أما وقد وضعت الحرب الاسرائيلية الوحشية على قطاع غزة أوزارها، فإن أسئلة كثيرة بدأت تطرح بقوة حول دور الاعلام المصور الذي رافق هذه الحرب. من هذه الأسئلة التي ستتردد كثيراً، تلك التي ستطاول محطة"رامتان"التي لم تفارق بتغطياتها"المجانية"غالبية الفضائيات إلا لماماً. ولا شك في ان هذه الوكالة الفلسطينية المصورة المستقلة حققت حضوراً لافتاً ومهماً، حتى أنها فرضت نفسها بقوة على فضائيات كبيرة استعانت بها وبصورها"الطازجة". وربما كانت المهنية الواضحة التي ميزت عمل"رامتان"في توزع مصوريها ومراسليها في ساحة الحرب، من العوامل التي ساهمت في ترسيخ وجودها، حتى عندما تمكنت الفضائيات الأخرى من استيعاب الصدمة الأولى للضربة الفائقة القوة، وأزاحت قليلاً شعار"رامتان"عن شاشاتها المضيئة، عادت واستعانت بها بعدما"تنقلت"اسرائيل في حربها على القطاع من مرحلة إلى مرحلة. وهنا أيضاً، تجلّت الحرفية الكبيرة في أداء"رامتان"التي يمكن لها من الآن فصاعداً أن تلعب دوراً في صناعة اعلام فلسطيني مستقل يمكنه بالفعل أن يرافق تجربة غنية ومهمة مرت بها القضية الفلسطينية عبر تاريخها، وذلك بعيداً من اعلام يعود في ملكيته وأمزجته لهذا الفصيل أو تلك الحركة. فهذا ما تريده هذه الساحة المشرذمة التي لم تلتق يوماً على بيان مفيد إلا في ما ندر. بهذا المعنى يكون السؤال عن"رامتان"بعد الانتهاء من الحرب مشروعاً، لأن الواجهة التي وجدت نفسها فيها ليست عابرة، وما هو مطلوب منها ربما يبدو كبيراً وفوق طاقتها، ولكن تصديها لتغطية وقائع الحرب ونجاحها في كسر التعتيم الاعلامي الذي حاولته اسرائيل أثبت أنها جديرة بالمسؤولية خصوصاً أن تعزيز مسيرة الاعلام الفلسطيني المستقل بات مسألة أكثر من ضرورية. وإذا كانت"رامتان"تعرضت في أوقات سابقة للتضييق عليها من السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، ومن حركة"حماس"في قطاع غزة، فهذا لا يعني أن ليس بوسعها أن تأخذ المبادرة وتمضي إلى الأمام، ففي"القاموس"الكنعاني القديم، يحمل اسم رامتان معنى"غزالين" كلمة رامة تعني غزال، وهذان المخلوقان الخفيفان يمكنهما أن يثبا ويتنقلا بحذر وخفة... وهذا ما أثبتته"رامتان"في هذه الحرب الوحشية المدمرة على قطاع غزة! نشر في العدد: 16729 ت.م: 22-01-2009 ص: 30 ط: الرياض