المبادرة المصرية لحل تداعيات الحرب على غزة، تستند في النهاية الى مبدأ الإبقاء على حركة"حماس"كطرف فلسطيني مهم في المعادلة السياسية، و استمرار دورها على الساحة الفلسطينية. اذ تدعم مصر فكرة"حماس"في مبادلة السجناء الفلسطينيين الذين تحتجزهم اسرائيل بالجندي الإسرائيلي غلعاد شاليت، ودفع الاطراف الفلسطينية الى تشكيل حكومة وحدة وطنية من التكنوقراط تتولى الحكم حتى يتم إجراء انتخابات فلسطينية، وتطوير اتفاق امني يلزم إسرائيل بفتح المعابر الستة أمام مرور البضائع، وتشغيل منفذ رفح، بشروط اتفاق ?2005 ?مع تعديلات تسمح بوجود عناصر تتبع"حماس"، ضمن قوات السلطة الوطنية الفلسطينية . ان الادعاء بأن مصر تضع امام"حماس"شروطاً تعجيزية هدفها استسلام الحركة بلا قيد او شرط، والضغط لقبول عودة"أبو مازن"والتمديد له كرئيس للسلطة، وإلغاء أي دور للحركة في غزة، اتهامات ترددها اطراف عدة في المنطقة، اولها اسرائيل. والهدف منها المحافظة على الظروف السياسية الهشة التي خلّفتها الحرب على غزة. من حق مصر المحافظة على امنها، فمصر هنا ليست وسيطاً بقدر ما هي صاحبة علاقة مباشرة في الاوضاع التي تجري على حدودها. والمتأمل للمبادرة المصرية سيجد ان مصر لم تقايض"حماس"على موقفها خلال الحرب، على رغم سلبيتها بالنسبة الى الأمن المصري. لكن تصرف الحركة على طريقة المنتصر، والتمسك بالسيطرة الكاملة على المعابر في الجانب الفلسطيني، والاحتفاظ بحق مراجعة كل التعيينات، والإصرار على أن يأتي أفراد هذه القوات من قطاع غزة، تعني في النهاية السماح للأطراف التي أشعلت حرب غزة ان تعود لتكرارها، ومن حق القاهرة ان تضمن العكس. تخطئ"حماس"اذا استمرت بالتفاوض من موقع المنتصر، والتعامل مع مصر كوسيط يمكن تغييره، او القفز على موقعه. فالنصر الاعلامي شيء، والواقع على الارض شيء مختلف. والقاهرة كانت، ولا تزال، تحافظ على موقع الحركة في الساحة الفلسطينية، وهي ساهمت، من خلال جولات المصالحة، على مد الجسور مع"حماس"، وحماية موقعها على الساحة الفلسطينية، ورفض الدعوات الى تجاهلها، فضلاً ان انحياز"حماس"الى الجانب المصري هو انحياز للدور العربي، ومنع الآخرين من الاستمرار في العبث في الامن الإقليمي العربي. نشر في العدد: 16749 ت.م: 11-02-2009 ص: 3 ط: الرياض