پتتعرض سرية الحسابات المصرفية السويسرية لاختبار عسير اختلف المراقبون والمحللون في تقويم تأثيرها على مستقبل الساحة المالية والاقتصادية للبلاد. فعلى رغم اتفاق أعلن عنه فجر الخميس بين مصرف"يو بي اس"والسلطات الأميركية بسداد الأول 780 مليون دولار للتصالح مع الضرائب الأميركية وتسليم بيانات حسابات وودائع نحو 300 من عملائه إلى السلطات الأميركية تتهمهم بالتحايل وإخفاء معلومات عن ثرواتهم الحقيقية، أصرّت الأخيرة أمس على تحريك دعوى أمام القضاء المدني ضد البنك السويسري المصنف الأول عالمياً في مجال إدارة الثروات الخاصة، ومطالبته بتفاصيل حسابات 52 ألف أميركي لديهم حسابات لديه.پويخشى محللون من أن يتحول رضوخ"يو بي اس"إلى الضغوط الأميركية وانتهاك سرية الحسابات المصرفية أمراً عادياً، بحيث يطالب الاتحاد الأوروبي وغيره من دول العالم بالمعاملة بالمثل والحصول على بيانات مواطنين ربما تهربوا من الضرائب من خلال فتح حسابات في المصارف السويسرية. وأكد وزير المال السويسري هانز رودلف ميرتس ل"الحياة"على أن سرية الحسابات المصرفية"ليست محل تفاوض وأنها ليست لحماية مرتكبي المخالفات وإنما لحماية خصوصيات المودعين لكن هذا لا يعني التستر على المخالفين". وتدافع الحكومة السويسرية عن قرار تسليم بيانات 300 من عملاء"يو بي اس"إلى السلطات الأميركية ولا ترى فيه خرقاً لقانون حماية سرية الحسابات المصرفية، لأن المصرف اعترف بأن الأسماء المطلوبة خالفت القوانين الأميركية المتعلقة بالضرائب، بالتالي لا يتمتعون بحماية قوانين سرية الحسابات المصرفية. ويحول القرار السويسري دون مثول"يو بي اس"أمام القضاء الأميركي تحت طائلة قانون العقوبات، إذ من المؤكد، بحسب الهيئة السويسرية للرقابة على السوق المالية، أن تلك القضية لو حدثت"لقضت على المصرف تماماً ما ينعكس ضرراً جسيماً على سويسرا لأهميته في الاقتصاد المحلي، كما يصيب سمعة الساحة المالية السويسرية في مقتل". ومهما اختلف تفسير الاتفاق بين"يو بي اس"والسلطات القضائية الأميركية، فإنه لم يحل دون مثول"يو بي اس"أمام القضاء المدني الأميركي مجدداً بتهم مختلفة فندتها وزارة العدل الأميركية على موقعها على شبكة الإنترنت، واعتبرتها مخالفات جسيمة للقانون تمثلت في قيام موظفي"يو بي اس"بأربعة آلاف زيارة سنوياً إلى الولاياتالمتحدة بحثاً عن عملاء جدد من بين الأثرياء. وتطالب البنك السويسري بالكشف عن تفاصيل حسابات أثنين وخمسين ألف مودع لديه، تعتقد السلطات الأميركية أنهم متهربون من الكشف عن ثرواتهم الحقيقية للضرائب الأميركية. پلم ينكر"يو بي اس"ل"للحياة"ارتكاب أخطاء في تعاملاته داخل الولاياتالمتحدة، وأنه يتحمل تبعاتها وأنه في صدد إجراء تعديلات جوهرية في سياساته، من دون الإفصاح عن تفاصيل. پوبينما تصب الانتقادات على بنك"يو بي اس"لأنه لم يقوم الموقف بدقة، ترى آراء أخرى أن القوانين السويسرية صارمة كفاية، فهي تساعد على مكافحة جرائم غسيل الأموال وتمر إجراءات فتح الحسابات لغير المقيمين في خطوات بالغة التعقيد لضمان سلامة مصدر الأموال، للتأكيد على ان سرية الحسابات المصرفية ليست لحماية المشتبه فيهم أو للتهرب الضريبي. لكن غضب الرأي العام جاء بسبب حصول المصرف على أكثر من خمسين بليون دولار لدعمه في محاولات تجاوز تداعيات الأزمة المالية العالمية. وكانت منظمة شبكة العدالة الضريبية غير الحكومية الدولية التي تتخذ من بريطانيا مقراً، حددت الثروات المودعة في الدول التي توصف بأنها ملاذات ضريبية آمنة بنحو 11.5 بليون دولار. وتفقد الولاياتالمتحدة وحدها مئة بليون دولار سنوياً حصيلة عائدات الضرائب المفترضة على الثروات المودعة خارج أراضيها، تليها ألمانيا بما قيمته 50 بليون يورو، فرنسا 45 بليون وبريطانيا بين 11 و41 بليون، وفي الدول النامية ما يعادل 800 بليون دولار. نشر في العدد: 16759 ت.م: 21-02-2009 ص: 21 ط: الرياض