تشكل التوقعات بتراجع نسبة التصويت في أوساط فلسطينيي ال1948 إلى ما دون ال50 في المئة، مصدر قلق لدى قادة الأحزاب العربية الثلاثة الرئيسة التي تتنافس على ثقة الناخب العربي، فهم يدركون ان تدني نسبة التصويت العربي في مقابل ارتفاعها في أوساط عموم الإسرائيليين من شأنه أن يخفض عدد المقاعد العربية في الكنيست. وتتمثل هذه الأحزاب في الكنيست المنتهية ولايته بعشر مقاعد موزعة كالآتي:"القائمة العربية الموحدة ? العربية للتغيير"4 مقاعد، و"الجبهة الديموقراطية للسلام"3 مقاعد، و"التجمع الوطني الديموقراطي"3. وتتوقع استطلاعات الرأي أن تحافظ هذه الأحزاب على تمثيلها، لكن هناك استطلاعات تنذر بانخفاض التمثيل إلى 7-8 فقط. وتبلغ نسبة أصحاب حق الاقتراع العرب نحو 13 في المئة من عددهم في الدولة العبرية، ما يعني أنهم قادرون على ايصال 15 نائباً في حال اتحدوا في قائمة واحدة، لكن الأمر يبقى في إطار المأمول، إذ يبدو تحقيق الرقم غير واقعي، اولاً لأن القوائم العربية فشلت مجددا في توحيد صفوفها، وثانياً لأن هناك جهات تدعو إلى عدم المشاركة في التصويت ل"كنيست إسرائيل"من منطلقات سياسية، ثم حقيقة أن الأحزاب الصهيونية جميعها تنهش من أصوات العرب، وبعضها رشح ممثلين عنهم على قائمته الانتخابية سعياً الى كسب ثقة الناخب العربي. وفي حالات معينة، قد يتم انتخاب خمسة مرشحين عرب على القوائم الصهيونية للكنيست المقبل، بينهم أربعة من أبناء الطائفة الدرزية الذين عملت أحزاب"كديما"و"ليكود"و"العمل"وحتى الحزب المتطرف"يسرائيل بيتينو"على تحصين مواقع لهم يبدو بعضها مضموناً. كل ذلك رغم توقع الأحزاب بتراجع شعبيتها في أوساط عرب الداخل عقب الحرب على غزة. وشهدت الأيام الأخيرة حملة من جانب قياديين في الحركة الإسلامية الجناح الشمالي بقيادة الشيخ رائد صلاح تدعو الى الامتناع عن التصويت وتنتقد بشدة قائمتي"الموحدة"و"الجبهة"على ما وصفته"استغلال دماء غزة في الدعاية الانتخابية لكسب الأصوات". كما استأنفت حركة"أبناء البلد"حملتها لمقاطعة الانتخابات للكنيست، وهي التي تدعو في برنامجها الانتخابي إلى إقامة دولة فلسطينية في حدود"فلسطين التاريخية"يعيش فيها العرب واليهود متساوي الحقوق. وتعتبر"الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة"أعرق الأحزاب الوطنية العربية، وهي التي خاضت قبل توسيع صفوفها عام 1977 الانتخابات البرلمانية تحت اسم"القائمة الشيوعية الجديدة". وتحرص الجبهة على تعريف نفسها بأنها حزب عربي - يهودي، وعلى ترشيح يهودي في مكان مضمون رغم أن عدد الأصوات الذي تحصل عليه من اليهود لا يتعدى ألفي صوت في أحسن الأحوال. ويقود القائمة منذ عشر سنوات النائب محمد بركة 53 عاماً، يليه المهندس حنا سويد، فالمرشح اليهودي النائب دوف حنين، وهذه التركيبة ذاتها التي خاضت الجبهة بها الانتخابات السابقة وحصلت من خلالها على 3 مقاعد. وتخوض"الجبهة"الانتخابات تحت شعار"ربط النضال الوطني بشكل صحيح بمهمات تحقيق التطلعات المدنية والاجتماعية للمواطنين العرب في المجالات المختلفة". كما تطرح قضية"التعاون العربي ? اليهودي التقدمي والديموقراطي المثابر لخدمة هدف الجماهير العربية الحقيقي في النهوض من القمقم الذي تريد الأحزاب الصهيونية زجها فيه، وفي مخاطبة الرأي العام الإسرائيلي وإقناعه بعدالة مواقفنا القومية والحياتية والتأثير في اتجاه التغيير وكسب معركة السلام والمساواة والديموقراطية". وتتشكل"القائمة العربية الموحدة"من تحالف من ثلاث قوى هي الحركة الإسلامية الجناح الجنوبي بقيادة النائب ابراهيم صرصور و"الحزب العربي الديموقراطي"بقيادة النائب طلب الصانع، و"الحركة العربية للتغيير"بقيادة النائب الدكتور أحمد الطيبي. وترى القائمة أن برنامجها السياسي يجمع بين خمس دوائر: الإسلامية والقومية العربية والوطنية الفلسطينية والإنسانية العالمية والمواطنة. ويؤكد البرنامج أن القائمة تنطلق من كونها تحالفاً إسلامياً ? وطنياً"وتسعى إلى تصحيح الظلم الواقع على المواطنين العرب وعلى أبناء شعبنا عموماً، من خلال المساواة التامة مع المواطنين اليهود ومن خلال المشاركة المدنية الكاملة كأقلية قومية مع كامل الحقوق الفردية والجماعية". والقائمة الثالثة هي قائمة"التجمع الوطني الديموقراطي"الذي أسسه عام 1996 الدكتور عزمي بشارة وقاده في ثلاث معارك انتخابية، تمثل بعد آخر اثنتين منها بثلاثة نواب. ويخوض"التجمع"الانتخابات الوشيكة في غياب مؤسسه وتحت قيادة جديدة. ويترأس القائمة الدكتور جمال زحالقة، يليه النائب سعيد نفاع بينما تم تحصين المكان الثالث، للمرة الاولى في تاريخ الأحزاب العربية الوطنية لسيدة هي حنين زعبي من مدينة الناصرة. وجاء في المكان الرابع النائب عباس زكور الذي تمثل في الكنيست المنتهية ولايته ضمن"القائمة العربية الموحدة"، لكنه غادرها بعد خلافات وأبرم اتفاقاً مع"التجمع". ويعرّف"التجمع"نفسه على أنه"حزب قومي عربي وطني فلسطيني ديمقراطي في فكرة ونهجه وفي أهدافه السياسية والاجتماعية، ملتزم مبادئ العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان والشعوب، ويعمل في ظروف السكان الأصليين الفلسطينيين داخل إسرائيل، وفي ظروف المجتمع الإسرائيلي والمواطنة الاسرائيلية عموما على الربط بين الهوية القومية ومبادئ الديموقراطية ومتطلبات بناء مجتمع حر عصري متطور، ويسعى إلى تحقيق حل عادل للقضية الفلسطينية يضم الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني". وطوّر التجمع مفهوم ومشروع"دولة لجميع مواطنيها"من خلال ترجمته إلى برامج ومطالب عينية تطرح بمجملها أفقا ديموقراطيا شاملا للمواطنين العرب واليهود.