تظهر شارات كثير من الأفلام التسجيلية والقصيرة والتجريبية والتحريك، التي تعرض خلال مهرجان الإسماعيلية السينمائي المقام حالياً في المدينة التي منحت المهرجان اسمها، مساهمة هذه القناة التلفزيونية أو تلك في الإنتاج، إلى جانب شركات وجهات رسمية أو أهلية. وهذه المساهمة ليست جديدة، بل الملاحظ أنها راحت تتكرس وتتعاظم، تدريجاً، عبر السنوات حتى غدت المصالحة بين الشاشتين الكبيرة والصغيرة أمراً واقعاً لا مفر منه، بعدما كانت ولسنوات طويلة، مستحيلة في نظر البعض، أو صعبة التحقيق لدى البعض الآخر"المتفائل. لا يمكن أحداً أن يعترض على مثل هذه الشراكة، أولاً لأن الجهة المنتجة لا تدخل في حسابات تقويم الفيلم السينمائي. والأمر الآخر يتمثل في أن التلفزة، على ما يبدو، تحقق أرباحاً طائلة، وبدلاً من أن تسخر هذه الأموال في مواقع غير مناسبة، وإنتاج برامج بائسة، فإن من الأفضل أن تستثمر لمصلحة انتاجات سينمائية تسجيلية وقصيرة، بما ان الإنتاج الروائي الطويل يتطلب إمكانات مالية عالية قد لا تقوى التلفزة على المغامرة بها. بهذا المعنى، فإن التقارب التلفزيوني - السينمائي لم يعد خفياً، فالهوة تضيق شيئاً فشيئاً بينهما. فعلى رغم أن كثراً من المخرجين السينمائيين ونجوم السينما كانوا يتعففون عن العمل في التلفزيون، يبدو أنهم لم يصمدوا كثيراً، بعدما وجدوا أن الخصومة المزعومة ليست سوى تنظيرات تدحضها صلة القرابة البصرية بين الوسيلتين. ولعل أكثرهم تزمتاً برر الأمر بأنه استعار لغة السينما لتوظيفها في الدراما التلفزيونية. هذه المكابرة - الذريعة، لا تلغي حقيقة أن مجالات التعاون والتوأمة تتوسع، ففضلاً عن مساهمة التلفزيون الواسعة في الإنتاج السينمائي، وهذا يعد ركناً رئيساً لظهور أي فيلم، فإن التلفزيون يواكب شقيقته الكبرى في المهرجانات السينمائية التي تعج، عادة، بمراسلي الفضائيات، لتغطية الحدث من مختلف الجوانب. وهي تستثمر هذا الجو الكرنفالي من أجل دعاية مشروعة، بل انه لا تكاد تخلو شاشة فضائية من برنامج سينمائي، ناهيك بالطبع عن تلك القنوات التي راحت تتخصص في عرض الأفلام السينمائية الطويلة الأجنبية والعربية. حتى الأفلام التسجيلية والقصيرة التي تصعب مشاهدتها على شاشة السينما ذاتها، فإن المجال الأنسب لتلك المشاهدة هي شاشة الفضائيات. وحتى من الناحية التقنية الفنية، فإن المادة البصرية التي تنتج للتلفزيون، ومثيلتها المادة البصرية السينمائية تنتجان بكاميرا واحدة ديجيتال، لدرجة أصبح معها الحديث عن تفاوت وتباعد بين التلفزة والسينما ضرباً من العبث، وكم من مادة تلفزيونية أثارت الإعجاب في مقابل مادة سينمائية رديئة، والعكس صحيح بالطبع.