يحق للخليجيين القلق واستنكار التصريحات الإيرانية المتكررة التي تتعرض لاستقلال البحرين وتدّعي زوراً وبهتاناً حقوقاً تاريخية "إيرانية" في مملكة البحرين العربية، وإذا لم يصدر شجب واضح لهذه الادعاءات من أعلى سلطة في إيران الممثلة بشخص المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية، فإن على الأطراف العربية التي ترى في إيران سنداً لقضايا عربية أن تعيد النظر في هذه القناعة... خصوصاً وهي تربط مصيرها ومصير جموع تؤمن بصدق ما تقول بالقضايا والحقوق العربية. هذا من أضعف الإيمان المنتظر رفع الصوت به. ولو بحثت إيران عن مصالحها الحقيقية لما وجدت جيراناً أكثر نضجاً وحرصاً على الاستقرار والتنمية والتعايش السلمي مثل دول الخليج. ولو كان لدى ساستها شيء من المسؤولية لوقفوا تقديراً للدور الخليجي بقيادة السعودية، الذي لم يرضخ للدعوات الأميركية والغربية لمواجهة إيران في فترة حكم بوش الابن، عندما تقاطر المسؤولون الغربيون على المنطقة وليس على ألسنتهم سوى التحريض ضد خطر التوسّع والهيمنة الإيرانية. لكن السياسة الإيرانية الخارجية بأدوارها المركّبة المزدوجة، خصوصاً في التعامل مع القضايا العربية الواضحة من الجزر الإماراتية التي تحتلها قوات إيرانية إلى التهديد المتجدد لاستقرار البحرين، لا تُظهر سوى وجه التوسّع والتهديد لاستقرار الجيران، وهو استقرار يعني منظومة دول مجلس التعاون والعالم العربي. إيران التي تعمل بجهد ودأب في التأثير داخل القضايا العربية بأدوات وصور عربية تحرج بتصريحات مسؤولين فيها، حلفاءها، سواء في سورية، أم المنظمات والأحزاب التي تعتمد على الدعم الإيراني، وتشير في كل فرصة إلى دور له في حماية القضايا العربية والإسلامية. والذين يصرّحون ويخطبون في كل سانحة معلنين حرصهم على كل شبر من الأراضي العربية المحتلة عليهم الآن أن يُظهروا موقفهم من هجمة التصريحات الإيرانية ضد البحرين، اللهم إلا إذا كان لهم رأي آخر؟ هنا لا بد أن نستمع له لتظهر الصورة بشكل أوضح بدلاً من التلاعب بالجماهير العربية. من جهة أخرى، فإن الجمهورية الإيرانية ليست بتلك الوحدة المتماسكة كما تظهر الصورة لأول وهلة، مع تنوّع عرقي متباين داخلها، وممالك عربية سابقة ضمتها إليها وما زالت بسكانها العرب تحت الهيمنة الفارسية. إيران بمثل تلك الادعاءات تؤكد "للأسف" ما يردده مسؤولون صهاينة كل يوم عن الخطر الإيراني الذي يعلن أنه ضد إسرائيل، لكنه يعمل ضد استقرار دول عربية، ويستمر باحتلال أراض عربية. ولا يكفي هنا صدور نفي من مستوى متحدث باسم الخارجية الإيرانية، بل لا بد أن تؤكد ذلك القيادة الإيرانية نفسها إذا كانت حريصة على علاقاتها مع دول الخليج العربية. www.asuwayed.com نشر في العدد: 16759 ت.م: 21-02-2009 ص: الأخيرة ط: الرياض