خرق عثور الجيش اللبناني أول من أمس، على ثمانية صواريخ في المنطقة الممتدة بين بلدتي طير حرفا والناقورة، حيث المقر العام لقيادة القوات الدولية العاملة في جنوبلبنان يونيفيل، كانت معدة للانطلاق باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، الهدوء السياسي المسيطر على لبنان لمناسبة عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة، طارحاً مخاوف من لجوء أطراف الى استخدام الجنوب ساحة للرد على الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة في ضوء تهديد اسرئيل بشن عملية ضدها والقرار الذي اتخذته حكومتها المصغرة. راجع ص 5 وانشغل لبنان الرسمي، على المستويات كافة، في مواكبة التحقيقات الجارية لكشف الجهة التي تقف وراء الإعداد لإطلاق الصواريخ من منطقة عمليات القوات الدولية في جنوب الليطاني، والتي تهدف، كما يرجح، الى تمرير رسالة لمن يعنيهم الأمر بأن الرد جاهز على إسرائيل لمنع استفرادها بغزة. ولم تستبعد مصادر رسمية مواكبة للتحقيقات الأمنية والقضائية، أن يكون وراء نصب الصواريخ جهة فلسطينية"عالية التنظيم"باعتبار ان استحضار الصواريخ الى المنطقة الخاضعة لرقابة مشددة من"يونيفيل"والجيش اللبناني، يتطلب جهداً لوجستياً فوق العادة، إضافة الى مراقبة المكان الذي نصبت فيه الصواريخ لتفادي كشفها من جانب القوات الدولية والقوى الأمنية اللبنانية،"وهذا يجعل من المستبعد أن يكون التخطيط للعملية عملاً فردياً". ونقلت المصادر عن أركان الدولة قلقهم ومخاوفهم من احتمال تكرار مثل هذه العملية التي من شأنها تهديد الاستقرار في الجنوب، خصوصاً في منطقة عمليات"يونيفيل"جنوب الليطاني وإعاقة استكمال تنفيذ القرار الدولي 1701. ورأت ان العملية جاءت بمثابة تسجيل نقطة ضد"شبكة الأمان"التي وفرها الجيش و"يونيفيل"في الجنوب. ونقلت المصادر ارتياح اركان الدولة الى دور الجيش اللبناني في وضعه اليد على الصواريخ قبل انطلاقها. كما أكدت ان رئيس المجلس النيابي نبيه بري أبدى اهتماماً خاصاً بملاحقة التحقيقات التي باشرتها مديرية الاستخبارات في الجيش اللبناني، وان مسؤولين في حركة"أمل"التي يرأسها، تواصلوا أمس مع قيادتي الجيش و"يونيفيل"، فيما قررت الأخيرة ترك التحقيق للجيش اللبناني الذي يجري حالياً تحليلاً للجهاز الالكتروني الذي كان موصولاً بالصواريخ للتأكد مما إذا كان يستخدم كبديل من ساعة التوقيت. وتابعت:"الجيش اللبناني سيتوصل فور الانتهاء من الكشف على الجهاز الالكتروني الى تحديد ما إذا كانت الصواريخ معدة للانطلاق في توقيت معين، أو ان الجهة التي نصبت الصواريخ وجهزتها أرادت فقط تمرير رسائل سياسية أولاً الى قيادتي الجيش ويونيفيل بأنها قادرة على خرق منطقة جنوب الليطاني بإحضار صواريخ الى البستان الذي وجدت فيه والذي لا يبعد كثيراً عن مقر قيادة القوات الدولية، وثانياً الى الداخل اللبناني لجهة قدرتها على توريطه في إعادة فتح جبهة الجنوب وربطها مباشرة بالتطورات الجارية في قطاع غزة". وإذ أكدت المصادر أن لا مصلحة ل"حزب الله"في أي تهديد للاستقرار في الجنوب، لفتت في المقابل الى أن"الجهة الفاعلة والتي يرجح أنها فلسطينية، بدأت تخطط لزج الحزب في مشكلة أمنية ? سياسية واختارت التوقيت المناسب للإيحاء بأن إطلاق الصواريخ ما هو إلا عينة من الرد على الحصار الإسرائيلي لغزة، والتلويح بعمليات أخرى في حال تمادت إسرائيل في عدوانها على القطاع". ومع ان قائد"يونيفيل"الجنرال كلاوديو غراتسيانو اكتفى في أول رد فعل له على وضع الجيش اللبناني يده على الصواريخ، بالإشادة بالإنجاز الكبير الذي حققه الجيش في ضبطها رافضاً الدخول في تحديد الجهات التي تقف وراء العملية، إفساحاً في المجال أمام التحقيقات الجارية، فإن رئيسي الجمهورية ميشال سليمان والحكومة فؤاد السنيورة إضافة الى بري، ظلوا طوال أمس على تواصل مع قيادة الجيش مركزين بحسب مصادر رسمية، على تشديد الإجراءات الأمنية التي كانت بلغت ذروتها أمس عبر إقامة حواجز التفتيش وتسيير الدوريات. إلا أن مسؤولاً كبيراً فضل عدم ذكر اسمه، أعرب ل"الحياة"عن مخاوفه من أن يكون تحضير الصواريخ وكأنها جاهزة للانطلاق، بمثابة رسالة أريد منها تقديم"النموذج"على ما سيكون عليه الوضع في الجنوب في حال نفذت إسرائيل تهديدها باجتياح غزة. وفي ردود الفعل اللبنانية الأولية على اكتشاف الصواريخ، قال رئيس حزب"القوات اللبنانية"سمير جعجع إن"ما اكتشف من صواريخ في المنطقة الحدودية ليس صدفة بل عن سابق تصور وهو بمثابة رسالة مفادها أنه في حال حصل تصعيد في المنطقة سيتأثر لبنان به"، مشدداً على ضرورة"عدم معالجة المأساة الكبيرة في غزة بمأساة أخرى"، ورافضاً توجيه الاتهام لأي طرف. لكنه رأى"وكتكهن أولي ان ليس في استطاعة أي فريق التحرك في أرض الجنوب سوى حزب الله". نشر في العدد: 16703 ت.م: 27-12-2008 ص: الأولى ط: الرياض عنوان: لبنان : مخاوف من عودة استخدام الجنوب وترجيح مسؤولية جهة فلسطينية عن الصواريخ