سارعت مجموعة مسلحة يُعتقد أنها تابعة لإحدى سرايا"تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي"، أمس، إلى إطلاق رجل أعمال خُطف قبل نحو أسبوع في منطقة القبائل شرق العاصمة الجزائرية، في حين قُتل أحد مرافقيه عندما حاول الفرار. وجاء الإفراج عن رجل الأعمال في وقت أعلنت مجموعات واسعة من سكان المنطقة"إضراباً شاملاً"اليوم احتجاجاً على استمرار عمليات الخطف. وأُطلق رجل الأعمال"س. عمر"، فجر أمس، بعد أسبوع من خطفه، في منطقة قريبة من دائرة مقلع شرق تيزي ووزو 110 كلم شرق العاصمة. وعلمت عائلته بخبر إطلاقه من طريق اتصال هاتفي من قبل خاطفيه يبلغهم بموقع تواجده. وقالت مصادر محلية إن العائلة لم تدفع أي فدية لقاء إطلاقه. ويُعتقد أن المجموعة المسلحة أقدمت على إخلاء سبيله بسبب حالة الغضب التي اجتاحت المنطقة إثر مقتل شخص آخر كان برفقته. وكان رجل الأعمال يستقل سيارته برفقة قريب له، لكنهما وقعا في مكمن نصبته لهما مجموعة مسلحة. وبينما وقع الأول رهينة، حاول الثاني الفرار ما عرّضه لإطلاق رصاص وقد لفظ أنفاسه الأخيرة يوم الجمعة في عيادة بتيزي ووزو ودُفن السبت وسط جماهير غفيرة جاءت من مختلف ربوع الولاية. كما حضر مراسم جنازة الضحية رئيس المجلس الشعبي الولائي لتيزي ووزو، إضافة إلى عدد كبير من المقاولين ورجال الأعمال. وبدأت الأحداث تتطور مباشرة بعد دفن الضحية، إذ أُعلن عن موجة"احتجاج"من طريق"إضراب شامل"كان من المقرر البدء به اليوم بهدف الضغط على الخاطفين لإطلاق الرهينة، ما جعل العناصر الخاطفة على ما يبدو تُخلي سبيله خشية اندلاع مواجهات بينها وبين السكان المحليين. وتُعد هذه المرة الثالثة التي يأخذ فيها السكان على عاتقهم المواجهة المباشرة مع تنظيم"القاعدة"الذي ينتشر قياديوه في محاور جبلية عبر امتداد منطقة القبائل. وطرحت أمام محكمة تيزي ووزو قضايا عدة ضد مسلحين متهمين بالتورط في عمليات اختطاف وابتزاز لعائلات مقاولين وأثرياء. وعادة ما يخصص التنظيم المبالغ الضخمة التي يحصل عليها من الفديات التي يتلقاها لشراء الأسلحة والذخيرة والمؤن، الأمر الذي جعل قوات الأمن تدعو رجال الأعمال إلى توخي الحيطة والحذر في تنقلاتهم. وتعتقد السلطات أن الظاهرة تطاول بالأساس ثلاث ولايات رئيسة في منطقة القبائل هي تيزي ووزو وبومرداس والبويرة. وتتمركز في مناطق القبائل قيادة التنظيم وعدد من الكتائب والسرايا. ويقول من يوصفون ب"التائبين"عن النشاط المسلح إن جزءاً كبيراً من أموال الفدى - التي يُنظر لها بوصفها"غنائم"- يتم تحويله إلى استثمارات تجارية بعيداً من أعين مصالح الأمن ويتولى إدارتها أشخاص غير مطلوبين لدى الأجهزة الأمنية. ويستهدف رجال الأعمال وأبناء العائلات الثرية في منطقة القبائل من قبل سرايا مسلحة تنشط تحت لواء"القاعدة". وتحتل منطقة القبائل المرتبة الأولى على الصعيد الوطني في حالات الخطف التي تُنسب إلى التنظيم. لكن الفترة الأخيرة سجّلت تحولاً غير مسبوق في تعاطي السكان مع هذه الظاهرة، وتأسست حملات تضامن واسعة بين سكان المداشر والقرى النائية في المنطقة، وكادت تتحول الاحتجاجات أحياناً إلى مواجهة مسلحة مباشرة بين المواطنين الغاضبين ومسلحي التنظيم. وعلى رغم الإفراج عن الرهينة، إلا أن جمعيات محلية رفضت التخلي عن فكرة"الإضراب"والخروج اليوم في مسيرات غاضبة. وقرر سكان قرية إمخلاف حيث وقع الحادث، والقرى والبلدات المجاورة لها تنظيم مسيرة حاشدة في"فريحة"، إحدى أهم المناطق الحضرية في ولاية تيزي ووزو، ل"التنديد بالتخويف الذي تمارسه القاعدة".