قبل أكثر من خمس سنوات اقترحت في مقال لي بمجلة النادي إنشاء منتخب رديف يتكون من لاعبي الدرجتين الأولى والثانية، ولا بأس أن يضاف لهما لاعبون من الدرجة الثالثة. كنت أقصد من تلك الفكرة أن تتغير رؤيتنا ونظرتنا قليلاً، وبدلاً من أن يكون تركيزنا على أندية الدوري الممتاز لنشكّل منها منتخباتنا، ولا سيما المنتخب الأول، بات علينا أن نلتفت إلى الدرجتين الأدنى. فكم خرّجت نجوماً وأسماءً سطّرت ملاعب الكرة حضوراً وإبداعاً، وتركت بصمات سجلها تاريخ المنتخب السعودي الأول في أول بطولة قارية سجلت باسمنا أقيمت على أرض سنغافورة عام 84. عودوا بالذاكرة إلى تلك البطولة، وحدثوا الجيل الجديد عن تلك الملحمة الكروية التي صنعها مع بقية زملائه، لاعب يدعى شائع النفيسة القادم من نادي الكوكب الذي يقع مقره في محافظة الخرج. أعلم أن الأجيال الأخيرة لا تعرف نادي الكوكب، ولم تسمع به، وربما أنها أيضاً لم تسمع بنادي النهضة ولا تعرف تاريخه، وعدد النجوم التي خرجت من ذلك النادي، وكان من أبرزهم عيسى حمدان وناصر المنصور. وكم من الأسماء التي نشأت في أندية صغيرة، ثم تحولت في ما بعد إلى أسماء مشهورة، ولا أدل على ذلك من مدافع فريق الهلال اللاعب ماجد المرشدي، الذي انتقل إلى الهلال قادماً من نادي اللواء في حائل. وكان لهذا الانتقال أن أصبح ماجد المرشدي لاعباً أساسياً في الهلال، وتوج ذلك بحصوله على لقب أفضل لاعب في دورة الخليج التاسعة عشرة التي أقيمت في العاصمة العمانية مسقط عام 2009 . ولو أردت أن أقدم قائمة بأسماء لاعبين مغمورين تحولوا في ما بعد إلى مشاهير، لتطلب ذلك مساحة أطول، ومقالات متتابعة، ولكنني أردت فقط أن أؤكد على أن الموهبة هي «هبة ربانية»، ليس شرطاً أن تولد في أندية كبيرة. في حالة شائع النفيسة، قدم لنا المنتخب «النجم شائع»، وكان ذلك قبل أكثر من 26 عاماً، أما اليوم، فإن القائمين على المنتخب ينتظرون ماذا تقدم له الأندية الممتازة، فلعلها تقدم للمنتخب لاعباً مثل ماجد المرشدي. لقد حصرنا المنتخب الأول والمنتخب الرديف الذي تكون الآن، في لاعبي دوري زين للأندية الممتازة، واستمر تجاهل دوري الدرجة الأولى، والدرجة الثانية، والثالثة، نتيجة عدم المتابعة لهذه الدوريات. ومع ذلك، فنحن نردد دائماً أن الكرة السعودية ولادة - وهذه حقيقة - ولكنني أطرح سؤالاً مباشراً لاتحاد الكرة: لماذا لا يتم اعتماد وتعيين مدربين وطنيين للمنتخبات بكل فئاتها في مناطق المملكة المختلفة؟ لو اعتمدت هذه الفكرة، فإن من المهم أن يتبعها برنامج عمل، وتحديد فترات للتجمع، تكون من أسبوع إلى عشرة أيام، وليس هناك ما هو أفضل من هذه الفترة، وإعلان أسماء اللاعبين المرشحين لدخول المعسكر، وإجراء بعض المباريات المحلية مع أندية من المنطقة، ومن ثم رفع تقارير عن أبرز هؤلاء اللاعبين إلى إدارة شؤون المنتخبات. إذا طبقنا ذلك، سنكتشف أن لدينا جيشاً من المواهب التي هي بحاجة إلى من يصل إليها، ويسلط عليها الضوء، وسنعطي فرصة للمدرب الوطني ليعمل ويبدع ويقدم نفسه ويخدم منتخبات بلاده. إنها دعوة لإحياء منتخبات المناطق من جديد .. جربوا ولن تندموا. [email protected]