اثنى الرئيس الأفغاني حميد كارزاي أمس، على إبداء الرئيس الأميركي باراك أوباما استعداده للحوار مع عناصر"معتدلة"في حركة"طالبان". وقال كارزاي خلال تجمع في كابول لمناسبة يوم المرأة العالمي:"انه نبأ سار جداً ان يدعم أوباما فكرة إجراء محادثات مع طالبانيين يعتبرهم معتدلين". وأضاف:"هذا موقف الحكومة الأفغانية منذ فترة طويلة"، مشيرا الى انه على استعداد للتحاور فقط مع"طالبان"غير الملتحقين بتنظيم"القاعدة"أو بمجموعات"إرهابية". وقال:"لا نرحب سوى بالذين يقاتلون بلادهم لأنهم مرغمون على ذلك، سواء لأنهم خائفون أو لأسباب أخرى". وقال الرئيس الأميركي في مقابلة لصحيفة"نيويورك تايمز"نشرت السبت، إن الولاياتالمتحدة لا تحقق انتصاراً في الحرب في أفغانستان، ملمحاً الى احتمال الدخول في محادثات مع العناصر المعتدلة في"طالبان". ولفت اوباما الى نجاح الاستراتيجية الاميركية في العراق حيث تم دفع بعض المتمردين العراقيين السنة الى الابتعاد عن"القاعدة"والجلوس الى طاولة المفاوضات. وقال:"قد تكون هناك بعض الفرص المماثلة في منطقة أفغانستانوباكستان". وتولى الجنرال ديفيد بترايوس تطبيق هذه الاستراتيجية في العراق عندما كان قائداً للقوات الاميركية في هذا البلد. وقال أوباما في المقابلة:"إذا تكلمتم الى الجنرال بترايوس، اعتقد انه سيؤكد ان قسماً من النجاح في العراق تحقق بفضل التواصل مع أشخاص نعتبرهم إسلاميين متطرفين، لكنهم كانوا على استعداد للعمل معنا لأنهم وجدوا أنفسهم في عزلة جراء تكتيك القاعدة في العراق". لكن الرئيس الاميركي حذر من ان أفغانستان ليست العراق وأن جهود المصالحة قد تكون أصعب. وقال ان"الوضع في أفغانستان بالتأكيد أكثر تعقيداً. لديكم منطقة خارجة أكثر عن السلطة وتاريخ من الاستقلال تتمسك به القبائل بشراسة. ثمة قبائل كثيرة وهي احياناً تتحرك عبر الحدود. وبالتالي، فان أخذ كل ذلك في الحسبان سيطرح تحدياً أكبر بكثير". وكان أوباما قال لمجلة"تايم"خلال حملته الانتخابية العام الماضي، انه"ينبغي سبر"فرص خوض مفاوضات مع بعض عناصر"طالبان". وسئل في تلك الفترة إذا كانت الولاياتالمتحدة بصدد كسب الحرب في أفغانستان التي يعتبرها"الجبهة المركزية في الحرب على الإرهاب"، فرد ببساطة:"لا". وقال:"شهدنا تدهوراً في الأوضاع خلال السنتين الماضيتين وحركة طالبان ازدادت جرأة وجسارة عن قبل. نراهم في مناطق جنوب البلاد يشنون هجمات لم يسبق ان شهدنا مثلها". وتابع ان"الحكومة الوطنية لم تكسب بعد ثقة الشعب الأفغاني". وأطاحت قوات دولية بقيادة أميركية نظام"طالبان"في أفغانستان بعيد اعتداءات 11 أيلول سبتمبر 2001 ، غير ان الناشطين الإسلاميين أعادوا تشكيل صفوفهم في السنوات الأخيرة لشن حركة تمرد تزداد عنفاً وانتشاراً. وباشر أوباما بعد قليل على توليه مهام الرئاسة في كانون الثاني يناير الماضي، مراجعة للسياسة الاميركية في العراقوأفغانستان ويتوقع ان يعلنها قبل توجهه الى أوروبا في 31 الجاري في جولة من اللقاءات الدولية. وفي أحد أول قراراته الكبرى كرئيس للبلاد، أمر بنشر 17 ألف عسكري إضافي في أفغانستان، موضحاً ان هذه التعزيزات مهمة لتثبيت استقرار الوضع الأمني المتدهور. وسيكلف قسم من هذه القوات تعزيز الأمن في مرحلة الانتخابات الأفغانية المقرر إجراؤها في آب أغسطس المقبل. وقال أوباما:"علينا ان نعيد صياغة سياستنا حتى تتطابق أهدافنا العسكرية والديبلوماسية والإنمائية لضمان عدم حصول عناصر القاعدة والمتطرفين الذين يسعون لإيذائنا على الملاذات الآمنة التي تسمح لهم بالتحرك". ويعتقد ان زعيم تنظيم"القاعدة"أسامة بن لادن يختبئ في المنطقة الجبلية الحدودية بين باكستانوأفغانستان التي تعتبر ملاذاً لمقاتلي"طالبان". وقال أوباما:"ستكون هناك في صلب سياسة جديدة حيال أفغانستان، سياسة أكثر ذكاء حيال باكستان. طالما ان هناك ملاذات آمنة في هذه المناطق الحدودية التي تعجز الحكومة الباكستانية عن السيطرة إليها أو الوصول إليها في شكل فاعل، سنشهد استمرار الاضطرابات في الجانب الأفغاني من الحدود". ونفذت طائرات من دون طيار يرجح انها أميركية أكثر من 24 عملية قصف صاروخي في باكستان منذ آب أغسطس 2008 ، ما أدى الى مقتل أكثر من 200 شخص معظمهم من الناشطين. وتعتبر باكستان حليفاً أساسياً لواشنطن في"حربها على الإرهاب"، غير ان عمليات القصف الصاروخي أثارت مشاعر معادية للأميركيين في هذا البلد وعلى الأخص في المناطق القبلية المحاذية لأفغانستان. عنف على صعيد آخر، قتل خمسة رجال أمن أفغان وجندي من قوات حلف شمال الأطلسي الأحد في أعمال عنف في أفغانستان، بحسب ما أفادت مصادر رسمية. وأصيبت دورية لجنود أجانب في شرق أفغانستان في انفجار لغم محلي الصنع"ما أدى الى مقتل جندي وإصابة اثنين آخرين"، بحسب بيان للقوات الدولية التابعة لحلف شمال الأطلسي في أفغانستان ايساف. ولا تفصح قوة"ايساف"التي تضم جنوداً من 40 دولة، في العادة عن هوية ضحاياها، وتترك هذه المهمة لبلدانهم الأصلية. وبذلك يرتفع الى 53 عدد الجنود الأجانب الذين قتلوا في أفغانستان منذ بداية العام، غالبيتهم سقطوا في هجمات، بحسب حصيلة لوكالة"فرانس برس"تستند الى أرقام موقع انترنت مستقل. وقتل ثلاثة رجال شرطة في ولاية غزنة وسط حيث يتمركز"طالبان"وجرح ثلاثة آخرون في انفجار قنبلة أثناء مرور آليتهم، بحسب ما أشار بيان لوزارة الداخلية. من جهة أخرى، قتل جنديان أفغان في تبادل اطلاق نار مع متمردين في ولاية كابيسا شمال شرقي كابول، بحسب بيان لوزارة الدفاع التي أشارت الى توقيف ستة مشتبه بهم. نشر في العدد: 16775 ت.م: 09-03-2009 ص: 17 ط: الرياض