يفتتح الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي غداً، المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، في حضور رئيسة سويسرا دوريس لويتهارد التي تشغل أيضاً منصب وزيرة الاقتصاد، إلى جانب رؤساء تنزانيا وجنوب أفريقيا والمكسيك والبرازيل وكولومبيا وكوريا. ويستعد منتجع دافوس السويسري لاستقبال فعاليات الدورة الأربعين للمنتدى الاقتصادي العالمي الذي يستمر لغاية 31 كانون الثاني يناير الجاري، وسط مشاعر متناقضة حول برنامج المنتدى للسنة الحالية. فالمنتدى أعلن على لسان مديره ومؤسسه البروفسور كلاوس شفاب، أن برنامجه يعالج هذه السنة، مفهوم إعادة القيم والمبادئ وإعادة الهيكلة والبناء، مركزاً على محاور ستة تبدأ ب"كيفية تأسيس إطار للقيم والمبادئ"لتعرج على"كيفية تقوية الخدمات الاجتماعية التطوعية"وصولاً الى"كيفية تخفيف الأخطار العالمية للتمكن من تحديد الأخطاء والحرص على الاستدامة وتحسين الأمن وبناء مؤسسات فعالة". وتعزى أسباب اختيار المحاور، كما ساقها شفاب في مؤتمر صحافي دشن به برنامج المنتدى، إلى ضرورة إعادة التفكير في القيم السائدة لأن العالم أصبح متعدد الثقافات، ما يفرض على صنّاع القرار السياسي والاقتصادي إعادة تصميم برامجهم وإعادة بناء المؤسسات"للتعامل مع المشكلات والتحديات المطروحة على الأجندة الدولية". ويعترف شفاب بأن ما يحدث في العالم الآن"يؤكد بوضوح أن النظام الحالي للتعاون الدولي ليس كافياً"، ويطالب بالتصدي لهذا الوضع من خلال"النظر بطريقة منظمة واستراتيجية ومتكاملة في الأجندة الدولية، وتحديد مجالات التعاون الدولي بوضوح". مناهضو العولمة يرون في تصريحات شفاب، اعترافاً واضحاً بأن المنتدى قد فشل في أهدافه طيلة أربعة عقود متواصلة حرص خلالها دوماً على تذكير منتقديه ومعارضيه بأن هدفه الأساس هو استقرار العالم اقتصادياً وسياسياً. ويستند مؤيدو هذا الرأي الى امتناع عضو إدارة تحرير مجلة"بينزنس ويك"الأسبوعية الأميركية وأحد المدافعين عن دافوس بروس ناسبوم، عن حضور دورة هذه السنة معتبراً أن المنتدى"وافته المنية"، وقال في مبررات مقاطعته:"لقد فشلت نظرية تنشيط الاقتصاد الفعّال في عالم بلا حواجز تجارية ولم تثبت صحة المزاعم التي ترى أن جميع سكان الأرض استفادوا من العولمة". منظمة"إعلان برن"غير الحكومية تشكك في بيان لها بالتضامن مع الفرع السويسري لمنظمة"غرين بيس"، في صدق نوايا المنتدى الاقتصادي العالمي حيال رغبته في إعادة النظر بالقيم والمبادئ، ويذكر بيان مشترك للمنظمتين:"ان من يقرأ تصريحات قادة المنتدى الاقتصادي العالمي قبل أزمة المال العالمية وأثناءها، يعتقد بأن مشكلات العالم انتهت بينما يشير الواقع الى عكس ذلك تماماً. ويجمع مناهضو العولمة على أن خبرة سنوات المنتدى ومسيرتها أثبتت انه ليس سوى واجهة برّاقة تخفي وراءها مساعي كبار رجال المال والأعمال، للتأثير على صنّاع القرار السياسي في العالم، وقد نجحوا في ذلك، ولكن من دون تحقيق الأهداف البراقة التي يعدون بها دائماً لتحسين حالة العالم وتحقيق أهداف الألفية التي رصدتها الأممالمتحدة بتقليص عدد الفقراء الى النصف ومحاربة انتشار الأوبئة الفتاكة. فارتفع جياع العالم ليتجاوز بليون نسمة لأول مرة في تاريخ البشرية، وأصبح الماء النظيف كما الهواء النقي سلعة تباع لمن يدفع ثمنها فقط. وطالب التحالف بضرورة التزام المنتدى الشفافية إن كان صادقاً في مزاعمه برغبته في تحسين أوضاع العالم، فيكشف عن محصلة أعماله وتقييم وعوده التي أطرى العالم بها طيلة السنوات الماضية لا سيما في أوقات الأزمات، وليعلن عن أرباحه السنوية والدور الذي تلعبه مؤسسات المال والإعلام الكبرى في رسم توجهاته. المشكلة بحسب رأي مناهضي العولمة، هي أن منتدى دافوس أعطى لذاته ثقلاً كبيراً وحمَّلها مسؤولية تغير العالم إلى الأفضل، بينما يشير الواقع الى أن نظريات الليبرالية الاقتصادية والرأسمالية العابرة للقارات، جرَّت العالم إلى هاوية الأزمة المالية العالمية لا يبدو الخروج منها سيكون سهلاً. ويشارك في المنتدى نحو 2500 من قيادات السياسة وعالم المال والاقتصاد ومنظمات المجتمع المدني والأكاديميين والمثقفين من نحو 90 دولة من بينهم نحو ألف من مديري الشركات الكبرى إلى 30 رئيس دولة وحكومة، وضعف هذا العدد على الأقل من الوزراء وأكثر من مئة رئيس منظمات دولية وغير حكومية ونحو مئتي قيادي أكاديمي وعدد من خبراء الإعلام.