لنترك الأرقام التي تتحدث عن عشرات آلاف الإصابات بانفلونزا الخنازير، والتي تتناقلها وسائل الإعلام يومياً. لنأخذ الأمر بجدية أكبر. هناك أكثر من مليون إصابة في الولاياتالمتحدة، بحسب"مراكز ترصّد الأمراض"في أتلاتنا وبتأكيد من هيئة اللقاحات في وزارة الصحة فيها. وظهر هذا الرقم أخيراً في سياق اجتماع مشترك بين"مراكز ترصّد الأمراض" و"اللجنة الاستشارية لممارسات التلقيح"وهي هيئة حكومية. وعقب إعلان الرقم، أكّدت آني سكوشات، مديرة"المركز الوطني الأميركي للتلقيح والأمراض التنفسية"أنه قد يكون أقل من واقع انتشار ذلك الوباء أميركياً. وبعد ذلك الرقم أيضاً، أعلنت إدارة الرئيس باراك أوباما أنها رصدت 8 بلايين دولار، سيذهب معظمها لشراء لقاحات لهذه الأنفلونزا، مع التأكيد أن التطعيم لن يطبّق بصورة شاملة على الشعب الأميركي، بل يُجرى بطريقة إنتقائية تعطي الأولوية للفئات الأكثر تعرضاً للإصابة. وفي سياق مُشابه، ترى"منظمة الصحة العالمية"أن غالبية سكان الكرة الأرضية معرضون للإصابة بفيروس"اتش1 أن1"المُسبّب لأنفلونزا الخنازير. ولذا، دقت رئيسة تلك المنظمة مارغريت تشان، ناقوس الخطر أخيراً من جنيف، مُعلِنَةً أيضاً أن ما يُنتج من لقاحات لن يكفي 6.8 بليون انسان على الأرض، ومتوقّعة أن تنال الدول الغنية حصة الأسد منها، تاركة الفقراء عُزّلاً أمام تلك الأنفلونزا! وفي سياق الأرقام المليونية عن هذه الأنفلونزا، أعلنت ألمانيا أنها تعتزم تلقيح ثلث شعبها، إذ طلبت 25 مليون لقاح، ستوزعها بحسب الأفضلية على طواقم المستشفيات والشرطة ورجال الإطفاء والتقنيين المسؤولين عن الخدمات الأساسية في ذلك البلد. واختصر علماء في"إمبريال كوليدج"في لندن الأمر بالإشارة الى أن لا أحد يعرف الأرقام الحقيقية عن موجة أنفلونزا الخنازير، موضحين أن"منظمة الصحة العالمية"تكتفي بنشر عدد الإصابات المؤكدة بذلك الفيروس والتي لا تُمثّل سوى الجزء الظاهر من جبل الجليد الضخم لعدد الإصابات فعلياً! وتُذكّر خلاصات علماء"إمبريال كوليدج"بتصريحات وزير الصحة البريطاني التي توقع فيها إصابة مئة ألف شخص يومياً في بلاده، بداية من نهاية شهر آب أغسطس المقبل. لماذا هذا الموعد، الذي تكرّر أيضاً في تصريحات رئيسة"منظمة الصحة العالمية"؟ ببساطة، لأنه يؤشر إلى نهاية الصيف، وبدء موسم الأنفلونزا الموسمية التي يُشكّل فيروس"أتش1 أن1"أساسها وبائياً. الأرجح إنه خريف الإصابات المليونية بأنفلونزا الخنازير، وبصورة قد تُذكّر بما حدث في موجة الأنفلونزا الإسبانية 1919. يبقى ثمة بارقة أمل: فيروس أنفلونزا الخنازير سريع الانتشار، لكنه"ضعيف"من حيث الشِدّة في المرض والقدرة على الفتك بأرواح المصابين. نشر في العدد: 16904 ت.م: 16-07-2009 ص: الأولى ط: الرياض عنوان: أنفلونزا الخنازير دخلت مرحلة مليونية إنطلاقاً من أميركا