في الفيلم الجميل «لاري كراون» يمثل توم هانكس دور رجل خمسيني يفقد عمله الذي نجح فيه كثيراً، فيقرر إعادة تأهيل نفسه والدراسة في إحدى الكليات الخاصة بضعة «كورسات» تأهيلية، ليكتشف أن فقد عمله غير حياته وانه أفضل ما حدث له. لقطة صغيرة في الفيلم هي عندما يقرر الأميركي أو الأوروبي أو الشرق آسيوي إكمال دراسته او تحصيل شيء من العلم، لا يفكر في التسجيل والقبول، فقط عليه أن يقرر ماذا يتعلم، وأحياناً كم سيدفع، هذه هي المرحلة التي نستطيع القول إنها نضج لتجربة التعليم العالي، وبداية جعل المجتمع ينخرط ليتعلم ثم يتوظف.. ما علينا. الشاهد أعلاه حضرني وأنا اقرأ رسالة الشاب السعودي ممدوح عبدالله الصعيدي، وهي طويلة اضطر لاختصارها وفيها «لا أريد مساعدة مالية ولا واسطة ولا أي شيء آخر، ولكن أريد منك أن تساعدني في إيصال صوتي لمن يهمه الأمر. القضية يا سيدي هي التعليم! أنا حاصل على دبلوم تقنية كهربائية من كلية التقنية بالرياض بنسبة 4.91 / 5 مع مرتبة الشرف الأولى. وأعمل موظفاً في شركة الكهرباء. لم يكن هدف تعليمي بالمقام الأول إلا تطويراً لنفسي وإكمال البكالوريوس الموازي الذي تقدمه كلية التقنية حتى أرفع من نفسي مادياً ووظيفياً، ويشاركني في ذلك الكثير من الطلاب. حصلت على نسبة تؤهلني لذلك واجتهدت، ولكن الطامة حدثت حين تم إقفال البكالوريوس الموازي نهائياً من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني. حجة الإقفال هي أن هناك كليات وجامعات تقبل معادلة الدبلوم وتكمل البكالوريوس، ولكن ما هي تلك الجامعات التي تقبل دراسة الموازي؟ لا يوجد يا سيدي الكريم في الرياض شيء من هذا. بل حتى لو وجدت فكيف سيتم إدخالي وأنا موظف مع أن القانون يقول يجب أن يكون الطالب متفرغاً ولا يعمل. أنا أعمل في شركة الكهرباء، واعتمد على الله ثم على عملي هذا لإعالة عائلتي المكونة من زوجتي وطفلي. نحن لا نريد تخفيضاً مالياً مقابل الدراسة. ولا نريد أن ندرس بالمجان. سوف ندفع، مع أن الحق في صفنا ويقول لا تدفع كما تقول الدولة ذلك في تشجيعها للتعليم ودعمها لبرنامج الابتعاث. ومع ذلك، نحن مستعدون للدفع يا سيدي الرسوم التي تفرضها المؤسسة وكلية التقنية مقابل إعادة البكالوريوس. أنت تعلم يا سيدي أكثر من أي أمر آخر أن التعليم هو الذي يبني الفرد ويساهم في بناء الأمة والدولة، ويرفع من شأن سكان هذه البلد حتى يواجهوا متطلبات العصر الجديدة، فلماذا نقفل باب التعليم مع أن أمر الله من سعة وكل شيء متوفر في بلادنا». مثل هذا الشاب يستحق التعليم فهو على استعداد - ومجموعة أخرى معه - في تسديد الرسوم، ولعل المؤسسة أو الوزارة تعيد النظر، فالتأهيل الأفضل يعني إنتاجية أفضل، وعقولاً أكبر، فلماذا نقتل طموحنا. اقترح على الصعيدي إرسال نسخة من الفيلم أعلاه لمسؤولي الكلية، لعل وعسى. [email protected] twitter | @mohamdalyami