"أوت لوك"الجامعية من أقدم الصحف الطالبية في العالم العربي، تتلمذ على صفحاتها، منذ خمسينات القرن الماضي، لبنانيون وعرب، لمعت أسماؤهم في دنيا الكتابة والسياسة. تحتفل صحيفة"آوت لوك"OUTLOOK الأسبوعية الطالبية هذا العام بالذكرى الستين لصدورها. وما زالت إلى اليوم المنبر الإعلامي لكثيرين من طلاب الجامعة الأميركية في بيروت. تقع"آوت لوك"وجهة نظر اليوم في 12 صفحة، تصدر أسبوعياً باللغتين العربية والإنكليزية. وتتنوع موضوعاتها بين اجتماعية وثقافية ورياضية، فضلاً عن القضايا الطالبية والشؤون الجامعية الداخلية، بعيداً من خنادق السياسة. إذ أنّها تصنّف قانوناً"مطبوعة غير سياسية"، وبالتالي يمنع على محرّريها تناول السياسة في موضوعاتهم. ويترأس تحرير الصحيفة عادة أحد طلاب الجامعة - وتشغل المنصب اليوم نتالي علام، طالبة في العلوم السياسية، تحت إشراف المسؤول الإعلامي في الجامعة. أما تمويل الصحيفة فتتولاه هيئة جامعية خاصة ومنتخبة، مؤلّفة من بعض طلاب الجامعة وأساتذتها. لكن إدارتي الصحيفة والجامعة تتحفظان عن كشف الموازنة السنوية للجريدة التي توزع أسبوعياً 3000 نسخة، فيما"مسموح لها الصحيفة اللجوء إلى نشر الإعلانات لسد العجز في التمويل". وكان العدد الأول من"آوت لوك"صدر عام 1949، قبل أن تنال الصحيفة ترخيصاً قانونياً بالصدور من وزارة الإعلام اللبنانية عام 1957. محررو"آوت لوك"ليسوا قلة، إلا أنّ اختيارهم يتم من جانب رئيس التحرير. ويتنوع هؤلاء في اختصاصاتهم الجامعية، ويمارسون الكتابة كهواية. ويُختار الطالب لموقع رئاسة تحرير الصحيفة، من جانب لجنة تتألف من مدير الإعلام في الجامعة وعميد الجامعة ومستشارة الجريدة ومن بعض أعضاء الهيئة الخاصة بالتمويل. وأصبح بعض محرري"آوت لوك"من طلاب الجامعة كتاباً وصحافيين بارزين، مثل اميلي نصرالله وفواز ناجية... وجميل مروّة. وتوضح علام ان"مواضيع الصحيفة تُحدد نتيجة اجتماع أسبوعي عام للمحرّرين. محرّران أساسيان يحضّران لائحةً من المواضيع المقترحة، فيما يضيف الآخرون آراءهم واقتراحاتهم. ولإدارة الجامعة أن تعطي وجهة نظرها في الاقتراحات". ولاتشجع إدارة الجامعة خوض الطلاب في السياسة،"لأن كل الاتجاهات السياسية موجودة في الجامعة. لكن الطلاب يمرّرون بعض الموضوعات السياسية أحياناً"بحسب أحد المسؤولين الإداريين في الجامعة، مستطرداً انه"مسموح تغطية النشاطات السياسية التي تحدث في الجامعة... لكن الأهم هو ان يكون الطلاب المحررون متّزنين، وأن تكون التغطية متوازنة". ولأنّ"آوت لوك"تعبّر عن آراء الطلاب وهواجسهم، ثمة اعتراضات كثيرة وجّهت إليها من جانبهم على مرّ السنين، كالامتعاض مثلاً من غياب القضايا المثيرة للجدل في السياسة والدين والجنس. ومنهم من وصف الصحيفة بالوسطية،"لأنّ المطلوب منها رفع مستوى النقد، على رغم موضوعيتها في تغطية نشاطات الجامعة". وأدى حظر الموضوعات السياسية في الصحيفة إلى نشوء أزمة حقيقية عام 1974، بين الطلاب، محررين وقراء، وبين إدارة الجامعة. إذ أصدر الطلاب المعترضون في 19 تشرين الثاني نوفمبر من ذلك العام جريدتهم البديلة، واختاروا لها اسماً مشابهاً هو"لوك آوت"LOOKOUT انتبه بدلاً من OUTLOOK. وشكل الصحيفة البديلة رفضاً للممنوعات وخرقاً لها. إذ ركزت على القضية الفلسطينية كأبرز الموضوعات المعالجة على الصفحة الأولى، باللغتين الإنكليزية والعربية، مع صور لمقاتلين وعناوين سياسية مهمّة تبرز خطورة تلك المرحلة. وأدت السياسة أحياناً إلى حرق الأعداد بسبب تضمّنها ما هو ضد فريق سياسي معيّن. وكذلك عندما نشرت مرة التقسيمات السياسية في الجامعة بعد الانتخابات الطالبية، ما أثار جدلاً. وكذلك الأمر عندما طرحت الصحيفة قضية الحجاب. وتقول ميليا عياش، رئيسة تحرير سابقة للجريدة:"كانت إدارة الجامعة تطلب منّا دائماً عدم التحريض وحقن النفوس، خصوصاً منذ التطورات السياسية والأمنية التي شهدها لبنان عقب اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري عام 2005. وغالباً ما سحب بعض الموضوعات الصحافية قبل الطبع... خوفاً من إشعال النفوس". وتضيف:"إدارة الجامعة لم تكف عن تذكيرنا بمسؤولياتنا، إذ كانت تحضنا على القيام بعملية رقابة ذاتية على كتاباتنا وتشعرنا بالذنب"، متمنّيةً"لو يكون سلوك الطلاب وتفكيرهم تقدّمياً تغييرياً، ولكن كيف ذلك في ظل وجود خطوط حمر كثيرة ومشاعر خوف تنتابنا من خلافات قد تنشأ بسبب محاولاتنا للتغيير". في المقابل، تؤكد علام أنّ"في الجريدة كثيراً من الحرية، وأنّ ما هو ضدّ القانون اللبناني فقط خطّ أحمر. فنحن نحاول إبراز وجهة نظر محايدة في المسائل السياسية التي نتناولها، وفي الأمور المثيرة للجدل نظهر رأي الطرفين". لكنها تلفت إلى أن الموضوع الصحافي قد يكون مثيراً للجدل من دون أن تمسّه الرقابة الجامعية:"ليس كلّ ما هو مثير للجدل هو أيضاً معرّض لأن تحذفه الرقابة في الجامعة". نشر في العدد: 16838 ت.م: 11-05-2009 ص: 32 ط: الرياض