ما هي تشكيلات فتح المقاتلة التي شاركت في المواجهات مع الجيش الاسرائيلي في غزة؟ - هناك تشكيلات عدة:"وحدات الشهيد نبيل مسعود"، وپ"وحدات الشهيد عماد مغنية"، وپ"كتائب أبو الريش"، وپ"كتائب شهداء الأقصى - فلسطين". وما صلة هذه التشكيلات بقيادة"فتح"في رام الله؟ - الجميع يعرف أن علاقة العمل المقاوم في"فتح"بالمؤسسة التنظيمية والسياسية غير مباشرة، لأن موقف الحركة بعد الاتفاقات غير واضح، وهناك اجتهادات مع بعض الأخوة في قيادة الحركة أن يكون هناك تواصل بيننا وبينهم، ولكن لا علاقة في شكل رسمي ومعلن، فكل عناصر الأذرع العسكرية لپ"فتح"هم أبناء"فتح". ولكن، من يمولكم؟ - لا تمويل لنا من الحركة ولا من غير الحركة. ما زال الأمر ملتبساً، ولم توضح طبيعة العلاقة؟ - العلاقة مع قيادة الحركة ليست لها الصفة الرسمية، ولكن لها الصفة التشاورية والشخصية مع معظم قيادات الحركة. ولكن في الشكل الرسمي والعلني ليست هناك علاقة. هل يعني ذلك أن علاقتكم بپ"حماس"مختلفة عن علاقة قيادتكم؟ - الأمر هنا ممكن، فأثناء المعارك بين التنظيمين حصلت جملة اعتداءات على كوادرنا، لكننا لم ندخل في الصراع، وكان شعارنا كأذرع عسكرية هو أن سلاحنا موجه الى العدوان الإسرائيلي. إخواننا في"كتائب أبو الريش"تلقوا ضربات قوية جداً من"حماس"وصودرت كميات كبيرة جداً من أسلحتهم. ما السبب؟ - هذا أمر يعود الى"حماس"، على رغم أننا نحن أيضاً اعتُقلت لنا كوادر وقادة مناطق وصودر بعض الأسلحة، ولكن بقينا متماسكين ورفضنا الصدام. شاركتم في صد الاجتياح الأخير، هل كان ذلك بناء على قرار قيادة"فتح"؟ - أنا شخصياً كنت حلقة وصل بين العمل العسكري والعمل التنظيمي، فأي اتصال بين قائد سياسي في الحركة وبين الأذرع العسكرية كان عبري، وبالتالي كان هناك تواصل مع كثير من الاخوة في القيادة. حصل تقارب بين الأذرع والقيادة خلال العدوان. ما سبب عدم وجود بنية تنظيمية واحدة لأذرع"فتح"العسكرية، وعلاقة واضحة مع القيادة؟ - هذا يعود الى السياسة العامة للحركة، وهو أحد افرازات أوسلو. هل تشعرون أن ثمة انتصاراً حصل في غزة؟ - إننا في غزة صمدنا وتحدينا العدوان وقاتلنا بكرامة وصمود، وبالتالي لم نهزم، لأن كل الشعب، على رغم ما حدث من أهوال، لا يزال مقتنعاً بمشروع المقاومة، وبالتالي نقدر أن نقول انه أصابتنا نشوة العزة والنصر. يعني، لم نكن جيشين متقابلين حين نقول هذا هزم هذا. نحن مقاومة شعبية والشعوب لا تهزم. ولكن، لأهل غزة مراراتهم التي قد لا تنسجم مع نشوة النصر التي تحدثت عنها؟ - الحرب لم تنته الا قبل ايام قليلة. بمعنى أن الشعب ما زال مجروحاً وهو يبكي اطفاله وبيوته المدمرة، وبالتالي يصعب على الصحافي أن يستنبط النبض الحقيقي للشعب، فالناس حتى الآن يبحثون عن أطفالهم تحت الأنقاض، وهذا الشعب يشعر بالمرارة والإحباط. حجم العدوان كان غريباً وغير متوقع وأذهل الناس، والسبب الآخر لإحباط الناس هو الموقف العام العربي والدولي. الناس لم تعد ترى أفقاً، فكل حرب في العالم يعقبها عمل سياسي ومفاوضات، نحن في هذه الحرب شعرنا أن ذلك لن يأتي. أنا كمقاتل كنت أثناء الحرب أتتبع الحراك السياسي المحبط، لم نشعر للحظة أن هناك افقاً، وبالتالي كان مطلوباً فقط الصمود، امتدت الحرب والقصف لا يرحم والأطفال يموتون. كنا نقاتل على هذه الوتيرة، وكانت أصعب حرب تعرضنا لها. كانت صعبة وكان مطلوباً منا فقط الصمود، من دون حراك سياسي. الآن، هناك معادلة جديدة مع اسرائيل، أي: الصواريخ مقابل هذا الحجم من القتل والدماء، هل هذا يملي شيئاً عليكم؟ - الآن سأتكلم كپ"فتح"وليس فقط كمقاوم، بمعنى ان هذه التضحية وحجم الهجمة على غزة، يتطلبان منا كفلسطينيين وكسلطة العودة اكثر فأكثر الى الحضن العربي والى الحضن الإسلامي، وأن تعود القضية برمتها الى هذا العمق. صمود الشعب لا يكفي لأن يكون هناك نصر، ولا يكفي أن يكون هذا الصمود هو الرادع لأي هجمة مقبلة. أقول لك ان التضحيات في المرة المقبلة لن تكون كافية لردع العدوان. تسيبي ليفني أرست معادلة جديدة تقول: انني لا أريد أن احتل، أنا اريد أن أضرب وأخرج. على امتنا كلها ان تباشر اعادة صوغ توجه نحو سلام يحفظ كرامتنا ويقيم دولتنا، الى جانب ان نبقى ثابتين كمقاومة، لندافع عن شعبنا بقدر ما نملك. من حقي ان أوقع خسائر بالعدو، لكن الأنسب لصمود شعبنا هو الوطن العربي، وألا يبقى شعبنا ومقاومة شعبنا وحيدين في الميدان، وإلاّ لن يكون هناك نصر. في النهاية لا مفر من ان نلتقي لإقرار سلام مشرّف. انت اذاً مع السلام؟ - نحن مقاتلون ونقاتل من اجل استراتيجية سلام. نحن في"فتح"، وكمقاتلين في فتح، مقتنعون بألا نسقط السلاح لحماية شعبنا، لكننا في الوقت نفسه مقتنعون تماماً كمقاومين بأنه يجب أن تكون هناك قنوات للتفاوض واتفاق سلام مشرّف يعيد الينا كرامتنا ودولتنا. هنا تختلفون كمقاتلين في"فتح"عن"حماس"؟ - أنا أرغب بوجود قيادة سياسية موحدة لشعبنا الفلسطيني وأداة تفاوضية واحدة، هي التي تختار أن يكون التفاوض مباشراً أو غير مباشر. أنا كمقاومة فتحاوية أحب ان يكون هناك وفاق فلسطيني، ومن ثم الانتقال الى مرحلة اكثر اهمية، صوغ البرنامج حول التفاوض. نحن في"فتح"لنا تفاوض غير مباشر، ولكن لن نلقي سلاحنا، وهذه نقطة خلاف مع قيادتنا السياسية. كيف تقوّم اداء أبو مازن خلال الحرب؟ - أخونا أبو مازن وكل القيادة في"فتح"كانوا محاصرين خلال الحرب، لم يترك مجال لأبو مازن للإنجاز السياسي ووقف هذه الحرب لأن الخلافات العربية كانت أقوى. الرجل كان مكبلاً. ألا تشعر أنه كان في إمكانه أن يقوم بخطوات ولم يقم بها؟ - مثل ماذا؟ إسرائيل كانت مصرّة على العدوان، وهي من حدّد طبيعة العدوان ولا أحد يمكنه ايقاف هذا العدوان. طلبت منه"حماس"وقف المفاوضات مباشرة؟ - يا أخي، أنا كمقاوم لست مقتنعاً بالمفاوضات من الأساس، ولكن هذه قضية أكثر تعقيداً، والموقف العربي كان مربكاً ومنقسماً. اين موقعكم من مفاوضات القاهرة كأذرع عسكرية لپ"فتح"؟ - لدينا قيادة سياسية وتنظيمية للحركة هي التي تحاور كل الجهات. نحن نمثل لجان المقاومة، وفي الحركة سقف سياسي. ولكن، ما نريده نحن كمقاومة أن تحل القضية برمتها، فالقضية ليست قضية معبر. ما هو موقعكم من الانقسام الفلسطيني؟ - الإحساس العام في حركة"فتح"في غزة ان هناك استهدافاً للحركة يترسخ لدينا في بعض اللحظات والمواقف وقد يتلاشى في لحظات أخرى. ولكن، اثناء المعارك الداخلية هوجمنا واعتُقلت لنا كوادر، لكننا لم ننجر وقررنا ألا ننجر الى مواجهات داخلية. نحن مقاومة ضد الاحتلال، وهذا ما شكّل رادعاً الى حد ما في وجه من حاول استهدافنا. كنا دائماً نتحاشى من كان يحاول جرّنا الى معارك داخلية. ولكن، في بعض المواقف كنا نشعر ان هناك محاولات إقصاء لنا. حصلت اعتداءات ومصادرة سلاح، ولكن كنا نعضّ على الجرح وهذا قرارنا. ماذا عن مستقبل غزة في ظل الانقسام؟ - هذه الحرب الضروس انتهت، ونحن في انتظار ما سيأتي. أخاف من أن يأتي العدوان المقبل وألا نكون كما كنا في هذه المعركة. الانقسام والخلاف يتهددان صمودنا. نشر في العدد: 16734 ت.م: 27-01-2009 ص: 28 ط: الرياض