سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الرئيس التركي أكد أن على المسلمين تنظيم بيوتهم من الداخل قبل تدخل الأغراب لتنظيمها . عبدالله غل : لا نريد قوى نووية في المنطقة ... ولم يطلب منا "التوسط" بين إيران والإمارات بشأن مشكلة الجزر
تعتبر العلاقات السعودية - التركية تاريخية، إذ يلعب البلدان أدواراً مهمة ومؤثرة في قضايا المنطقة، ويسعيان سوياً لپ"حلحلة"أزمات منطقة الشرق الأوسط المتعددة. ويؤكد المراقبون ان السعودية وتركيا تعملان على تكامل الأدوار بينهما، نظراً لتأثيرهما الأقليمي والدولي، انطلاقاً من تطابق وجهات نظرهما بشأن قضايا المنطقة، لما يحقق استقرار البلدين وسلامة الشعبين. لا شك في أن المملكة وتركيا طرفان مهمان في منطقة الشرق الأوسط ولاعبان رئيسان على الساحة الإسلامية والدولية، وعلى رغم الاختلاف"النوعي"في كيفية التعاطي مع القضايا المصيرية، الا انهما يشتركان في ضرورة مؤازرة العمل الإسلامي الموحد، لنبذ الفرقة والاختلاف في منطقة"ملتهبة"لا تبرحها التحديات والمشكلات المعقدة. في العاصمة التركية أنقرة، داعبت"الحياة"الرئيس غل، في بداية اللقاء بانها تتبعت فترات من حياته عندما كان يعمل في المملكة، وتتبعت الأماكن التي يزورها واصدقاءه الذين تزامل معهم في البنك الإسلامي للتنمية. في انقرة تحدث الرئيس عبدالله غل لپ"الحياة"وصحيفتي"عكاظ"وپ"المدينة"في حوار صحافي موسع، امتد لنحو ساعة ونصف الساعة، معبراً عن اعتزازه بعلاقات بلاده مع السعودية، والروابط التي تربطه بالمملكة وأهلها، ودور تركيا في المنطقة من جهة ورغبتها في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي من جهة أخرى. كما أكد غل في هذا الحوار أنه ضد قيام أي مشروع نووي في المنطقة، مشدداً على وجوب خلو المنطقة من أسلحة الدمار الشامل. ودعا الفلسطينيين إلى التوحد من أجل قضيتهم ووطنهم وشعبهم، لافتاً إلى انه كان يجب على"حماس"أن يكون لها دور مختلف بعد أن أصبحت فى موقع المسؤولية، لكن ما حدث منها كان مغايراً. حبذا لو نبدأ بالسؤال عن زيارتكم المرتقبة الثلثاء المقبل غداً إلى السعودية، للقاء خادم الحرمين الشريفين.. كيف تصفون العلاقات بين الرياضوأنقرة؟ - ما زلت أتذكر الزيارتين الكريمتين اللتين قام بهما خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى تركيا عامي 2006 و2008، وما زلنا في تركيا نحمل ذكريات طيبة لتلك الزيارتين المهمتين، إذ إن زيارة عام 2006 تعتبر أول زيارة لملك سعودي منذ 40 عاماً وكنا نتطلع لها كثيراً، وهذا دليل على اهتمام خادم الحرمين بتركيا، ونؤكد أننا في الوقت نفسه نبادله الشعور نفسه. تكنّ تركيا محبة خاصة لخادم الحرمين الشريفين وللقيادة السعودية وللشعب السعودي، فعلاقاتنا الثنائية مهمة جداً، ونحن نولي هذه العلاقات أهمية كبيرة في ظل مساعينا سوياً لحل قضايا المنطقة، وعندما تستجد أمور معينة نتشاور مع القيادة السعودية فوراً بشأنها، لأنني أعتقد أن هناك تقارباً كبيراً جداً في وجهات النظر بين المملكة وتركيا، سواء في العلاقات الثنائية أو في العلاقات مع دول المنطقة. اللقاء الأخير بينكم وبين خادم الحرمين الشريفين في أنقرة تمخض عن تأسيس أرضية جديدة مشتركة، وظهر ذلك جلياً عبر توقيع اتفاقات وتواصل في ما بعد بين شخصيات سعودية وتركية مسؤولة، ماذا ستشكل زيارتكم إلى الرياض من إضافة"منتظرة"في علاقات البلدين؟ - العلاقات التركية - السعودية موغلة في القدم ولها روابط اجتماعية وثقافية ودينية متعددة، ولكن في الفترة الأخيرة قويت هذه العلاقات وزادت أطر الفاعلية الموجودة فيها ما جعلها أكثر ارتباطاً وقوة وأصبحت متطورة. ومن أهم القضايا التي انعكست من تبادل الزيارات والتعاون الموجود بين البلدين: اتفاقات عقدت وتم التصديق عليها من مجلس الشعب التركي الكبير في تركيا، وكذلك من السلطات المعنية في المملكة العربية السعودية، ومن ضمنها الإعفاء الضريبي وتشجيع الاستثمارات والمواصلات والحقول الأخرى الكثيرة التي فتحت آفاقاً كثيرة لمجالات التعاون بين البلدين، يمكن لنا إضافة جديدة بالنسبة لاتفاقات يمكن أن تعقد أثناء الزيارة للمملكة أو في ما بعد، وهذه يمكن أن تتعلق بالقضايا الدفاعية أو قضايا مكافحة الإرهاب أو أي حقول أخرى تستوجب التعاون بين البلدين، وبالنسبة للصناعات الدفاعية فهي مهمة جداً للتعاون بشأنها، ولذلك يمكن أن أوجز بأن حجم التبادل التجاري بين بلدينا يبلغ حالياً 6 آلاف مليون دولار، ونطمح إلى أن يصل في القريب العاجل إلى 10 آلاف مليون دولار، وهناك ملف ثان وهو موضوع الاستثمارات السعودية في تركيا والاستثمارات التركية في المملكة العربية السعودية ويمكن أن نتناولها في ملفات معينة، فتركيا تعد من الدول التي زادت من فاعليتها الاقتصادية، إذ يحتل اقتصادها الترتيب السادس على مستوى أوروبا حالياً. هناك استثمارات سعودية في تركيا، وهناك شركات تركية ضخمة تعمل في المملكة، لأن بلادنا في مجال الإنشاءات، تعد البلد الثالث في العالم من ناحية حجم المقاولات الإنشائية، ونحن نشكر القيادة السعودية على الثقة التي توليها للشركات التركية، لأن المملكة أيضاً تعيش نهضة وقفزة اقتصادية واجتماعية كبيرة تجلب نظر العالم إليها. تحدثتم عن اتفاقات تمت بينكما، وأعتقد أن بعضها فُعّل بشكل جيد، خصوصاً في الجانبين الاقتصادي والتجاري.. لكن السؤال، هل هناك تنسيق سعودي - تركي بشأن التعاطي مع قضايا المنطقة السياسية المهمة؟ - العلاقات السياسية بين البلدين تُستثمر بشكل ممتاز جداً في جميع المحافل الدولية ونساند بعضنا البعض في جميع المحافل، ونتشاور دائماً في ما بيننا في القضايا ذات الاهتمام المشترك الدولية والإقليمية والقضايا التي تهم منطقة الشرق الأوسط. البلدان متوازيان في النظرة إلى هذه الأمور، وهذه مسألة مهمة بالنسبة للبلدين، إذ تفكر الدولتان على الأساس نفسه وبالمنوال نفسه، ولذلك تزيد قوة العلاقات وفاعلية هذه العلاقات بين الدولتين، هذا بالنسبة لإطار العلاقات الثنائية، وقد يجوز أن ننتقل في ما بعد إلى القضايا الأخرى التي تهم المنطقة. ان النظرة إلى المواضيع المشتركة التي تخدم المنطقة متطابقة بين تركيا والمملكة، وسأذكر ذلك في شكل أوضح. نحن دولتان نتشارك في الفهم الجيد والعميق للمسألة الأمنية، ونعتقد ونساند جميع الجهود التي تؤدي إلى حل النزاعات الموجودة في المنطقة قبل أن تصل إلى مرحلة الصراع والتصادم. ماذا عن علاقتكم الشخصية بالمملكة؟ - على المستوى الشخصي عشت فترة في المملكة خلال الثمانينات من القرن الماضي، وإحدى بناتي ولدت في جدة خلال عملي هناك، وبالتالي فانا ارتبط في المملكة بذكريات عائلية جميلة جداً وطيبة، ولي علاقات جيدة وأصدقاء كثيرون هناك، وبالطبع هذه العلاقات الشخصية"الحميمة"تؤثر إيجاباً في علاقات بلدينا. ألا ترون ان هناك عادات وتقاليد عربية - تركية متشابهة، وقضايا متشابكة، وعلى رغم ذلك شهدت العلاقات في فترات سابقة فتوراً، إلا أن تحركاً ديبلوماسياً تركياً بدأ يبرز، ما أدى إلى تلطيف الأجواء.. لماذا تميل تركيا أحياناً إلى ارتداء"القبعة"الأوروبية أكثر من ارتدائها لپ"العمامة"العربية؟ - تركيا تولي أهمية كبيرة جداً لجميع الدول التي تربطها بها علاقات مميزة، وتقف على مسافة واحدة تقريباً منها جميعاً، ولكن في السنوات الأخيرة بدأت بلدنا تولي أهمية كبيرة لجيرانها القريبين في المنطقة، وحاولنا أن تكون علاقاتنا مميزة جداً مع هذه الدول مع محاولة تصفير المشكلات - إعادتها إلى الصفر - مع دول الجوار، كنا إيجابيين جداً عندما اتبعنا هذه السياسة، وكان هدفنا هو حل المشكلات وليس خلقها. كانت لنا علاقات ضعيفة ببعض دول الجوار وبعد أربع أو خمس سنوات، تحسنت علاقاتنا بهم، ووصلت إلى الذروة، عندما نقول جيراننا فنحن نقصد الدول الموجودة في المنطقة، وكذلك المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي ومصر وجميع الدول التي أوليناها أهمية خاصة جداً لتخصيب علاقاتنا وإيصالها إلى المستوى المطلوب من جانبنا وشعبنا ممتن لهذا الاتجاه، ونحن نساند هذه النظرة، ما يقودنا إلى هذا الفكر هو اشتراكنا في دين واحد، وثقافة مشتركة تتشابه حضاراتنا وثقافاتنا وقناعاتنا، ولو رجعنا إلى مئات السنين فهناك علاقات تاريخية ربطت بيننا بشكل كبير. في العصر الحديث طبعاً هناك أنظمة مختلفة للدول، وهناك قضايا دستورية مختلفة وأنظمة مختلفة وحقائق مختلفة بالنسبة للدول، ولكن كل هذا لا يمكن أن يحجب أو يغطي حقيقة اشتراكنا في الكثير من القناعات. ولا يؤثر في علاقاتنا وصداقاتنا وشراكاتنا، بأي شكل من الأشكال. لوحظ خلال العدوان الإسرائيلي على غزة أن التصريحات التركية كانت تميل إلى جانب"حماس"على حساب السلطة الفلسطينية.. أليس كذلك؟! - عندما كنا نتناول هذا الموضوع لم نعبر عن"حماس"، ولكن كنا نعبر عن مأساة الشعب الفلسطيني، فنحن نرى فلسطين وحدة متكاملة ونسيجاً واحداً، فهناك انتخابات فازت بها"حماس"في هذه الفترة، وقد تكون هناك انتخابات تفوز بها جهة أخرى، ولكننا لسنا طرفاً في الفرقة الفلسطينية إطلاقاً، والذين تألموا وعانوا في غزة لم يكونوا"حماس"ولكنهم كانوا أبناء الشعب الفلسطيني. فتلك المآسي التي رأيناها جميعاً من أطفال ونساء لقوا حتفهم وكأننا نشاهد مباراة لكرة القدم بنقل حي على الهواء مباشرة على جميع الفضائيات، آلمتنا وجرحتنا من الأعماق، جميع الصحف التركية بلا استثناء سواء كانت يمينية أو يسارية وفي جميع الاتجاهات اتحدت في إبراز هذه المأساة على صفحاتها، لأن هناك ضحايا كثراً على الساحة، والشعب التركي من دون استثناء كان متألماً جداً من هذه المأساة، وطبعاً رجال الدولة الذين يمثلون هذا الشعب سواء مجلس الوزراء أو شخصي أو جميع الوزراء تألموا جميعاً، وقد عكست الصحف هذا الشعور الشعبي بالألم الفلسطيني. ولكن الموقف السياسي في بداية وقف إطلاق النار كان يدعم"حماس"، وقبل أيام كان مستشار وزير الخارجية يطالب"حماس"باتخاذ موقف من اثنين، إما أن تصبح جهة مسلحة أو أن تتخذ الجانب السياسي الديبلوماسي في التفاوض، هل هذا يعني أن موقف تركيا شابه شيء من الاختلاف؟! - لو تعرضنا لمحتويات هذه التصريحات سنجدها متطابقة تماماً في المضمون والمحتوى.. هناك قسم من الصحف يأخذ أجزاء من الجمل ويبرزها على الواجهة، إلا أنه كما أسلفنا في غزة جرت انتخابات حرة وسمحوا لحركة حماس بخوضها وفازت، لذلك أصبحت حماس طرفاً شرعياً ممثلاً لأبناء هذه المنطقة، ولذلك لا يمكن تجاهل حركة حماس، ولكن بطبيعة الحال هناك توصيات قمنا بإبدائها إلى حركة حماس، وقمنا بإبداء مثل هذه التوصيات لمنظمة فتح أيضاً، وطبعاً مسؤوليتهم اختلفت عندما قاموا بإدارة الدولة، وكان يجب أن يكون موقفهم مختلفاً، لابد أن يكون لهم دور مختلف، لأنهم أصبحوا في مكان إدارة الدولة، ولذلك فنحن نرى أن الوحدة الفلسطينية أمر مهم وشرط أساسي. الأكيد ان ليس هناك ما يؤثر على القضية الفلسطينية أكثر من التفرق والتشرذم الفلسطيني الداخلي. ماذا تستطيع أن تفعل فلسطين إزاء إسرائيل وهي غير متوحدة، فجغرافياً هي في الأصل مقسمة، وعندما نضيف إلى ذلك الانقسام السياسي، يكون الأمر ضاراً جداً للفلسطينيين والعرب والمسلمين، هذا آخر ما يمكن أن يفكر فيه البعض، ولذلك فإن لنا علاقات بالطرفين، ونعتقد بأننا لابد ألا نهمش جزءاً على حساب آخر، لأنه بالضرورة سيكون جزءاً من العملية السياسية، هذا ما فعلناه وهذا ما أبديناه في هذا الاتجاه. ومن الجائز أنكم تعلمون بأنه عندما فازت حماس في الانتخابات كنت أنا كوزير للخارجية أول من دعاهم إلى تركيا لمناقشة هذه المسألة، وقلنا لهم بما أنكم فزتم بالانتخابات عليكم أن تكون تصرفاتكم مختلفة وتحتضنون القضية الفلسطينية بقوة، وتحتوون الأزمة جيداً، كانت هذه هي نصيحتي لهم، إلا أن - للأسف - الكثير مما قلته لم يطبق على أرض الواقع. تنظيم داخل البيت الإسلامي بدلاً من الأغراب والأجانب هموم المنطقة كثيرة جداً وعلى رغم تعزيز الطرف التركي للحوار مع العرب، إلا أن البعض يزعم بأن هذا التوجه لترويج ما يسمى مشروع الشرق الأوسط الكبير، خصوصاً أن هذا الموضوع طُرح سابقاً في لقاء لكم مع الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، كيف تدحضون ذلك إن كان زعماً أو كان حقيقة؟ - يمكن لكم أن تتعرفوا على موقفنا الشامل بالنسبة لهذا الموضوع من خطابي الشامل، الذي ألقيته في اجتماع وزراء خارجية منظمة المؤتمر الإسلامي، الذي عقد في طهران عام 2003، قلت آنذاك:"لقد حبانا الله سبحانه وتعالى بالعقل والمنطق، فيجب أن نكون واقعيين، ويجب أن ننظر نظرة إيجابية، ونقرأ قراءة صحيحة ما يحدث في العالم حالياً. ولأنني كنت أتحدث للدول الإسلامية فقد قلت إننا كدول إسلامية يجب أن ندرس ماذا ينقصنا؟ ما هي أخطاؤنا؟ ما المسائل التي يجب أن نسعى لها؟ طرحت أفكاري بالنسبة للقضايا التي تتعلق بكيفية أن تكون دولنا قوية في هذا الاتجاه، طرحت بعض المبادئ المهمة، كالشفافية ومحصلة الذات والحقوق وسيادة القانون، قلت لهم يجب أن ننظم داخل البيت، وبعكس ذلك فإن الأغراب والأجانب سيأتون لتنظيم بيوتنا من الداخل، وعندما يبدأون بهذه المحاولة سيضعون مصالحهم الشخصية في الاعتبار طبعاً قبل كل شيء، وعلينا أن نعلم أن لا أحد يترك على حاله في هذا العالم، لأن موقف أي طرف يؤثر في الجانب الآخر، علينا أن ننظم أمورنا الداخلية، ننظم بيوتنا، ننظم المنطقة بمبادرات من قبلنا، يجب أن نتوصل إلى آليات تحد من ظهور المشكلات والمنازعات، قبل أن نقوم بحل المشكلات والمنازعات. ولذلك فهناك أقاويل كثيرة بالنسبة لمشروع الشرق الأوسط الكبير، وقد ترددت في أنحاء كثيرة. علاقاتنا مع المنطقة حميمية وهادفة ونزيهة، وتستند إلى أسس تاريخية عميقة، أسست على هذه المصالح". يبدو أن تركيا تستخدم"ديبلوماسية ناعمة"، إذ تقوم حالياً بدور الوسيط بين إسرائيل وسورية في مفاوضات السلام، إلا أن الملاحظ أن هناك أطرافاً لا يرضيها هذا الدور التركي"المؤثر"، وتحاول التأثير فيه، وأقصد هنا إيران... ماذا عن طبيعة العلاقات التركية ? الإيرانية؟ وما موقفكم من برنامجها النووي؟ - إيران دولة جارة، وبلد مهم في المنطقة، ودولة مهمة في العالم الإسلامي أيضاً، وهناك توجهات مختلفة في العالم الإسلامي، سواء من الناحية السياسية أو ناحية الأنظمة التي تتصف بها هذه الدول، وجميعها موجودة في العالم الإسلامي، وإيران لها سياسة أمنية مختلفة، وفهم معين للقضية الأمنية، بعد أن ذكرت كل هذا أردت أن أصل إلى نقطة مهمة، أما بالنسبة للقضية الفلسطينية والشأن العراقي فهما جروح نازفة، ولكن القضية الفلسطينية هي أم المشكلات في دول عدة وفي موقف متعذر الآن، لو لم تحل هذه المشكلات فإن الدول سيكون لها منظور خاص بالنسبة لحل هذه المشكلات والطرق المتبعة في هذا الاتجاه، من هذا المنطلق علينا أن نبادر في الحال لحل خلافات كل المنطقة، من أجل ألا نفسح المجال للآخرين للتدخل في ذلك. لكن ألا ترى أن إيران لا تساعد في إيجاد الحلول بقدر ما تثخن الجروح؟ - يجوز أن تكون لإيران تطلعات كدولة إسلامية، وتحب أن تدافع عن الشؤون الإسلامية، ولكن فلسطين عربية، وفلسطين بها المذهب السني، فلذلك بالنسبة للعرب والفلسطينيين يجب أن يبادروا قبل كل شيء لحل هذه الإشكالات. بالنسبة للمنطقة وبالنسبة للخليج، فنحن في تركيا على دراية بالمشكلات الموجودة، ونعلم أن أهم خطر يواجهنا هو أن تكون هناك محاور في هذه المنطقة تعيد سياسات مختلفة وتواجه الآخر، هناك هذا الشيء ولو لم يتم الحديث عنه صراحة، ولذلك علينا أن نبادر جميعاً، ونركّز على ضرورة إرساء عامل الاستقرار في المنطقة. وبالنسبة للعراق وإيران، علينا ألا ننسى الحرب التي دارت رحاها بينهما، ودفع ثمنها مليون شخص فقدوا حياتهم، وأهدرت جميع الثروات الإسلامية العراقية والإيرانية بلا داع، وهذا يدل على سياسات خاطئة وتشويش فكري في نظر بعض الساسة والقادة بالنسبة لهذه الأمور. ولذلك فإننا نولي أهمية خاصة لذلك فعندما زرت القاهرة زرت الجامعة العربية، وألقيت هناك خطاباً بعد سقوط أو تفكك الاتحاد السوفياتي، وهناك آليات وضعت في أوروبا للتعاون والتظاهر، ووضعت مبادئ لها، وتم الاعتراف بحدود الدول، وامتدت كذلك لدول القوقاز لحل كل المشكلات العالقة في هذه المناطق والذي فعلوه أنهم حاولوا تفكيك المشاكل قبل أن تصل إلى الحرب أو شفير الحرب، وقد قلت وقتها في الجامعة العربية إننا في منطقة يجب أن تكون لدينا آلية ومبادئ معينة في ذات الاتجاه، يجب أن نبادر إلى إرساء دعائم هذه الآلية في المنطقة، لكي نواجه المشكلات قبل أن تصل إلى الصدام المسلح بين الأطراف المعنية، ويجب أن نخطو خطوات متعددة باتجاه إرساء عامل الأمن والاستقرار. وبعكسه فإن هناك محاور في الدول العربية والإسلامية، وقد تكون هناك محاور في بلد واحد مثلما رأيناه في فلسطين. لم يطلب منا التوسط لكن إيران مازالت تحتل جزراً خليجية، جزراً تابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة، وترفض المفاوضات حولها، ونقلها إلى محكمة العدل الدولية؟ - نعم. ولكن هناك مشكلات حدودية ومشكلات أخرى في هذه المنطقة، وهذا أمر مؤسف، وقد بدأت الحرب العراقية في الكويت بسبب هذه المشكلات، وهناك مشكلات معينة في دول الخليج كما ذكرتم، لقد حبانا الله بالعقل والمنطق كما قلت، لذلك فعلينا أن نحكّم المنطق وضبط النفس، ونقدم عنصر الأمن والاستقرار، الذي يجب أن يحكم علاقاتنا. هل يمكن أن تقوم تركيا بدور الوسيط بين الإماراتوإيران على غرار وساطتها بين إسرائيل وسورية؟ - لم تصلنا طلبات من أي طرف من الأطراف، نحن لدينا علاقات متزنة مع جميع دول الخليج، إلا أنه للآن لم تصلنا أي طلبات من هذا القبيل. بالنسبة لمبادرة خادم الحرمين الشريفين للسلام... صرحتم بأنكم كنتم داعماً لها، ولو رجعنا إلى كلمة الملك عبدالله في"قمة الكويت"التي قال فيها إن المبادرة لن تبقى على الطاولة إلى الأبد، ما الموقف التركي من مبادرة السلام في الوقت الراهن؟ - أرى أن خادم الحرمين الشريفين محق في هذا الموضوع، فليس من المعقول أن يبقى أي ملف على الطاولة إلى ما لا نهاية، كانت حركة دنيئة أن تستغل إسرائيل الأزمة، لتقنع العالم بأن لديها مشكلة أمنية، ولكن هذه المبادرة أوضحت للكل، أن الدول العربية تضمن أمن إسرائيل على شروط هذه المبادرة، ولكن كان على إسرائيل أن تقوم في المقابل بإجراءات معينة، وهناك أمر مهم آخر أن جميع الدول الإسلامية أيدت هذه المبادرة من إندونيسيا إلى المغرب حتى إيران، التي كان يكفيها أن تبدي موافقتها ضمنياً على هذا الموضوع، إلا أنها وافقت، وهناك بيان لمنظمة المؤتمر الإسلامي شاركت فيه، ووقعت جميع الدول الإسلامية، ويجب أن ندرس هذا الملف بعناية. انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، يبدو للبعض أن تركيا عاجزة عن الوفاء بكل معايير كوبنهاغن في ما يتعلق بالانضمام للاتحاد الأوروبي، بينما في الواقع أن تركيا أنجزت الكثير بالنسبة لاشتراطات بروكسيل كإلغاء عقوبة الإعدام، وإبعاد العسكريين عن التدخل في السلطة، كما أنكم أجريتم العديد من الإصلاحات والإنجازات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بحسب معايير كوبنهاغن واشتراطات بروكسيل، أليست تركيا"مهيأة"للانضمام للاتحاد الأوروبي؟ أين الحقيقة أمام هذا الادعاء من جهة، وأمام الواقع الذي أنجزته تركيا من جهة أخرى؟ - أحب أن أوضح قبل كل شيء أنه عندما قمنا بتطبيق المعايير الأوروبية والمعايير التي ذكرتموها، وكذلك قمنا بالإصلاحات الاجتماعية والسياسية، كنا نستهدف قبل كل شيء مصلحة بلدنا بالنسبة لهذا الانضمام. الأمر الثاني هو أنه لأننا حققنا الكثير من هذه المعايير، فقد بدأنا مرحلة الانضمام الكامل إلى الاتحاد الأوروبي عام 2005، المهم هو بدء المفاوضات، لأن هناك من الشكوك التي كانت تعرقل إمكان انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، أو مماطلة من بعض الدول في شأن الانضمام، لكن عندما بدأت المفاوضات فقد مضت سنتان أو ما يقرب السنوات الثلاث، وهذه المراحل مستمرة بالنسبة للمفاوضات، وهناك ملفات فتحت وأغلقت، لأن الاتحاد الأوروبي له ضوابط معينة بالنسبة لهذا الموضوع، وأحب أن أؤكد وأشير إلى أن انضمام الدول الكبيرة إلى الاتحاد الأوروبي، استغرق زمناً أطول من المعتاد. تتذكرون أن انكلترا رفضت عضويتها مرتين، بسبب استفتائهم فرنسا على عضويتها. كما استغرق انضمام اسبانيا إلى الاتحاد عشر سنوات، وتركيا دولة كبيرة تضم 70 مليوناً، وهي دولة مسلمة تنضم إلى الاتحاد الأوروبي ببنية جديدة، وتكون من أكبر المجاميع في البرلمان الأوروبي في حال انضمامها، أما الدول الصغيرة أو ذات الاقتصادات الضعيفة، فهي تختلف عن مسار انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، وبالنسبة للعامل الاقتصادي، فنحن أكبر سادس اقتصاد ضمن المجموعة الأوروبية كما ذكرت آنفاً، يجب أن نفكر في هذه الأمور، كما يجب أن نستوعب هذه المسائل، ولذلك لا يهمنا الاستعجال في هذا الأمر. ولكن هناك أمراً يسرني أن أذكره وهو أن جميع الدول الإسلامية ساندت بقوة وأيدت انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، وكذلك المملكة العربية السعودية وخادم الحرمين الشريفين ومصر والدول الأخرى، فقد أولت اهتماماً كبيراً وساندت تركيا في هذا الاتجاه. إن الأوروبيين يعرفون ذلك جيداً، ولذلك كنا في موقف القوة باتجاه الأوروبيين في هذه المسألة. هناك جدل يدور في النادي الأوروبي بين من يؤيد انضمامكم إلى الاتحاد، ويرى أن تركيا هي مقر بين أوروبا والعالم الإسلامي في مجال الحوار، وفي مجال تقويم الثقافات، وفي مجال التفاهم حول السلام الدائم والمستمر، بينما هناك طرف آخر على النقيض تماماً يحذر من العواقب الوخيمة من هذا التقارب بين تركيا والعالم الإسلامي، أو التقارب بين أوروبا والعالم الإسلامي من خلال تركيا، ما يتضح أنكم تقفون في منطقة الوسط، فما هذا الوسط الذي تحاولون من أجله أن توفقون فيه بين دوركم بين أوروبا والعالم الإسلامي، وبين مصلحة بلادكم في مسألة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي؟ - كلام صحيح، أوروبا مجتمع متعدد الأطياف، وهناك مجاميع أوروبية تساند انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، وهناك جهات تعارض ذلك، وبعض المجاميع تقول إن هذا منتدى مسيحي، يجب أن يبقى بهذا الشكل، ولكن الآخرين يقولون كلا إن هذا الاتحاد يجب أن يكون متعدد الثقافات ومتعدد الأديان، ولكن يجب أن تسود المفاهيم الديموقراطية في هذا الشأن. هناك مجاميع ترى أن انضمام تركيا يخدم الإسلام في المنطقة، وكذلك بالنسبة للمفاهيم الحضارية، والتواصل الحضاري بين الأطراف المختلفة، ولذلك فقد أيدت الدول الأوروبية بالإجماع البدء في مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، لأن هناك شرط الإجماع في اتخاذ مثل هذه القرارات. حول تعليق محادثات السلام بين سورية وإسرائيل في الوقت الراهن، هل يفكر الوسيط التركي في إعادة إحياء محادثات السلام بين دمشق وتل أبيب؟ - نحن نرى أن موضوع الحوار يجب أن يعم على المنطقة بأسرها، وبالتأكيد الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي أحد أهم هذه المواضيع، وكذلك سورية وإسرائيل ولبنان يجب أن تكون على محور المفاوضات، لقد طلب الطرفان بإلحاح أن نتدخل في هذه المسألة، وفي السنوات السابقة كانت هناك محاولات، ولكننا لم نكن مطمئنين إلى النتائج، ولذلك انسحبنا من تلك المرحلة سابقاً، وفي هذه المرة سألنا الطرفين إذا كانا جادين في هذا الموضوع ويريدان التوصل إلى حل، فأبدى الطرفان تأييدهما لكونهما جادين، لهذا بدأت المفاوضات وجرت خمس جولات فيها، وكان من المؤمل أن تبدأ المفاوضات المباشرة عندما بدأت أحداث غزة، ولذلك علقت هذه المفاوضات، حتى تكون هناك رغبة مشتركة للبدء فيها مرة أخرى. نأمل بأن يسود الأمن والسلام الدائمين في المنطقة إذا جلسنا نحن وأنتم والمصريون وتحدثنا ورأينا هذه المآسي تحدث في كل عام أو عامين فهل نبقى نتفرج عليها؟ رأينا وقرأنا مقالة الأمير تركي الفيصل في"الفايننشال تايمز"بإعجاب.. نعم حدث ما حدث. ولكن الشعوب السعودية والمصرية والتركية تألمت كثيراً للمأساة، التي خلفت آثاراً عميقة في قلوب الشعوب، فهل ننتظر تكرار هذه المآسي بعد عامين مرة أخر?؟ لقد حدثت قبل عامين، ولذلك فمن هذا المنطلق نحن نبادر إلى حل النزاع على محور معين، ونأمل أن تسود هذه الذهنية على المحاور الأخرى، هناك إدارة جديدة في الولاياتالمتحدة الأميركية، وهذه فرصة جيدة وكبيرة، وأقول بالنسبة لهذه المسألة تابعنا تصريحات الرئيس الجديد، والرسالة التي أرسلها إلى المجتمع الإسلامي، وإبداء الرغبة في إرساء دعائم التعاون مع العالم الإسلامي، وقد تحدثت معه هاتفياً، عندما تم انتخابه، وقد أبلغني برغبته في تحسين العلاقات مع العالم الإسلامي، ومدى الأهمية التي يوليها إلى هذه المنطقة من العالم، وأنا أعتقد أنه جاد في هذه المسألة، لأنني تابعت كتبه ومقالاته وتصريحاته التي أدلى بها أثناء حملته الانتخابية، وهناك مسألة أخرى بالنسبة للعالم الإسلامي في إطاره العام، وكذلك العالم العربي، وكذلك بالنسبة للشأن الفلسطيني، فالفلسطينيون أنفسهم يجب أن يكونوا مهيئين لهذا، لأن هناك إشارات وردت من الطرف الثاني من الولاياتالمتحدة القوة العظمى، فعلينا أن نقرأ هذه الإشارات قراءة جيدة، ويجب أن نبادر إلى الإجابة عليها، ونتفاعل معها بشكل جيد. الأشهر الأولى مهمة جداً بالنسبة لإدارة أوباما، إذا وضعت الأمور والعلاقات في إطارها الصحيح، فستبدأ وستستمر في هذا الاتجاه، ولذلك هذه من المسائل المهمة، وأهمها القضية الفلسطينية، وكل مشكلات المنطقة يجب أن نكون مهيئين، وأن نكون واضحين وصريحين في مطالبنا ومتوحدين وأقوياء في الإجابة على هذه المواقف، هذه مسألة مهمة، وأعتقد أنها من أهم المسائل على الإطلاق. مرتاحون من موقف أوباما إذاً ترون ان هناك موقفاً أميركياً جديداً سيختلف عملياً على الأرض؟ - أرى ذلك، لأن الإدارة الجديدة قالت إننا لا نتعامل مع القضايا العالمية من طرف واحد، بينما بشكل ثنائي وبشكل جماعي، ولا نتصرف منفردين، ولا نملي إرادة معينة على طرف من الأطراف، نفكر مع العالم، ونتشاور مع كل القوى الموجودة في العالم، ونتحاور بالنسبة لكل القضايا حتى بالنسبة لأكثر الأطراف قد يكون الأكثر تطرفاً حتى مع إيران إذا كانت هي مستعدة للحوار فسنتحاور معها. فهذه مسألة مهمة طبعاً، وهذا تغير عملي في السياسة الأميركية كما تلاحظون، لن يكون هناك تغير جوهري في عكس الاتجاهات الموجودة في قسم الدول هذا أمر مفروغ منه ومفهوم، ولكن يجب أن نكون واقعيين، ولكننا يجب أن ندرس هذه الوقائع الجديدة بتمعن. فضلاً هناك سؤال سابق لم تجيبوا عليه سيادة الرئيس، ما الموقف التركي بوضوح من البرنامج النووي الإيراني، وكيف سيكون موقفكم في ما لو قامت أميركا وإسرائيل بضرب المفاعل النووي الإيراني؟ وهل تعتقدون ان البرنامج النووي الإيراني سيشكل خطراً على دول المنطقة، ويعمل على تغيير موازين القوى فيها؟ - نحن لا نريد أن نرى قوة نووية لدى جيراننا وفي المنطقة، وكذلك بالنسبة لأسلحة الدمار الشامل، فنحن ضد هذه الأسلحة، وقد أوضحنا هذا الموقف بصراحة لزملاء إيرانيين عندما تحدثنا إليهم، ولكننا نرى أن هذه المسألة يجب أن تحل بالطرق السياسية الديبلوماسية وعن طريق الحوار السلمي.