وجّه وزراء في الحكومة الإسرائيلية تحذيرات شديدة اللهجة الى السلطة الفلسطينية من عواقب توجهها لمجلس الأمن لنيل اعترافه بدولة فلسطينية في حدود الرابع من حزيران يونيو عام 1967 وعاصمتها القدسالشرقية وفق ما أعلن كبير المفاوضين الفلسطينيين الدكتور صائب عريقات قبل يومين، فيما شككت أوساط محسوبة على معسكر السلام الإسرائيلي في جدية احتمال أن تقدم السلطة الفلسطينية على خطوة كهذه، في وقت اعتبر القيادي الفلسطيني جبريل الرجوب الاقتراح"غير عملي". وكانت السلطة الفلسطينية بدأت بالتعاون مع الجامعة العربية اجراءات قانونية لعرض مشروع قرار على مجلس الأمن يطالب بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967. وقال عضو اللجنة المركزية لحركة"فتح"محمد دحلان ان السلطة عرضت مشروع القرار على لجنة المتابعة في الجامعة العربية التي بدورها تبنت المشروع، وبدأت الإجراءات اللازمة لعرضه على مجلس الأمن عبر ممثلي دولها في الأممالمتحدة. واوضح دحلان ان القرار، في حال اقراره، سيكون الأول من نوعه في المنظمة الدولية الذي يحدد حدود الدولة الفلسطينية على حدود 4 حزيران يونيو عام 1967. وأضاف ان لدى السلطة الفلسطينية"بنك خيارات"تدرسها بعد فشل التفاوض مع اسرائيل، منها الى جانب قرار دولي يحدد حدود الدولة الفلسطينية، النضال الشعبي، وإعلان الدولة المستقلة من جانب واحد وغيرها. وأشار دحلان الى ان المجلس المركزي لمنظمة التحرير سيجتمع منتصف الشهر المقبل لدرس الوضع القانوني لمؤسسات السلطة الفلسطينية في ضوء منع حركة"حماس"اجراء الانتخابات في قطاع غزة. ورجح ان يتخذ المجلس قراراً بتمديد فترة ولاية الرئيس محمود عباس لحين الانتخابات التي قال انها لن تجرى من دون اتفاق للمصالحة الوطنية. باراك ضد الاجراءات الاحادية وقال وزير الدفاع ايهود باراك معقباً إن التجربة أثبتت أن"الخطوات التي تتخَذ بالتوافق أفضل من خطوات أحادية الجانب ... ومن يذهب نحو خطوة أحادية الجانب يجازف بخسارة مركبات تعاون ضرورية وبمخاطر أخرى". وأضاف قبل جلسة الحكومة الإسرائيلية الأسبوعية، أن ثمة تحسناً حقيقياً في الاتصالات بين إسرائيل والولايات المتحدة في شأن استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين،"لكننا نحتاج إلى الطرف الثاني أيضاً". وزاد أن"إسرائيل قوية ورادعة"ولها مصلحة في التوصل إلى تسوية من طريق المفاوضات، وعليها أن تنظر بوعي للخيارات الأخرى،"إذ من دون تسوية ينتظرنا خياران اثنان: الأول تعاظم الدعم لإعلان فلسطيني أحادي الجانب لإقامة دولة فلسطينية، والثاني تعاظم تدريجي للمطالبة بدولة واحدة ثنائية القومية". وتابع:"صحيح أن هذين التهديدين لن يتحققا غداً صباحاً، لكن يحظر علينا أن نوهم أنفسنا بانعدام وزنهما". ولفت إلى أنه في لب تراجع الدعم الدولي لإسرائيل وظواهر مثل"تقرير غولدستون"تكمن حقيقة أن إسرائيل تسيطر منذ 42 علماً على شعب آخر،"وهذه المسألة من مسؤوليتنا وعلينا إنهاؤها. لدينا مصالح حيوية. صحيح أنه لا ينبغي فعل شيء بكل ثمن وبجنون ... لكن علينا ألا نغفل مسؤوليتنا عن التوصل الى تسوية". إسرائيل تملك الرد وتبنى وزراء الأحزاب اليمينية المشاركة في الحكومة نبرة متشددة أكثر تجاه المقترح الفلسطيني إعلان إقامة الدولة، وقال النائب الأول لرئيس الحكومة سلفان شالوم ليكود إنه يتحتم على الفلسطينيين أن يدركوا أن خطوات أحادية الجانب لن تحقق لهم النتائج التي يصبون إليها،"وأن أي تحرك في هذا الاتجاه سيواجَه برد إسرائيلي مناسب". وتماهى مع هذا الموقف نائب رئيس الحكومة ايلي يشاي شاس، مضيفاً:"ليكف الفلسطينيون عن تهديدنا، رئيس حكومتنا يقوم بخطوات سياسية عدة لاستئناف المفاوضات، ونحن معنيون بها. يجب ألا نخشى إعلاناً فلسطينياً أحادي الجانب بإقامة دولة لأننا نملك خيار الرد عليه". واعتبر الوزير عوزي لنداو إسرائيل بيتنا الاقتراح الفلسطيني"وقحاً وعدائياً الغرض منه دهورة فرص أجراء مفاوضات". وأضاف مهدداً:"علينا أن نرد على أي إعلان أحادي الجانب بضم كل الضفة الغربية". وقال وزير الإعلام يولي ادلشتين ليكود إن"ثمة توقعاً للفلسطينيين بأنه من خلال الإرهاب والتصريحات المتطرفة يمكنهم تحقيق إنجازات ... كلي أمل في الا يتجاوب المجتمع الدولي معهم". واستبعد الرجل الثاني في حزب"كديما"، وزير الدفاع السابق شاؤول موفاز أن يرى المشروع الفلسطيني النور، وقال:"هذا التهديد ليس جديداً ... لكن لا يمكن إقامة دولة فلسطينية من دون اتفاق مع إسرائيل، وهذا ما أكده قرارا مجلس الأمن 242 و338". وتابع أن ذلك لا يعفي إسرائيل من المسؤولية"إذ عليها أن تبادر وتعمل على تحقيق حل الدولتين لتحول دون تدهور خطير، لا أن تنتظر مبادرات وأفكار مثل فكرة عريقات". وكرر رفضه أن تكون الدولة الفلسطينية في حدود عام 1967 بداعي أنها حدود ليست آمنة لإسرائيل. أرينز: لن نقبل بثلاث دول فلسطينية من جهته، قال وزير الدفاع السابق من"ليكود"موشي أرينز إن"عباس ليس انه لا يسيطر على قطاع غزة فحسب، بل حتى أنه لا يسيطر على الضفة، فكيف يريد إدارة دولة فلسطينية؟". وتابع أن قبول مجلس الأمن بالفكرة الفلسطينية سيدفع بالفلسطينيين إلى تصليب مواقفهم،"إذ سيتعذر عليهم الموافقة على تعديل حدود عام 1967". وزاد انه في حال الموافقة على قيام دولة فلسطينية"ستكون للفلسطينيين ثلاث دول، في الضفة وفي قطاع غزة وفي الأردن ... وهذا ما لا يمكن أن نسمح به". وأضاف مستدركاً:"واضح ومنطقي أن السيادة على الأراضي المأهولة بغالبية فلسطينية في الضفة لن تكون إسرائيلية في المستقبل". ورداً على سؤال ما إذا كان يرى أن الحل يتمثل ب"سيادة أردنية"عليها، قال إن الأمر وارد"لأن الأردن يخشى أيضاً الإرهاب الفلسطيني". ونقلت الإذاعة العسكرية عن جهات إسرائيلية محسوبة على معسكر السلام الإسرائيلي إنها"فهمت من خلال اتصالاتها مع أوساط في السلطة الفلسطينية إن الأخيرة لن تذهب في مشروعها هذا حتى النهاية لسببين: تشكيكها في أن إعلاناً كهذا سينال بسهولة موافقة دولية، كما أن المشروع لا يبدو واقعياً عندما يدور الحديث عن إقامة دولة على منطقة صغيرة متعلقة تماماً بإسرائيل من حيث البنى التحتية". ورأت أن الفلسطينيين يحاولون"عرض عضلات"لإرغام رئيس الحكومة الإسرائيلية لطاولة المفاوضات"لرغبتهم الحقيقية في التوصل إلى حل الدولتين". عريقات: سئمنا المراوحة الإسرائيلية من جهته، قال عريقات في مقابلة مع إذاعة الجيش الإسرائيلي أمس إن الفكرة التي يطرحها بإعلان قيام الدولة الفلسطينية"ليست فكرة عبثية". وأضاف أن الفكرة تقول بالتوجه إلى مجلس الأمن ليعلن هذا القرار وليشكل بذلك مظلة دولية كبرى لقرار كهذا. وقال إن الهدف من هذا التحرك هو أن نعيد الأمل إلى قلوب الفلسطينيين،"إذ سئمنا المراوحة الإسرائيلية في المفاوضات المستمرة منذ 18 عاماً ... منذ 18 عاماً ونحن نقول لشعبنا أنه فقط بالتفاوض والسلام ووقف العنف سنحقق حريتنا واستقلالنا ... بعد 18 عاماً ما زال عباس في حاجة إلى استئذان إسرائيل ليغادر إلى عمان، وإذا أردت أنا أن أغادر أريحا إلى القدس لإجراء مفاوضات، يتحتم عليّ الحصول على إذن إسرائيلي للمغادرة ... نحن نؤمن أنكم لستم معنيين حقاً بحل الدولتين للشعبين ... الاحتلال يتواصل وإسرائيل معنية بإدامته". ورداً على سؤال إذا ما كانت اللجنة الرباعية الدولية تدعم الفكرة، قال:"إننا في أوج اتصالات مع أعضاء الرباعية، وبعضها قبل بالفكرة". ورداً على سؤال عن وجود كيانين فلسطينيين منفصلين، السلطة و"حماس"، قال عريقات إن إسرائيل تلجأ إلى هذه الحجة لتبرير عرقلتها إقامة دولة فلسطينية،"تذرعتم في الماضي بأن الرئيس الراحل ياسر عرفات ليس شريكاً، واليوم تقولون إن عباس ضعيف وإن حماس في غزة ... دائماً تجدون الذرائع لتبرير عدم اعترافكم بحل الدولتين". وعن جدية الفكرة وما إذا كانت"مجرد تهديد مثل تهديد عباس بالاستقالة"، قال عريقات:"نحن أضعف من أن نهدد إسرائيل ... أنتم الطرف الأقوى وأنتم قوة الاحتلال ... نحن شعب تحت الاحتلال ... عباس سئم أن تكون مهمته دفع الرواتب للموظفين وأن يكون مسؤولاً عن الصرف الصحي ... آن الآوان لتتبنوا حل الدولتين ... وإذا لم يتحقق هذا الحل، فستتحملون مسؤولية تفويت فرصة تحقيق السلام". الرجوب: لا تحشرونا في الزاوية من جهته، قال الرجوب للإذاعة العامة إنه يتحتم على إسرائيل أن تدرك أنه"فقط مع أبو مازن يمكنها أن تتوصل إلى اتفاق". وأضاف أنه سيكون ممكناً استئناف المفاوضات فقط بعد أن تتوقف إسرائيل عن فرض حقائق على الأرض وتحديداً تكف عن البناء في المستوطنات. وزاد ان السلام والأمن لإسرائيل لن يتحققا مع الاستيطان. واعتبر إعلاناً فلسطينياً أحادي الجانب عن إقامة الدولة"ليس خياراً عملياً، لكن حشر الفلسطينيين في الزاوية قد يدفعهم إلى ذلك". نشر في العدد: 17027 ت.م: 2009-11-16 ص: 16 ط: الرياض