ولي العهد ووزير الخارجية الروسي يبحثان التطورات الإقليمية والدولية    أمير الرياض يتسلم تقرير جامعة المجمعة.. ويُعزي السليم    أمير المدينة يتفقد مستشفى الحرس.. ويلتقي أهالي المهد    سعود بن خالد الفيصل كفاءة القيادة وقامة الاخلاق    منتجو أوبك+ لا يفكرون في تأجيل الزيادات الشهرية في إمدادات النفط    ولي العهد ورئيس صندوق الاستثمارات الروسي يستعرضان مجالات التنسيق بين البلدين    اقتصادات النمور تفقد زئيرها    مقصد الفُرقاء    تقدير أميركي - روسي لدور المملكة في عقد حوار الرياض    خادم الحرمين وولي العهد يهنئان ملك الأردن بنجاح العملية الجراحية    وزير الداخلية يستعرض مع رئيس الحكومة المغربية التعاون الأمني    مجلس الوزراء: يوم التأسيس اعتزاز بتاريخ الدولة السعودية وجذورها الراسخة    أمير الشرقية يكرم الفائزات بجائزة الأم المثالية    مدير الجوازات يتفقد العمل بالقصيم    «قصر الدرعية» رمز تاريخي وشاهد سلام عالمي    الإمارة و«ملكية الرياض» تنظمان فعالية يوم التأسيس    «ملكية العُلا» تطلق أول أكاديمية للتعلم مدى الحياة    الملك يرعى مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية"    طبية الملك سعود تختتم «المؤتمر الدولي السابع للأورام»    محافظ محايل يتفقد مشروع مستشفى الحياة الوطني بالمحافظة    في افتتاح كأس نخبة الطائرة للسيدات .. النصر يتغلّب على الفيحاء    ما أشد أنواع الألم البشري قسوة ؟    توقيع اتفاقية إنشاء مشروع Nexus الغدير التجاري الفندقي المكتبي بقيمة تتجاوز المليار ريال في معرض ريستاتكس 2025    الاتفاق يتعادل إيجابياً مع القادسية الكويتي في أبطال الخليج    جدة تشهد الأدوار النهائية من دوري أبطال آسيا للنخبة    المحادثات الروسية - الأمريكية.. والحليف السعودي للسلام والتنمية    السعودية تضيء سماء السياسة الدولية بجرأة    مصر كلها حاجة حلوة    (ساهر).. مُقترحات نحو تطبيقٍ أفضل    ما هكذا يورد الطيران يا توني!    قطار تنمية الرياض !    المملكة تجدد دعوتها لإصلاح مجلس الأمن ليكون أكثر عدالةً في تمثيل الواقع الحالي    ميلان يودع «أبطال أوروبا» بعد التعادل مع فينورد في الملحق المؤهل لدور ال16    لموسمين على التوالي.. جدة تستضيف الأدوار النهائية من دوري أبطال آسيا للنخبة    الأهلي يتوعد الريان في دور ال16 لدوري أبطال آسيا للنخبة    السعودية تنجح في إنهاء الخلاف الروسي-الأمريكي    نائب أمير منطقة مكة يطلع على جاهزية الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن برمضان    الذهب يرتفع إلى 2903.56 دولارات    المسلم يحول رواياته إلى أفلام سينمائية ودرامية    عسير الأولى في إنتاج العسل    فيصل بن مشعل يرعى تخريج 12 ألف من جامعة القصيم    «ملتقى طويق للنحت» ينطلق بمشاركة 30 فناناً من 20 دولة في الرياض    تحت رعاية خادم الحرمين.. رابطة العالم الإسلامي تنظم النسخة الثانية لمؤتمر «بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية» في مكة    الشؤون الإسلامية تصدر تعليماتها لمنسوبي المساجد لخدمة المصلين خلال شهر رمضان    الأمير سلمان بن سلطان يتفقد مستشفى الحرس الوطني    روسيا وأمريكا تتفقان على إنشاء آلية تشاور ثنائية    أمير المدينة يلتقي بقائد القوات الخاصة للأمن والحماية    مجلس الوزراء يقر نظام النقل البري على الطرق    أمير القصيم يكرّم أمانة المنطقة بجائزة صناعة المحتوى بنسختها الرابعة    وزير الداخلية يرأس وفد المملكة المشارك في المؤتمر الوزاري العالمي الرابع لسلامة الطرق الذي يقام في مراكش    أمير الشرقية يرعى حملة «ترميم»    أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة حتى الخميس المقبل    الفعر يستعرض رحلته إلى قمة كيليمانجارو في «أدبي الطائف»    الاعتراض على قيمة النفقة حق للوالدين    أدوية باركنسون تنقص الحديد    المعلم منصور وذاكرة التعليم!    حبة البركة تخفض ضغط الدم    اللصقات الغذائية بين الفعالية والتسويق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوقوف عند نقطة مدى الإلتزام بالنظام الإسلامي مأزق الإصلاحيين في إيران بين الانصياع والمعارضة
نشر في الحياة يوم 27 - 06 - 2009

"لا تتركوا خيار المشاركة في المشهد السياسي مهما كانت الظروف صعبة"لأن ذلك سيمهد لإخراجكم نهائياً من المشهد السياسي الى خانة المعارضة، كما حدث لحركة الحرية نهضت آزادي".
هذه النصيحة الأبوية التي وجهها أحد أبرز الوجوه السياسية في إيران الى قادة الإصلاحيين قبيل الانتخابات البرلمانية التي أجريت العام الماضي، تكشف في طياتها عن أحد أهم أسرار الحياة السياسية الإيرانية وأحد أبرز إشكاليات النشاط السياسي الإصلاحي في إيران.
السر هو لزوم استمرار الحضور في المشهد السياسي والبقاء ضمن خانة النظام القائم وعدم الخروج عليه مهما كلف الأمر"للحصول على فرصة التأثير المستقبلي على مجريات هذه السياسة. لذلك ترى كروبي"شيخ الإصلاحيين"على رغم احتجاجه على نتائج الانتخابات الرئاسية السابقة عام 2004 وتوجيهه رسالة مفتوحة صريحة اللهجة الى المرشد ثم استقالته من جميع مناصبه الحكومية، يستمر في نشاطه السياسي في إطار النظام بتدشين حزب سياسي جديد!
أما الإشكالية البارزة في العمل السياسي للتيار الإصلاحي فهي تأرجحه الواضح بين حدود ال"خودي"في التعبير الإيراني أي اللاعبين السياسيين في إطار نظام الجمهورية الإسلامية وأهل الدار الموثوق بهم، وحدود ال"غير الخودي"أي المعارضة أو اللاعبين السياسيين الخارجين من إطار أهل النظام وغير الموثوق بهم.
التيار الإصلاحي هو عنوان شامل لتحالف سياسي من الحركات والأحزاب التي تختلف في الرؤى الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وتجتمع حول مطالبتها بالتنمية السياسية والحرية والانفتاح على العالم.
اجتمعت هذه المجموعة في إطار"جبهة الثاني من خرداد"الإصلاحية، أي المجموعة الداعمة لمحمد خاتمي في الانتخابات الرئاسية في يوم الثاني من خرداد 23 أيار/ مايو عام 1997 وشملت التوجهات اليسارية" بشقيها، التقليدي المتمثل في مجمع العلماء المناضلين برئاسة كروبي وعضوية خاتمي وخوئيني ها، والثوري المتمثل في"حزب مجاهدين الثورة الإسلامية"الذي يمثله بهزاد نبوي ومحمد سلامتي وتاجزاده.
والديموقراطي الذي تشكل في ما بعد في إطار"حزب مشاركت"الإسلامي والحركات الطالبية مثل"مكتب تعزيز الوحدة".
والليبرالي مثل"حركة الحرية"وبعض الحركات الطالبية.
والديموقراطي الاجتماعي المتمثل بشخصيات عزت? الله سحابي ومير حسين موسوي وفرشاد مؤمني.
والإصلاحي الديني"المتمثل بحركات طالبية وبمعظم الصحف في عهد خاتمي المتأثرة بمدرسة المثقفين الدينيين وعلى رأسهم عبدالكريم سروش ومجتهد شبستري ومحسن كديفر.
والتكنوقراطي مثل"حزب كارغوزاران"ومن أبرز وجوهه كرباستشي ومهاجراني وزنغنة وعطريانفر.
والبراغماتي مثل"حزب العدالة والتنمية"ومن أبرز شخصياته حسن روحاني ونيكبخت.
هذه المجموعة اجتمعت تحت تسمية الإصلاحيين ذات المدلول الإيجابي التي توحي بنية التغيير المسالم في إطار القانون، لكنها سرعان ما ارتطمت بحائط التيار المحافظ بمدلوله السلبي الذي يوحي بالممانعة وصد التغيير والمؤسسات غير في نظام الجمهورية الإسلامية كمجلس صيانة الدستور والسلطة القضائية، وانقسمت في ما بينها حول تحديد أولويات المرحلة وطريقة متابعة برامجها مما أدى الى تقلص مكاسبها السياسية وتراجع شعبيتها إثر انعدام الأمل عند مناصريها في أي تقدم ملحوظ، ليمهد ذلك الى عصر ما بعد الإصلاحيين الذي بدأ بخسارتهم انتخابات البلديات عام 2002 ثم البرلمان 2003، وفي نهاية المطاف وصول الرئيس أحمدي نجاد الى سدة الحكم عام 2005 حين تمكن التيار المحافظ إعلامياً وسياسياً خلال هذه السنوات من تغيير مدلول مصطلح"الإصلاحيين"الى السلبي ليدل على الخروج على المبادئ والتراجع عن القيم، وبذلك آثر هذا التيار لنفسه تسمية الأصوليين أو المبدئيين في المقابل ليؤسس لثنائية جديدة تقود المشهد السياسي الإيراني.
خلال فترة حكم الإصلاحيين وما بعدها حاول التيار المنافس فرض انقسام في صفوف جبهة الإصلاحيين على أساس مفهومي الاعتدال والتطرف، حيث كان يسمى بعض الوجوه والتيارات، ومنها حزبا"مجاهدين الثورة الإسلامية"و"مشاركت"بالمتطرفين الذين تجاوزوا الخطوط الحمراء أي تلك الحدود غير المرئية المرسومة بدقة في السياسية الإيرانية بين المسموح والممنوع، بينما وصف الآخرين بالمعتدلين الذين لا يزالون يعتبرون ضمن أهل الدار"خودي"وعليهم ان يفرزوا أنفسهم عن المتطرفين.
لكن تجربة حكومة الرئيس أحمدي نجاد المغايرة لمألوف السياسة الإيرانية أدت الى انقلاب هذه المصطلحات الى ضدها، إذ تأسس تحالف جديد بين المعارضين من أوساط المحافظين والإصلاحيين معاً، توّج بحضور لاعب الوسط في السياسة الإيرانية هاشمي رفسنجاني ووجوه أخرى كناطق نوري ورضائي وقاليباف، سمى نفسه"جبهة الاعتدال"كما سماه الرئيس السابق خاتمي"جبهة التغيير"لتقف أمام حكومة نجاد وأنصارها التي سميت"جبهة التطرف"، للوقوف في حكومة نجاد تسمية هذه الثنائية باصطفاف دعاة الانصياع والرضوخ أمام جبهة الممانعة والمقاومة.
تراكم التجارب لدى قياديي المعسكر الإصلاحي وتقديرهم صعوبات المرحلة المقبلة، الى جانب ضرورة إيقاف السياسات المتطرفة لنجاد، أقنع الإصلاحيين بالالتفاف حول وجه جديد/ قديم له شعبية ومواقف أصولية واضحة تؤهله لمنافسة نجاد وخطابه الموصوف بالشعبوي. الى جانب حضور وجوه أخرى تكفل طرح المطالب الإصلاحية وتقلص فرص فوز نجاد.
واستطاع مير حسين موسوي خلال حملته الانتخابية هدم الثنائيات السابقة وجذب الكثير من جمهور المحافظين الى جانب الجمهور الإصلاحي والتأسيس الواعد لمرحلة ازدهار جديدة لمفاهيم الإصلاح والتغيير بحسب تقدير الإصلاحيين، لكن الإعلان عن نتائج الانتخابات شكل مفاجأة من العيار الثقيل للتيار الإصلاحي الذي وجد نفسه دفعة واحدة أمام مفترق طرق تاريخي، فأما الانصياع الى النتائج التي يؤمن بأنها مزورة ليحتفظ في المقابل استمرارية حياته السياسية في إطار النظام مما سيؤدي الى خسارة جمهوره الذي استطاع أن يجذبه الى اللعبة السياسية بعد فترة طويلة من عدم الاكتراث، أو تجاوز الخطوط الحمراء والدخول الى خانة المعارضة بوقوفه أمام إرادة النظام في وقت تتمتع فيه قياداته السياسية البارزة بأعلى نسبة لشعبيتها.
يحاول التيار الإصلاحي قلب هذه الثنائية على التيار المحافظ بتصنيف جديد، اصطفاف جبهة"المدافعين عن جمهورية النظام الإسلامي"أي الخضوع الى الانتخابات الحرة النزيهة كأداة لكسب الشرعية السياسية، أمام جبهة"المطالبين بالحكومة الإسلامية"أي المعتقدين بألوهية شرعية الحكومة التي يرأسها ولي الفقيه والتي ترى بدورها الانتخابات مجرد زينة تعبر عن شعبية النظام الإلهي القائم.
أيّ من هذه الثنائيات سيسيطر على مجرى الأحداث السياسة القادمة ويقرر مصير الإصلاحيين في النظام الإسلامي؟ هذا ما ستكشفه تطورات المشهد الإيراني.
* كاتب إيراني.
نشر في العدد: 16885 ت.م: 27-06-2009 ص: 27 ط: الرياض


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.