توقّعت الحكومة السودانية لجوء مجلس الأمن إلى فرض عقوبات سياسية واقتصادية عليها بسبب عدم تعاونها مع المحكمة الجنائية الدولية في شأن قرار توقيف الرئيس عمر البشير الذي تركت الباب مفتوحاً أمام مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، فيما خُطف موظفا إغاثة أجنبيان يعملان مع منظمة إنسانية فرنسية في دارفور. وشبّه مستشار الرئيس مصطفى عثمان إسماعيل في مؤتمر صحافي أمس وصول البشير إلى مطار الدوحة للمشاركة في القمة العربية الأخيرة بهبوط"رواد فضاء حطوا على الأرض بعد رحلة طويلة في الفضاء الخارجي"، معتبراً أن أعداء حكومته"فشلوا في حمل الأجهزة الأمنية والعسكرية على التمرد أو إحداث انقسام وسط المواطنين"في شأن قرار توقيف البشير. وأشار إلى أن سفر البشير"لا يخضع إلى تقديراته الشخصية، لكنه قرار لجنة مختصة تنظر إلى المصلحة التي تحققها المشاركة، وتأمين مسار حركة الرئيس". ورهن زيارة البشير أي دولة بتلقيه دعوة، مؤكداً أن"الدوحة لن تكون آخر الرحلات الخارجية". ولم يستبعد مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة المقبلة في نيويورك، لكنه لفت إلى أن الدعوة لم تقدم إليه حتى الآن. ورداً على سؤال عن رد فعل الحكومة في حال دخول مجلس الأمن على خط الأزمة مع المحكمة الجنائية الدولية، قال إسماعيل إن المدعي العام للمحكمة لويس مورينو أوكامبو سيقدم تقريراً إلى المجلس عن الموقف السوداني في حزيران يونيو المقبل. وتوقع أن يرسل المجلس طلباً إلى الخرطوم،"لكنها لن تتجاوب معه... وسيوجه المجلس إنذاراً يتطور حتى يصل إلى مرحلة فرض عقوبات سياسية واقتصادية". ونفى رفض البشير مقابلة الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون خلال قمة الدوحة. وقال إن سفير السودان لدى المنظمة الدولية عبدالمحمود عبدالحليم"نقل رغبة بان لقاء البشير، وأُخضع الأمر إلى نقاش. لكن الأمين العام للمنظمة الدولية غادر الدوحة". واعتبر البشير أن أوكامبو"تجاوز كل حدود"بطلبه توقيفه. واتهمه بأنه"قبض الثمن كاملاً ليقوم بدوره. وقصد من خلال ظهوره الإعلامي المكثف أن يؤكد أنه نفذ الدور الذي قبض ثمنه". وقال البشير فى حوار بثه التلفزيون السوداني الرسمي إن قرار توقيفه سيذهب إلى"مزبلة التاريخ"، موضحاً أنه لن يتوقف عن السفر وسيستمر متى ما كان ذلك ضرورياً، إلا إلى الدول التي لها عضوية في المحكمة. ولم يستبعد أن يسافر إلى نيويورك إذا تلقى دعوة من الأممالمتحدة. من جهة أخرى، نقلت وكالة"فرانس برس"أمس عن منظمة"المساعدة الطبية الدولية"غير الحكومية الفرنسية أن اثنين من فريق عملها الأجنبي العامل في دارفور خطفا ليل السبت - الأحد في قرية عد الفرسان في جنوب الإقليم من قبل"مسلحين مجهولين". لكن المنظمة رفضت كشف هوية المخطوفين وجنسيتهما. وأعلنت وزارة الخارجية الفرنسية أن مركز الأزمة التابع لها"تحرك فوراً... وسفارتنا في الخرطوم على اتصال مع المنظمة ومختلف الأطراف المعنية". والتقى أمس المبعوث الأميركي إلى السودان سكوت غرايشن القيادي البارز في"حركة تحرير السودان"المتمردة في دارفور إبراهيم الحلو، في أحد معاقل الحركة في جبل مرة. ونقلت وكالة"أسوشيتد برس"عن الحلو وصفه زيارة غرايشن المنطقة، وهي الأولى لمسؤول أميركي رفيع، بأنها"خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح"، لكنها ليست كافية لدفعه لبدء مفاوضات مع الخرطوم. وأشار إلى أن اللقاء مع غرايشن ركز على قرار السودان طرد 13 منظمة إنسانية أجنبية. إلى ذلك، أعلنت لجنة حكماء أفريقيا لتقصي الحقائق في دارفور برئاسة رئيس جنوب أفريقيا السابق ثابو مبيكي عقدها لقاء مرتقباً مع أوكامبو للبحث في ما توصل إليه من أدلة عن انتهاكات في الإقليم. وقال مبيكي في مؤتمر صحافي في ختام زيارته السودان، إن لجنته"معنية بتقصي الحقائق وتحقيق العدالة عن الجرائم التي وقعت في دارفور"، مشيراً إلى أنه سيلتقي في وقت لاحق قادة حركات التمرد، كما يرتب لزيارة ليبيا وتشاد واريتريا للحصول على أكبر معلومات ممكنة عن الازمة، وصولاً إلى مقاربة توائم بين السلام والعدالة في الإقليم. وكان مبيكي يرافقه الرئيس النيجيري السابق الجنرال أبوبكر عبدالسلام ورئيس بوروندي السابق بيير ابيتوايا، زار ولايتي شمال وجنوب دارفور، وتفقد مخيمات النازحين. وأثار مع السلطات خطواتها لملاحقة المتهمين بارتكاب جرائم في الاقليم. على صعيد آخر، قالت"الحركة الشعبية لتحرير السودان"التي تحكم جنوب البلاد إنها حصلت على تعهد من الإدارة الأميركية بدعمها لمواجهة الأزمة المالية التي تعيشها بعد انهيار أسعار النفط الذي تعتمد عليه بنسبة 95 في المئة. وقال الأمين العام للحركة باقان أموم إن زيارته مع وزير الخارجية دينق ألور إلى الولاياتالمتحدة التي انتهت أمس"كانت مثمرة". وأفاد أنه ناقش مع المسؤولين في وزارتي الخارجية والدفاع والكونغرس تنفيذ اتفاق السلام، والأوضاع في دارفور، مشيراً إلى أنه درس مع السفيرة الأميركية لدى الأممالمتحدة سوزان رايس إيجاد ضمانات لإجراء استفتاء تقرير مصير الإقليم في موعده، أي في العام 2011، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة ونزيهة، كما توصل إلى اتفاقات وتعهد من واشنطن بدعم حكومة الجنوب بحزمة اقتصادية ومالية، ودعم الذراع العسكري لحركته"الجيش الشعبي لتحرير السودان". وقالت الخرطوم أمس إن وفداً من مجلس الشيوخ الأميركي برئاسة رئيس لجنة العلاقات الخارجية في المجلس السيناتور جون كيري سيزور البلاد الأحد المقبل لإجراء محادثات مع المسؤولين، كما سيزور دارفور. نشر في العدد: 16803 ت.م: 06-04-2009 ص: 16 ط: الرياض