كلما حاولت أن أنسى عبدالله الدبل رحمه الله، تذكرني به الأيام، فقد عرفت هذا الرجل للمرة الأولى في العام 1996، وبعد 4 سنوات اختارني الاتحاد الآسيوي لكرة القدم منسقاً إعلامياً في كأس آسيا في لبنان، وكان يومها الدبل عضواً في اللجنة التنفيذية فعرفته عن قرب، وفي العام 2003 عينت عضواً في اللجنة الإعلامية في الاتحاد الآسيوي التي كان يترأسها الدبل نفسه. وهناك في اللجنة تعلمت منه الكثير من الدروس وأبرزها كيفية إدارة الاجتماعات، فقد تجلت خبرات الدبل المتراكمة في الاتحادين الآسيوي والدولي، ولم يكن من السهل أن يتجاوزه أحد بفكرة من دون أن يستوعبها. وفي مونديال"ألمانيا 2006"وفي اجتماع مديري الفرق قبل المباراة الأولى أمام تونس، وقبل أن ينفض الاجتماع وعلى نحو مفاجئ انتبه الدبل إلى أن جائزة رجل المباراة برعاية شركة"انهوشر بود"التي تصنع المشروبات الروحية، ففاجأ الاتحاد الدولي وقال:"لو فاز أي لاعب سعودي فلن يتسلم الجائزة"، ولأني شاهد عيان، فقد لاحظت أن أحداً من الوفد السعودي الذي حضر إلى الاجتماع لم يلحظ ذلك الاسم، ولا أتصور كيف سيكون مشهد اللاعب السعودي وهو يتسلم تلك الجائزة! الدبل رحمه الله كان يتميز بروح الدعابة، ففي عرض قدمته لمشروع"كتاب كأس آسيا 1956-2004"قلت مخاطباً كبار المسؤولين في الاتحاد الآسيوي وكان الدبل من بينهم:" قد أكون صحافياً ناجحاً ولكني متأكد من أنني بائع فاشل"، فقاطعني الدبل قائلاً وهو يضحك:"لست متأكداً من أنك صحافي ناجح أيضاً!"، لكنه في حقيقة كان واحداً من أولئك الذين دعموا فكرة تأليف كتاب يتحدث عن تاريخ البطولة الأهم في القارة. وفي أول اجتماع لنا في المبنى الجديد للاتحاد الآسيوي، كان هناك درج يؤدي إلى غرفة الاجتماعات، وفي كل مرة نستخدم الدرج كنا نعاني من شيء ما، ولكننا لا نعرفه بالضبط، وبعد ساعات انتبه الدبل واستدعى رئيس الاتحاد الآسيوي محمد بن همام وقال له:"يا بوجاسم، هل تعرف ما علة هذا الدرج؟ لقد وضعت عتباته بقياس الأقدام الصينية ... نعم الأقدام الصينية الصغيرة"، وكان محقاً، وبعدها أعيد إنشاء الدرج بقياسات غرب آسيوية إن صح التعبير. وقبل عام واحد من وفاته، كان الدبل الرجل الوحيد الذي يتمتع بثقة عمياء من كبار المسؤولين في السعودية، فأوكلت له مهمة الإعداد الاداري والفني للمنتخب، فحول أحد فنادق فرانكفورت إلى ورشة عمل، لا يمكن وصفها وكان عند حسن الظن. المهم في الأمر، وقبل وفاته بثلاثة أيام، اتصل بي وكنت يومها محللاً في قناة الدوري والكأس، وطلب مني أن أحضر لتناول القهوة، وعندما رآني قال معلقاً على ما دار بيني وبيني رئيس الاتحاد الكويتي لكرة القدم الشيخ أحمد اليوسف من حوار ساخن:"ليش مزعجينا يالكويتيين"، ثم قال واحدة من أكثر الكلمات وقعاً في قلبي:"لا أصدق ما يجري. ناس مستذبحة على الكراسي، وأنا أحاول الاعتزال منذ أكثر من 4 سنوات ولا أستطيع ذلك"! كلمة أخيرة رحمك الله يا بوخالد. [email protected] نشر في العدد: 16830 ت.م: 03-05-2009 ص: 35 ط: الرياض