أمر الرئيس باراك أوباما بإرسال 21 ألف جندي إضافي الى افغانستان، على خلاف سلفه بوش الذي تلكأ في الإقدام على مثل هذه الخطوة طوال نحو سبعة أعوام. وأغلب الظن أن يتحسن أداء القوات الاميركية اثر تعيين الجنرال ستانلي ماكريستل محل دايفيد ماكيرنن قائداً للقوات الاميركية بأفغانستان. وحلفاء الولاياتالمتحدة مدعوون الى الاحتذاء عليه، والمشاركة في تدريب القوات الافغانية أو تمويل الحرب، في حال عزفوا عن رفع عدد قوات بلادهم العاملة في افغانستان. ويبعث على القلق إقبال آلاف من الشباب الافغاني على الالتحاق بطالبان لمحاربة الاحتلال. فمقاتلو طالبان نجحوا في صد القوات الافغانية والقوات الدولية، وبلغوا مشارف كابول، وبسطوا نفوذهم في جوارها، وأنشأوا محاكم اسلامية. وهزئ الملا عمر من حلف شمال الاطلسي، وعرض على قواته ان يوفر لها غطاء آمناً، ويحميها لقاء إذعانها والانسحاب من أفغانستان، على ما فعل الجيش السوفياتي قبل عشرين عاماً. ولا شك في أن زيادة عديد القوات الاميركية، وقوات حلفائها، تبقى من غير جدوى، إذا لم ترفق بمساع سياسية تقنع مقاتلي طالبان بترك السلاح. والى اليوم، أهمل الاميركيون التفكير في سبل ابرام المصالحة الافغانية. ولم تنعقد ثمار عمل لجنة المصالحة والسلام الافغانية الوطنية المستقلة. وكان من المفترض أن تشرف على عملية المصالحة. وأنشئت هذه اللجنة في 2005، وتولى الاشراف عليها محارب سابق، صيغة الله مجددي. والغاية منها دمج المقاتلين السابقين في المجتمع المدني. ولكنها افتقرت الى التمويل، والى سبل تنفيذ برنامجها. ومنحت اللجنة مقاتلين سابقين شهادات تخولهم متابعة برامج الاندماج، وتعفيهم من الملاحقة القانونية. ولكنها لم تملك ما يخولها حماية المقاتلين التائبين من طالبان، وتحصينهم من ملاحقة الحكومة. ولا تزيد موازنة فرع اللجنة في اقليم قندهار، معقل طالبان، عن 600 دولار مخصصة لتغطية نفقات عملها، وتقديم مساعدات لمقاتلي طالبان التائبين. ونحو عشرة منهم كانوا من صغار القادة في طالبان، وبقيتهم، أي نحو سبعة آلاف شخص، كانوا مقاتلين عاديين. ولم تفلح اللجنة في متابعة أحوال التائبين أو حمايتهم. وضيقت عليهم القوات الحكومية، ولاحقهم المتمردون. وحري بالحكومة الافغانية ابرام اتفاقات مصالحة مع شبكات المتمردين الكبيرة، عوض إبرامها مع جنود بسطاء، وتقديم مساعدات اقتصادية وأمنية لهذه الشبكات. والحق أن أفدح أخطاء الحكومة الافغانية وقوات ال"ناتو"والقوات الاميركية عجزها عن ارساء الامن، وهو ركن المصالحة، وحماية المدنيين. وأسهم ضعف الحكومة الافغانية، وتفشي الاضطراب في مناطق الباشتون، شرق البلاد وجنوبها، الى تغليب كفة المتمردين. والأمن وحده يعبد الطريق أمام المصالحة، ويطيح طالبان. والجمع بين تقديم حوافز للمتمردين وتدريب قوات أمن وطنية تقف في وجه المتمردين هما ضرورة لا غنى عنها. والقوات الأميركية وحلفاؤها مدعوون الى الجمع بين استراتيجية عسكرية واستراتيجية سياسية، والاحتذاء على نهج واشنطن ولندن بالعراق. * أستاذة العلوم السياسية في معهد تكنولوجيا ماساشوستس، وخبير في الشؤون الافغانية والباكستانية، عن موقع "فورين أفيرز" الاميركية، 23 /7/ 2009، إعداد م. ن. نشر في العدد: 16917 ت.م: 29-07-2009 ص: 22 ط: الرياض