كشفت مصادر فلسطينية موثوق بها مشاركة ممثلين عن حركة"فتح"للمرة الأولى في اجتماع دعت اليه حركة المقاومة الاسلامية حماس كل الفصائل في قطاع غزة للبحث في آخر التطورات المتعلقة بالتهدئة مع اسرائيل. وقالت المصادر ل"الحياة"إن ممثلي"فتح"شاركا في الاجتماع الى جانب ممثلين عن كل فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وحركة الجهاد الاسلامي، اضافة الى ممثلين عن فصائل صغيرة قريبة من"حماس"نشأت أخيراً. وأضافت أن عدداً من قيادي"حماس"شاركوا في الاجتماع الذي عقد ليل الأثنين - الثلثاء في مدينة غزة. وأوضحت أن قيادات"حماس"عرضت آخر المستجدات في شأن ملفي التهدئة، وصفقة تبادل الأسرى الفلسطينيين في مقابل اطلاق الجندي الأسير في القطاع غلعاد شاليت. وأبلغ وفد"حماس"ممثلي الفصائل المشاركة في الاجتماع بمضمون المحادثات غير المباشرة التي تجريها مصر بين الحركة واسرائيل. وقالت المصادر إن وفد"حماس"تعهد أمام الحاضرين عدم الموافقة على تهدئة لفترة عام ونصف العام، ما لم تضمن رفع الحصار عن قطاع غزة، وفتح كل المعابر الحدودية، فضلاً عن اصرارها على فصل ملف شاليت عن ملف التهدئة. ورأى وفد"حماس"أن مصر نقلت عرضاً اسرائيلياً بفتح المعابر بنسبة 75 في المئة، وأن الحركة تلقت توضيحات حول نسبة ال25 في المئة الباقية، التي تشمل مواد البناء والأخشاب والمعادن، وخصوصاً أنابيب الحديد، والمواد الكيماوية وكميات مقلصة من الوقود. لكن الفصائل باتت الآن، وبعد الحرب على القطاع، تعتبر أن مواد البناء لها أولوية مثلها مثل كيس الطحين والمواد الغذائية الاخرى، وتطالب بإدخالها بكميات أكبر من السابق، أي قبل فرض الحصار للحاجة الملحة لإعادة اعمار ما دمرته قوات الاحتلال. وفي شأن ملف شاليت، تعهدت"حماس"عدم التنازل عن مطالبتها بإطلاق كل الأسرى الواردة أسماؤهم في القائمة التي قدمتها الى اسرائيل. وقالت إن هناك تقدماً في المفاوضات في ملف شاليت من دون اعطاء مزيد من التفاصيل عن ماهية هذا التقدم. وأعربت عن عدم ممانعتها أن يتقدم ملفا التهدئة وشاليت في خطين متوازيين. وتصر اسرائيل على عدم رفع الحصار عن القطاع، وفتح المعابر كلياً قبل اطلاق شاليت. ورجحت المصادر أن تسعى"حماس"من وراء التقدم في خطين متوازيين في الملفين الى تلافي الحرج في موافقتها المتوقعة على التهدئة في مقابل عدم رفع الحصار، وأن تتوصل الى اتفاقين في الملفين يؤمنان معاً رفع الحصار وفتح المعابر واطلاق مئات الأسرى. من جهته، أكد القيادي في حركة"حماس"الدكتور اسماعيل رضوان أمس أن"تقدماً شهدته محادثات القاهرة في شأن إعلان تهدئة فلسطينية إسرائيلية خلال رد وفد الحركة على موضوع التهدئة بعد لقاءات أجراها مع القيادة السياسية للحركة في الخارج". وأضاف رضوان أن حركة"حماس"اجتمعت مع قيادات الفصائل في قطاع غزة لإطلاعها على مجريات محادثات القاهرة في شأن التهدئة حتى تكون، إذا أُعلن عنها، بتوافق وطني". من جهة أخرى، نسب موقع قريب من"حركة الجهاد الاسلامي"الى مصدر قيادي في حركة"حماس"أن وفد الحركة سيسلم اليوم أمس المسؤولين المصريين ردها حول التهدئة، القاضي بقبول تهدئة لسنة ونصف السنة في مقابل فتح المعابر، ووقف العدوان. وأوضح المصدر القيادي في"حماس"أن الحركة قبلت بتهدئة لسنة ونصف السنة في"مقابل فتح المعابر ووقف العدوان، وأنها تشترط لذلك أن لا تشمل ال20 في المئة من السلع التي تعارض إسرائيل دخولها مواد البناء". وأشار إلى أن"صيغة الاتفاق في مسألة فتح المعابر تتحدث عن مرحلتين، الأولى تخص المعابر الإسرائيلية وهي التي ستفتح بمجرد توقيع اتفاق التهدئة، فيما يظل معبر رفح إلى المرحلة الثانية التي تتضمن اتفاقاً ثلاثياً بين مصر والسلطة و"حماس"التي طرحت أن يتولى المعبر رجال الأمن الوطني التابعين للسلطة الفلسطينية من المقيمين في قطاع غزة كمرحلة موقتة، حتى التوصل إلى اتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية في الحوار الوطني المرتقب"الذي سيلتئم في القاهرة في 22 الشهر الجاري. وقال إن اتفاقاً في ملف شاليت قد يبصر النور"بعد الانتخابات الإسرائيلية، وقبيل تشكيل الحكومة المقبلة، قد يُطلق بموجبه الجندي الإسرائيلي الأسير مقابل إطلاق الأسرى الفلسطينيين". من جهته، قال ممثل حركة"حماس"في لبنان أسامة حمدان إن"ابرام اتفاق حول التهدئة وفتح المعابر بين غزة واسرائيل يتوقف على نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت أمس في اسرائيل. وأضاف حمدان في اتصال هاتفي مع وكالة"فرانس برس"أنه"لم يتقرر بعد موعد عودة وفد حركة حماس الى القاهرة لاستئناف المفاوضات حول اتفاق للتهدئة وفتح المعابر بين القطاع واسرائيل". وزاد أن"الانتخابات الاسرائيلية التي تجري اليوم أمس ستحدد ماذا سيجري، فاذا فاز زعيم ليكود بنيامين نتنياهو لا أظن أن الحكومة الحالية ستقوم بإبرام اتفاق، أما اذا فاز الفريق الحكومي الحالي حزبي كاديما والعمل فيمكن أن يكون معنياً بالتوصل الى اتفاق". وكان الرئيس المصري حسني مبارك قال أول من أمس من العاصمة الفرنسية باريس إنه يمكن التوصل"الاسبوع المقبل"الى اتفاق بين اسرائيل وحركة"حماس"على تهدئة طويلة المدى في قطاع غزة. وأوضح حمدان أنه"تجري اتصالات للتغلب"على المشكلات التي لا تزال تعترض التوصل الى اتفاق"وخصوصاً تلك المتعلقة بفتح المعابر"، مشيراً الى"الاتفاق بين مصر وحماس على أن تكون فترة التهدئة 18 شهراً". مغادرة وفد"حماس"من غزة الى القاهرة في هذه الأثناء، غادر أربعة قيادين من حركة"حماس"هم جمال أبو هاشم، وأيمن طه، وأنس درويش، وحسام أبو هاشم القطاع أمس الى القاهرة للانضمام لأعضاء وفد الحركة الذي توجه قبل أيام الى العاصمة المصرية برئاسة القيادي البارز الدكتور محمود الزهار لابلاغ المسؤولين المصريين بالموقف النهائي للحركة من التهدئة مع إسرائيل. موقف"الشعبية" الى ذلك، جدد عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية جميل مزهر موقف الجبهة التي"كانت ولا تزال تعتبر التهدئة سياسة خاطئة في ظل وجود الاحتلال الذي لا يزال جاثماً على أرضنا ويواصل عدوانه وجرائمه". واعتبر مزهر أن"البديل هو تشكيل جبهة مقاومة موحدة يكون لها الحق في اتخاذ القرارات المتعلقة بالمقاومة"، محذراً من تكرار عدم التزام الاحتلال بالاتفاقات أو أي شروط يجري التوافق عليها". وأعرب عن اعتقاده بأن"لا جدوى من عقد تهدئة مع الاحتلال، بخاصة أن الضفة مستبعدة من هذا الاتفاق". وأضاف أن"الحديث يدور عن تهدئة لعام ونصف العام في مقابل فتح جزئي للمعابر، والشروط السابقة ذاتها، وهذا يعني أن لا مجال لدخول كل البضائع أو فتح معبر رفح وربطه بقضية الجندي الأسير غلعاد شاليت، وهذا الأمر بتقديرنا سوف يعيدنا إلى المربع الأول، ومن الواضح أن الاحتلال يحاول فرض شروطه على الفلسطينيين معتقدا انه انتصر في الحرب الاخيرة على غزة، وأن الطرف الفلسطيني تلقى هزيمة في الحرب الإجرامية على شعبنا في القطاع". وطالب مزهر"بضرورة توقف حركتي فتح وحماس عن التراشق الإعلامي، لأنه يساهم في تعزيز الانقسام، واستمراره وتوتير الأجواء، ولا يساعد بأي حال من الأحوال على استئناف الحوار الوطني الشامل، الذي ينتظره الجميع". ورأى أن"من يدفع فاتورة هذا الصراع الداخلي على المصالح والنفوذ والامتيازات هو المواطن الفلسطيني علاوة على القضية الفلسطينية التي باتت مهددة في ظل هذا الصراع والتجاذب، إذ يستغل الاحتلال الصهيوني حال الانقسام ويعمل على تعميقها من أجل تبديد طموحات شعبنا في العودة والاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، وبالتالي يستمر في عدوانه وترسيخ الانقسام بين شطري الوطن، وبناء المستوطنات، ومصادرة الأراضي، وبناء جدار الفصل العنصري، وتهويد القدس". موقف"الديموقراطية" بدوره، قال عضو اللجنة المركزية في"الجبهة الديموقراطية"طلال أبو ظريفة إن اجتماعاً ثلاثياً ضم الجبهتين الشعبية والديموقرطية وحزب الشعب عُقد في اطار تنسيق المواقف قبل انعقاد الحوار الوطني في القاهرة. وأوضح أبو ظريفة أن الاجتماع بحث في المواقف الخاصة بموضوعي التهدئة والحوار والتأكيد على ضرورة انهاء الانقسام والاتفاق على دعم الوحدة الوطنية لمواجهة التحديات القائمة والمقبلة في ظل أنباء عن صعود اليمين المتطرف في اسرائيل، ومسألة اعادة اعمار غزة، وأن تكون التهدئة شاملة في الضفة وغزة. نشر في العدد: 16749 ت.م: 11-02-2009 ص: 13 ط: الرياض