عرفت الساحة السينمائية الجزائرية طيلة عام 2008 اربعة أحداث سينمائية مهمة استطاعت أن تخلق الحدث وبالتالي تلفت انتباه السينمائيين والمهتمين بالفن السابع الجزائري وهي على التوالي: المهرجان الدولي للفيلم العربي في وهران، مهرجان تاغيت الذهبي للفيلم القصير، فيلم"مصطفى بن بولعيد"وفيلم"مسخرة". استطاعت الدورة الثانية للمهرجان الدولي للفيلم العربي، التي احتضنتها عاصمة الغرب الجزائريوهران على مدار العام، أن تحول التظاهرة الى مهرجان دولي بمفهومه الحقيقي، نظراً للضيوف الذين لبوا دعوة المنظمين حيث عرف مشاركة قياسية إذ وصل عددهم إلى250 فناناً جزائرياً وعربياً من دون أن ينسينا هذا بعض النقائص التي لاحظها الإعلاميون المشاركون فيه سواء كانوا محليين أو أجانب. أما من حيث المنافسة فقد تنافس في المهرجان 26 فيلماً طويلاً وقصيراً حول الجائزة الكبرى"الأهقار الذهبي"وتسع جوائز أخرى. و شهد حفل الافتتاح عرضاً فنياً فلكلورياً طبعته موسيقى ورقصات محلية، وأجريت مراسم الافتتاح في حضور جمع من الشخصيات الثقافية والسينمائية، الذين فاجأهم المنظمون بعرض شريط وثائقي خاص استعرض أجمل الأفلام الجزائرية التي توجت بجوائز مهرجانات دولية منذ فيلم"وقائع سنين الجمر"لمحمد الأخضر حامينة الذي حصل على السعفة الذهبية في مهرجان"كان"، وصولاً إلى الفيلم التاريخي"مصطفى بن بولعيد". وتم تكريم أسماء لامعة في سماء الفن السابع العربي أمثال المخرج الراحل مصطفى العقاد صاحب العمل الخالد"الرسالة"والمخرج الجزائري أحمد راشدي إضافة إلى الفنان المصري محمود عبد العزيز والفنانة السورية منى واصف. وراحت الجائزة الذهبية لفيلم"خارج التغطية"للمخرج السوري عبد اللطيف عبد الحميد في حفل توزيع الجوائز الذي أضفى عليه مغني الراي خالد طابعاً خاصاً. وفازت السينما المغربية بجائزة لجنة التحكيم الخاصة التي منحت لفيلم داوود أولاد السيد"في انتظار بازوليني". ونالت هذه السينما أيضاً تنويهاً عن فيلم"لحن جنائزي"لمحمد مفتكر أحد أكثر الشباب الواعدين في السينما المغربية والذي شارك في باب الفيلم القصير وقد تسلم الجائزة في وهران منتج الفيلم فؤاد شيلا. ومنحت السينما المصرية جائزتين في وهران هما جائزة السيناريو لفيلم يسري نصر الله"جنينة الأسماك"وجائزة أفضل ممثل لأحمد السقا عن دوره في فيلم"الجزيرة"للمخرج شريف عرفة. وفي مجال الفيلم القصير منحت جائزة واحدة قيمتها 30 ألف دولار لفيلم التونسي"يموت الحوت"لمليك عمارة بينما منح تنويه ثان لفيلم المصري كريم فانوس"أيدين ناعمة". ومنح المهرجان جائزة أهقار ذهبي تكريمية للممثل الجزائري سيدعلي كويرات الذي لعب في أبرز الأفلام الجزائرية وفي فرنسا وأيضاً مع يوسف شاهين وخيري بشارة أدواراً مشهودة وكذلك في المسرح. أما بالنسبة لمهرجان تاغيت الذهبي للفيلم القصير ، الذي احتضنته مدينة تاغيت في الفترة الممتدة من 15 إلى 20 كانون الأول ديسمبر، فقد اختارت إدارته إرسال تحية خاصة للمخرج الراحل يوسف شاهين بعرض فيلمه القصير"القاهرة منورة بأهلها"في حفلة الافتتاح، وفي هذا السياق أقيمت ندوة خاصة ضمن فاعليات المهرجان حول الأفلام القصيرة التي أخرجها شاهين خلال مشواره الفني. وشارك في مسابقة المهرجان الرسميّة فيلما"فيولينا"لسوزان عباس و"همس العمق"لأسامة العبد كما تضمن ورش عمل للمناقشة الحرة بين المخرجين والصحافيين. واختيرت المخرجة التونسية سلمى بكار لرئاسة لجنة التحكيم. وتنافس فيه 26 فيلماً. لينال فيلم"اسكتوا"للمخرج الجزائري خالد بن عيسى جائزة أحسن فيلم قصير وجائزة الكاميرا الذهبية. بينما عادت جائزة أفضل إخراج لرضا تليلي من تونس عن فيلمه"أيا كان"وجائزة أفضل سيناريو كانت من نصيب لكازم بيطار من الأردن في فيلم"المشهد"، لتعود جائزة أحسن دور نسائي لأسماء الحضرمي من المغرب في فيلم"المرأة الشابة والمعلم"للمخرج محمد نظيف، أما أحسن دور رجالي فللممثل الفرنسي"أوريليان دوكلوكزي"في فيلم"عامل متخصص". ذكريات ثورة وفي مجال الأفلام الطويلة شهدت نهاية السنة العرض الأول لفيلم"مصطفى بن بولعيد"، في حضور رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، والفيلم من إخراج أحمد راشدي فيما عادت كتابة والسيناريو وللصحافي الصادق بخوش والذي كان وراء إنتاجه في مؤسسة إنتاجه"بلقيس فيلم"وبدعم من رئيس الجمهورية ووزارة الدفاع الوطني ووزارة المجاهدين. أما بطولته فعادت للممثل الجزائري حسان قشاش. ويعالج الفيلم، الذي رصدت له أضخم موازنة في تاريخ السينما الجزائرية فاقت ال230 مليون دينار، المسار التاريخي والنضالي للشهيد مصطفى بن بولعيد وهو من مواليد 1917 بالأوراس، سليل أسرة ميسورة الحال وضع، أملاكه في خدمة الثورة، جند في صفوف الجيش الفرنسي استدعي للتجنيد الإجباري في الحرب العالمية الثانية ، وأبلى البلاء الحسن في المعارك التي شارك فيها ما أهله لنيل أوسمة عدة عرفاناً بدوره. وعلى هامش العرض أكد وزير المجاهدين محمد شريف عباس دعم وزارته لكل الأعمال التي"تخلد أبطال ثورتنا المجيدة وكذا الشخصيات التاريخية البارزة". ومن جهته صنع فيلم"مسخرة"للمخرج الشاب إلياس سالم، في أول تجربة له، الحدث السينمائي الدولي بحصده العديد من الجوائز وكان آخرها جائزة أفضل فيلم في مسابقة المهر للإبداع السينمائي العربي المندرج ضمن فعاليات مهرجان دبي السينمائي الدولي. وحصل الفيلم أيضاً على جائزة اتحاد النقاد الدوليين لتؤكد السينما الجزائرية عودتها إلى المشهد السينمائي العربي من جديد. وتعد الجائزة تتويجاً إضافياً للفيلم الذي بدا يحصد جوائز عدة منذ أسابيع. إذ كان الفيلم الذي أنتج في إطار تظاهرة الجزائر عاصمة الثقافة العربية، قد اختير للتنافس على الترشح النهائي وتمثيل الجزائر في جائزة أوسكار 2009 لأحسن فيلم أجنبي، وهي الجائزة التي ترعاها أكاديمية الفنون والعلوم السينمائية الأميركية، والتي ينتظر الإعلان عنها في اوائل هذا العام. كما تحصل"مسخرة"أخيراً على ثلاثة جوائز في عدد من المهرجانات بمختلف أنحاء العالم كان آخرها الجائزة الكبرى لأفلام الخيال بمهرجان السينما الأفريقية بفرنسا والجائزة الكبرى للجمهور بمهرجان الفيلم الأفريقي ببوزونسون أضواء افريقيا كم حاز الفيلم أيضاً جائزة أحسن دور رجالي التي منحت لإلياس سالم بمهرجان لارينيون للفيلم. ومن أهم الجوائز التي حصل عليها الفيلم أيضاً جائزة"الفالوا الذهبي"في مهرجان الفيلم الناطق بالفرنسية بمدينة أونغولا وجائزتين في مهرجان نامور ببلجيكا .إضافة إلى جائزة أفضل إنتاج سينمائي في الأيام السينمائية بقرطاج، فضلاً عن حصول ممثلته الرئيسة ريم تاكوشت جائزة"الأمل النسوي". نشر في العدد: 16716 ت.م: 09-01-2009 ص: 24 ط: الرياض