مؤتمران للشعر، أحدهما"رسمي"والآخر"أهلي"، سيقامان في القاهرة في التوقيت نفسه خلال شهر آذار مارس المقبل، وفي سياق متصل يتنازع تياران من أجل أن يسبق أحدهما الآخر في تأسيس بيت للشعر في العاصمة المصرية. التيار الأول تمثله لجنة الشعر في المجلس الأعلى المصري للثقافة ومقررها الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي، الذي قرر وزير الثقافة فاروق حسني إسناد مهمة رئاسة مجلس أمناء"بيت الشعر الرسمي"له، على أن يتخذ من قصر أثري في القاهرة مقراً له، والثاني يتمثل في مجموعة من شعراء قصيدة النثر، بينهم الشاعر فارس خضر رئيس تحرير مجلة"الشعر"، الذي يؤكد أنه بدأ إجراءات عملية لإنشاء"بيت الشعر الأهلي". لكن الشاعر فتحي عبد الله، أحد أعضاء اللجنة التحضيرية ل"الملتقى الأهلي للشعر"، الذي يأتي احتجاجاً على تهميش قصيدة النثر رسمياً، يؤكد أن فكرة"بيت الشعر"مطروحة منذ عقد"مؤتمر الشعر البديل"الذي أعقب"ملتقى القاهرة الأول للشعر العربي"في مطلع عام 2007. يقول عبدالله ل"الحياة"إنه"طرح الفكرة مع مجموعة من شعراء جيل الثمانينات في بيان صدر في ختام"المؤتمر البديل"، ليمكنهم من خلاله إقامة ندواتهم وأمسياتهم الشعرية إضافة إلى إصدار مجلة معنية بالشعرية الجديدة في مصر، لكن المشروع توقف لتفجر الخلافات بين أعضاء هيئة تحرير مجلة"مقدمة"التي تعد أول مجلة تعنى بقصيدة النثر في مصر". أما عضو لجنة الشعر في المجلس الأعلى المصري للثقافة الناقد محمد عبد المطلب فيؤكد أن موافقة وزير الثقافة على إقامة بيت للشعر لا علاقة لها بمشروع شعراء قصيدة النثر. وأوضح عبد المطلب أن لجنة الشعر أقرت مذكرة صاغها أحمد عبد المعطي حجازي، ومن ثم رُفعت إلى وزير الثقافة الذي وافق على أن يكون حجازي رئيساً لمجلس أمناء بيت الشعر، وأن يكون هذا البيت تابعاً لصندوق التنمية الثقافية. أما عضو لجنة الإعداد لمؤتمر الشعر في المجلس الأعلى للثقافة الشاعر محمد سليمان، فقال إن الرغبة في إقامة بيت للشعر المصري، والاعتناء بالشأن الشعري عموماً أمر مثار منذ عام 1996، مشيراً إلى أنه تقرر في ذلك السياق إصدار سلسة شعرية، كان من المنتظر أن يقوم سليمان نفسه برئاسة تحريرها، لكن الأمر تعثر بعدما قرر أمين عام المجلس آنذاك الناقد جابر عصفور، أن تصدر تلك السلسلة تحت إشراف لجنة الشعر التابعة للمجلس ذاته. وأضاف سليمان ل"الحياة"أن"هذه عادة المشاريع الثقافية لدينا، تبدأ كبيرة وعريضة ثم تنتهي إلى شيء أصغر مما يحلم به الجميع، إن لم تمت في مهدها". أما عن أهداف"بيت الشعر"الذي سيرأسه حجازي فيرى سليمان، وهو أحد أبرز شعراء جيل السبعينات في مصر، أنها ستنحصر في ممارسة الأنشطة الشعرية من ندوات وأمسيات، وأن أعلى طموحها هو إصدار مجلة معنية بالشعر. لا يمكن القول إن"بيت الشعر المصري"هو المشروع الثقافي الوحيد الذي يسعى بعض"الشعراء المهمشين"إلى تنفيذه، فهناك ممن ينطبق عليهم الوصف نفسه، من يسعى لتكوين مؤسسة ثقافية أهلية لرعاية الحركة الشعرية الجديدة، هذه الحركة التي يمثلها مؤتمر قصيدة النثر المزمع عقده في مقر نقابة الصحافيين في القاهرة، متزامناً مع مؤتمر المجلس الأعلى للثقافة. ويؤكد هؤلاء أن ما يسعون إلى تحقيقه أكبر من أن يستوعبه مشروع"بيت الشعر". لكن الشاعر فارس خضر يرى في موازاة ذلك أن"النشاط الثقافي يستوعب الكثير من المؤسسات الفاعلة، وأن لحظة النهوض الثقافي أكبر من أن تنحصر في مؤسسة أو اثنتين"، ومن ثم أكد أنه ماض في مشروع"بيت الشعر المصري"، مشيراً إلى أنه سيوجه الدعوة إلى شعراء قصيدة النثر ليكونوا أعضاء مؤسسين لهذا البيت. وقال إن إصراره يرجع إلى توقعه أن يواصل"بيت الشعر الرسمي"تهميش التيارات الجديدة، فضلاً عن أنه لن يخرج عن كونه منفى للشعر وليس بيتاً له.