يعرض متحف لوكسمبورغ في باريس حتى نهاية شباط فبراير 2009 منتخبات من المجموعة الشهيرة لجامع الأعمال الفنية البرتغالي براردو وتتجاوز المنتخبات أربعة وسبعين عملاً فنياً. تعتبر المجموعة من أكبر المجموعات في أوروبا والأولى في البرتغال وتتجاوز الألف وخمسمئة عمل فني مفصلي، وتمثل بالتالي سياق الفن الحديث والمعاصر في القرن العشرين، وعلى الأخص تيارات ما بعد الحرب العالمية الثانية منذ عام 1945. كان صاحب المجموعة مستثمراً في ميدان الذهب والألماس في أفريقيا الجنوبية، استنفد قسماً من ثروته في جمع الفنون الشعبية الأفريقية خصوصاً زيمبابوي، والإعلانات الأميركية لسنوات الخمسينات من القرن الماضي، ثم الأثاث الشعبي في أميركا اللاتينية خصوصاً البرازيل، قبل أن يتحول الى جمع ذخائر الفن الحديث منذ عام 1990، وذلك إثر عودته الى البرتغال مشاركاً في السوق العالمية والمزادات الفنية. ابتدأ منذ عام 1992 يكشف أهمية مجموعته بعروض متواترة آخرها كان في اليابان بعد ليون وسواها. يتجاوز ما أنفقه على جمعها 316 مليون يورو. ولكنها اليوم لا تقدر بثمن وذلك لسبب أهمية اختياراته التي تقع وفق عنوان المعرض ما بين السوريالي الإسباني خوان ميرو وفنان البوب الأميركي أندي وارهول. ابتدأ باقتناء أهم لوحات التجريدي الهندسي الهولندي بييت موندريان، ثم مجموعة كاملة لفييرا دي سيلفا. من الملاحظ في المعرض غلبة الحس النخبوي والانتخابي، هو ما رسخ في روح المجموعة حساسية مستشاريه في قراءة الفن الحديث. تتنازع المجموعة ثلاثة تيارات: 1 - مصادر السوريالية، والعودة منذ بداية القرن العشرين الى ميتافيزيقية شيريكو وصولاً حتى الإسبانيين خوان ميرو وسلفادور دالي مروراً بماغريت وماكس أرنست... تلك الحركة التي وجدت في الأحلام وعوالم الهذيان والطفولة بديلاً عن الواقع. 2 -"التجريدات"، الهندسية أكثر من الغنائية ابتداء من موندريان وفييرا دي سيلفا وفراغية الإيطالي فونتانا. وصولاً الى"المنمالية"الاختزالية مع المرور بستيلا الأميركي. 3 - الصراع في الستينات بين الواقعية الجديدة الفرنسية برمزها إيف كلين وپ"البوب آرت"الأميركي ممثلاً بروتيلد وآندي وارهول. وإذا كانت هذه هي الخطوط العريضة التي تميز المجموعة فقد عرجت على نماذج من"الآربوفيرا"الإيطالية. وأهملت"الموادية"التي ابتدأها تابييس. ولم تترك بالعكس نموذجاً"سوريالياً"إلا تعرضت له منذ 1920، مثل الألماني برومير وفنان أميركا اللاتينية ولفريدو لام وإيف تانغلي وأندريه ماسون وغيرهم. ووصلت في التجريد الهندسي الى فازاريلي وبن نيكولسون وحركة"الباوهاوس"المهاجرة الى الولاياتالمتحدة ابتداء من موهولي ناجي وجوزيف البير. هو ما يعني بالنتيجة إهمال بعض الفن المعاصر الرديف للفن الحديث، أي الخط الذي حفر سكته مارسيل دوشامب منذ"الدادائية الأولى"في باريس وحتى"الدادائية المحدثة"في نيويورك. كما أهملت وسائط ما بعد الحداثة مثل الفيديو والبرفورمانس والإنشاءات الفراغية وفن البيئة وسواهم. ان شيوع عروض أصحاب المجموعات الخاصة والمزادات العالمية يوازن الأحادية المؤسساتية، التي رسخت أفضلية الفن المعاصر لوسائط ما بعد الحداثة وقاومت جزءاً من تيارات الفن الحديث. يمثل المعرض خروجاً صريحاً على هذه العولمة المؤسساتية ويتمسك بتعددية قراءة فنون القرن العشرين.