 2 ) يقول
سامحيني يا دروب العشق حالي رث حاله
والمكان اللي نما في ذاكرة صوتي ندبني
مالذي حدث منذ النص الأول حتى الثاني ؟! هل كان سادن الكهف أكثر حرية أو قسوة في الكلام وهل أصبح أكثر إنكسارا ورغبة في السكوت ؟؟ كلها اسئلة مباحة في قراءتنا لنصوص ردة السفياني لكن !! وهذا المهم أننا لا نستطيع أن نقرأ تلك النصوص بدون أن نعطي لخيالنا حرية السفر الى ما وراء النص .
الحقيقة أنني حين بدأت الكتابة عن هذا الشاعر كنت أعتقد أنني سأطرح بعض أبيات تمنح القاريء رؤية كافية عن فكرة وميض النص وما وراء النص لكني أكتشفت أنني أمام نصوص مكتملة البناء والفكرة من الصعب تجزئتها ولذا أقول وبثقة تامة أن من يبحث عن تجربة ثرية تمنحه الشعر وما وراء الشعر فليقرأ لردة السفياني ( جميع نصوصه ) وبعدها سيجد أن الشعر قصيدة ولغة أخرى لا يجيدها الى الكبار وردة السفياني أحدهم بكل اقتدار .
بقي لنا قبل أن ننهي هذه الرحلة لنقف مع نص قريب للشاعر كما أعتقد – هو عنوان ديوانه واسم ابنته – قصيدة ( رفيف ) الذي وبرغم أنه موجه الى طفلة يتغنى بها والدها الا أنها لم تستطع بكل جاذبيتها أن تشد هذا الشاعر المنطلق الى نص مباشر مفهوم وواضح بل أستمر في نهجه وطريقته المعهودة ليمنح النص كل الآفاق الممكنة :
رفيف .. غني للورق حزن الاقلام
مات البطل باول فصول الرواية
كذاب من قال الرضا سيد الاحكام
شفني رضيت بطاعتي للعصاية
شكرا ردة السفياني على كل هذا الشعر وما وراء الشعر ولك عزيزي القاريء أن تذهب الآن لقضاء وقت ممتع مع قصائد ردة السفياني وقراءتها كما تشاء فقط خذ الديوان بين يديك واطلق العنان لخيالك وسافر .. سفرا سعيداً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.