تعرض لبنان أمس، للمرة الثانية في أسبوع، الى عملية استخدام منطقة جنوب الليطاني الواقعة تحت سيطرة"يونيفيل"والجيش اللبناني، منصة لإطلاق الصواريخ باتجاه شمال فلسطينالمحتلة ما قد يعطي إسرائيل ذريعة لتجديد عدوانها على الجنوب واستدراجه الى حرب مفتوحة خلافاً للإرادة الجامعة للبنانيين في إصرارهم على التطبيق الكامل للقرار الدولي 1701، راجع ص 6 وكانت جهة مجهولة أطلقت صباح أمس خمسة صواريخ من نوع"كاتيوشا"من خراج بلدة الهبارية في القطاع الشرقي العرقوب في قضاء حاصبيا، سقط ثلاثة منها بالقرب من مستعمرة كريات شمونة"الخالصة"في الجليل الأعلى، وإثنان في الأراضي اللبنانية بمحاذاة الحدود الدولية مع إسرائيل التي ردت على دفعتين بقصف مدفعي من عيار 155 ملم استهدف المنطقة التي أطلقت منها الصواريخ من دون أن يحدث أضراراً مادية أو بشرية. واستدعى إطلاق الصواريخ والرد الإسرائيلي عليها، مشاورات بين رئيسي الجمهورية العماد ميشال سليمان والحكومة فؤاد السنيورة ووزير الدفاع الوطني إلياس المر وقائد الجيش العماد جان قهوجي الذي تفقد لاحقاً الوحدات العسكرية المنتشرة في جنوب الليطاني وجال على مراكزها الحدودية واجتمع مع الضباط والعسكريين، إضافة الى قائد"يونيفيل"الجنرال كلاوديو غراتسيانو الذي نقلت عنه مصادر في القوات الدولية ل"الحياة"دعوته الى ضبط النفس والتعاون للحفاظ على الأمن وقطع الطريق على محاولات تهديد الاستقرار في المنطقة. وإذ دعا غراتسيانو الى اليقظة والتعاون بين الجيش اللبناني و"يونيفيل"لضبط الوضع في الظروف الدقيقة التي تمر فيها المنطقة ولبنان، خصوصاً أن رد الفعل الإسرائيلي على إطلاق الصواريخ بقي محدوداً كما في المرة السابقة، فإنه أبدى في المقابل خشيته في حال تكرار إطلاق الصواريخ من عدم القدرة على السيطرة على الوضع، لا سيما في حال لجأت إسرائيل الى التوسع في الرد. وكشفت المصادر ذاتها أن من أطلق الصواريخ هذه المرة لا يتمتع بخبرة عالية في إطلاقها ولا بحرفية في توجيهها خلافاً للمرة السابقة التي أظهر مطلقها تقنية عالية وقدرة على توجيه الصواريخ بالاتجاه الذي خطط له ليكون الهدف في مستعمرة نهاريا. وفي رد الفعل اللبناني الرسمي على إطلاق الصواريخ قال وزير الإعلام طارق متري بعد اجتماع مع السنيورة في حضور وزيرة التربية بهية الحريري:"إن العمل الذي شهدناه هذا الصباح أمس مدان وهو يخالف، لا بل يؤذي المصلحة الوطنية والإجماع اللبناني لجهة رفض جر لبنان وإعطاء ذريعة لإسرائيل كي تؤذي مصلحة لبنان الوطنية. وإن إصرار اللبنانيين على عدم توريط بلدهم ويقظة الجيش وقوات الطوارئ الدولية من شأنهما أن يحولا دون تكرار عملية كهذه". وفي هذا السياق أكد العماد قهوجي في جولته التفقدية على الوحدات العسكرية المنتشرة في جنوب الليطاني أنه"لن يتم السماح لأصحاب النيات المبيتة والبعيدة من المصلحة الوطنية بأن يجرّونا الى مواجهة تستنزف القدرات الوطنية خارج التوقيت الذي حدده لبنان دون غيره". فيما أكد البيان الصادر عن قيادة الجيش - مديرية التوجيه - التزام القيادة الدقيق"تنفيذ موجبات القرار 1701 وعدم السماح لأي كان بالعبث بمسيرة الأمن والاستقرار واستخدام الجنوب منصة لتوجيه الرسائل والمواقف العبثية التي لا تخدم إلا العدو الإسرائيلي". وصدرت أمس ردود فعل دانت المحاولات المتكررة لإعطاء إسرائيل ذريعة لشن حرب جديدة على لبنان، واعتبر رئيس كتلة"المستقبل"النيابية سعد الحريري أن الحادث يستوجب أعلى درجات الحذر من كل اللبنانيين المعنيين بسلامة وطنهم وتأكيد التزامهم بالقرار 1701 ومقتضياته بقدر ما يستوجب تحركاً مسؤولاً من"يونيفيل"والجيش اللبناني لمكافحة أية محاولات لاستدراج لبنان نحو مواجهات لا تمت بصلة الى القرار الوطني اللبناني. وقال رئيس المكتب السياسي ل"الجماعة الإسلامية"في لبنان علي الشيخ عمار أن الجماعة تبدي استغرابها لحادثة إطلاق الصواريخ من مناطق لبنانية قريبة من إحدى المؤسسات التربوية في إشارة الى ما تردد عن أن الصواريخ أطلقت من منطقة في الهبارية مجاورة لمدرسة الإيمان التابعة للجماعة. لكن"الحياة"علمت أن موقف"الجماعة الإسلامية"يتخطى ذلك الى دحض ما أخذت بعض الأوساط السياسية تشيعه من أن هذه المنطقة ينتمي سكانها الى الطائفة السنية تماماً مثل المنطقة التي أطلقت منها الصواريخ الخميس الماضي باتجاه مستعمرة نهاريا. وبحسب المعلومات فإن الرد جاء لمواجهة تسليط الأضواء على تحميل فريق من السنّة مسؤولية إطلاق الصواريخ، خصوصاً أن بعض الأوساط المعروفة سارعت فور إطلاق الصواريخ الخميس الماضي الى الغمز من قناة فريق آخر من السنّة بذريعة أن المقيمين في شريط القرى الضهيرة، أم التوت، مروحين، البستان الذي انطلقت منه الصواريخ هم بغالبيتهم من السنّة. وأبدت مصادر سياسية ارتيابها من تسليط الأضواء على فريق من السنّة تارة بالإشارة الى مسؤولية تنظيم"فتح الإسلام"عن إطلاق الصواريخ وأخرى الى تنظيم"القاعدة"استجابة للنداء الذي وجهه الرجل الثاني فيه الدكتور أيمن الظواهري بدعوته الى الجهاد ضد الأميركيين والصهاينة. وقالت إن الأمن في جنوب الليطاني هو في عهدة"يونيفيل"والجيش اللبناني وان استباق التحقيق للكشف عن الجهة المسؤولة عن إطلاق الصواريخ أمر يدعو الى القلق وربما الى تغطية الفاعل الحقيقي من دون أن يعني هذا الكلام أن هناك من يود تبرئة هذا الطرف أو ذاك وإنما لا مصلحة لأحد في تضليل التحقيق من باب الظن بفريق معين. نشر في العدد: 16722 ت.م: 15-01-2009 ص: الأولى ط: الرياض عنوان: صواريخ من الجنوب على شمال إسرائيل . لبنان يرفض محاولات جره إلى مواجهة