بعدما استعادت وزارة الثقافة العراقية لوحات فنية تعرضت للنهب بعد دخول القوات الأميركية إلى بغداد، نظّمت معرضاً لها في صالاتها في العاصمة العراقية. وتكمن أهمية هذه الأعمال في أنها من مقتنيات مركز"صدام للفنون"الذي تحول إلى وزارة للثقافة. وتعد من أهم منجزات الفن التشكيلي العراقي لجهة فرادتها وتنوع أساليبها الفنية. وأقيم إلى جوار هذا المعرض معرض آخر لفن النحت شارك فيه عدد كبير من النحاتين العراقيين، ضم أكثر من ستين عملاً نحتياً لفنانين من مختلف الأجيال تميزت أعمالهم بتقنيتها العالية وقوة حركتها وتعدد مضامينها التي تناولت أوضاع العراق في السنوات الماضية. من الأعمال التي استعيدت لوحات للفنانين فائق حسن، وشاكر حسن آل سعيد، وإسماعيل فتاح الترك، وكاظم حيدر، وجواد سليم، ومحمد مهر الدين، ولوحات أخرى لفنانين أجانب وعرب من سورية ولبنان. وعرضت اللوحات في صالتين منفصلتين، الكبيرة الحجم في ناحية والصغيرة الحجم في ناحية أخرى. أما الأعمال النحتية فقد احتلت أرضية الصالة نظراً إلى أحجامها المتوسطة والصغيرة. لكن ترتيبها بهذه الطريقة جعل من الصعب على المشاهد التفريق بين أعمال الفنانين لعدم وجود مسافات كبيرة بين عمل وآخر، فبدت كما لو أنها لعدد قليل من الفنانين. لكن المشاهد سيفرق بسرعة بين الأعمال الموجودة لعدم تشابهها أولاً، واختلاف التقنية بين عمل وآخر. الفنان شاكر خالد مدير المعارض في وزارة الثقافة تحدث عن كيفية استعادة هذه الأعمال والطريقة التي تمت بها وكيفية التأكد من أصالتها، قائلاً:"بعض الأعمال اشتريت من اللصوص، والبعض الأخرى قام بعض المواطنين بحفظه في بيوتهم. وعلى رغم معرفتنا من النظرة الأولى للأعمال ما إذا كانت أصلية أو مزورة عرضناها على خبراء، لنتأكد من أصالتها. وبعدما تأكدنا من كل شيء قمنا بصيانتها قبل عرضها". وحكى كيف اهتدوا في الوزارة على احد الفنانين الذي عرّفهم على صاحب فندق في شارع الرشيد محب للفن. كان الأخير يرى عند بعض مرتادي الفندق أعمالاً فنية موقعة بأسماء فنانين عراقيين مشهورين، فيساومهم على شراء هذه اللوحات بعدما عرف أنهم لا يعرفون قيمتها الفنية ولا يقدرون قيمتها النقدية. فاشترى صاحب الفندق نحو 55 لوحة أعادها في ما بعد إلى الجهات المسؤولة ووجدت طريقها في النهاية إلى هذا المعرض . استعادة هذه اللوحات إلى أماكنها الطبيعية في صالات العرض ومقتنيات مؤسسات الدولة الفنية، يوحي بأن العراقيين الذين كانوا على وشك حرب أهلية مدمرة، استعادوا هويتهم التي كادت تتمزق بفعل الحرب والاحتلال . ليس هذا فحسب، بل انهم قدموا درساً كبيراً على أنهم قادرون على حماية بلدهم ومنجزاتهم الحضارية والروحية والثقافية وهذه ميزة شعب وادي الرافدين . ولا نذهب في الحلم بعيداً اذا قلنا إن خطوة مثل هذه قد تجعل بعض ذوي النفوس الضعيفة ممن ساهموا في سرقة المتحف العراقي وبعض المؤسسات الفنية، يعيدون التفكير مجدداً بما فعلوه بتراثهم الذي لا يقدر بثمن وإعادة ما سرقوه من هذا البلد الذي قدم للبشرية انجازات عظيمة.