وصول المنتخبين السعودي والقطري إلى نصف النهائي جاء مستحقاً عطفاً على ما بذله لاعبو المنتخبين من مجهود كبير خلال مباراتي الإمارات واليمن، وعلى رغم اختلاف قيمة المجهود ومضمونه بين المنتخبين، إلا أن المنتخب السعودي قدّم صورته الفنية مع الدقائق الأخيرة من الشوط الأول، واستمر عليها حتى نهاية المباراة. وفي الطرف الآخر، تأخر المنتخب القطري كثيراً في تسجيل تقدمه بنتيجة مباراته أمام اليمن، على رغم التطمينات التي تصله خلال المباراة بأن المنتخب السعودي سهل الكثير من المهام والمسؤولية عليهم في مباراة اليمن. التمرس والخبرة حسماها ل"الأخضر" كان للخبرة الميدانية دورها الكبير في حسم الأمور لمصلحة المنتخب السعودي، الذي أجاد لاعبوه التعامل مع مجرى مباراتهم أمام منافسهم الإماراتي، وذلك من خلال هدوئهم وتركيزهم العالي مع الدقائق الأولى من المباراة، التي كان فيها المنتخب الإماراتي أكثر استحواذاً وسيطرة على منطقة المناورة، بفضل الضغط القوي الذي طبقه لاعبو الوسط ونجحوا فيه بشكل كبير، حتى تحقق لهم تهديد مرمى وليد عبدالله بأكثر من كرة، خصوصاً كرتي إسماعيل مطر والمدافع فارس جمعة اللتين كانتا ترجمة واقعية لأحداث المباراة، وعاب الوسط السعودي وهو يعيش هذه الوضعية تباطؤه واستمراره في لعب الكرات الخاطئة، كما كان يحدث مع خالد عزيز الذي بالغ كثيراً في التمرير الخاطئ مع بداية الشوط الأول. مرور الدقائق على المنتخب الإماراتي من دون أن يهز الشباك وهو الأكثر استحواذاً على الكرة والأكثر وصولاً إلى منطقة الجزاء، كان له التأثير الجيد في لاعبي المنتخب السعودي بأن يسعوا لتحويل مجرى المباراة لمصلحتهم، في ظل توافر المساحات في منطقة الوسط والدفاع الإماراتي، إلا أن مصيدة التسلل أحبطت الكثير من الكرات المرتدة التي خلقها لاعبو الوسط والهجوم في"الأخضر". فارق العوامل اللياقية كان للعامل اللياقي دور بارز في ترجيح كفة المنتخب السعودي على نظيره الإماراتي في الشوط الثاني، الذي كانت فيه الكرات المرتدة السعودية في قمة مثاليتها وخطورتها، ونتج منها الوصول إلى شباك ماجد محمد في ثلاث مناسبات وفي ظل زيادة عددية في مهاجمي المنتخب السعودي، وبالطبع حينما يكون مسجلو الأهداف ياسر القحطاني أحد المهاجمين، وأحمد الفريدي أحد لاعبي خط الوسط، وعبدالله الزوري أحد لاعبي خط الدفاع، فهو أكبر دليل على الحالة الجماعية المثالية التي كان عليها اللاعبون، إضافة إلى تكامل الأدوار بينهم داخل ملعب المباراة، ويعتبر تسجيل ثلاثة أهداف في غضون عشرين دقيقة فقط من الشوط الثاني أحد أهم العوامل التي أجبرت المدرب ناصر الجوهر على التخطيط والنظر إلى المباراة المقبلة التي يواجه فيها الكويت، حينما أراح خالد عزيز وأحمد الفريدي وماجد المرشدي تخوفاً من حصولهم على الإنذارات التي حرمت المنتخب في هذه المباراة من أهم الأوراق في وسط الملعب اللاعب عبده عطيف. التسرّع أفقد"العنابي"توازنه الظروف التي أحاطت بالمنتخب القطري قبل مباراة اليمن والمطالبة بأن يسجل نتيجة تفوق الثلاثة أهداف حتى يضمن الاستمرار في البطولة كان لهما وقع غير جيد على لاعبي المنتخب، الذين تسرّعوا كثيراً في تسجيل ثلاثة أهدف، من دون أن يبحثوا عن تحقيق النتيجة في المقام الأول ومن ثم التركيز تكتيكياً كي يخترقوا التكتل الدفاعي المتوقع من المنتخب اليمني، لذلك كانت الكرات الطويلة غير مجدية وغير مثالية للكثرة العددية على مشارف منطقة جزاء المنتخب اليمني، وعلى رغم الحصول على أولى الخطوات بتسجيل هدف قبل مرور ربع الساعة من الشوط الأول، إلا أن هذا الهدف زاد من سرعة البحث عن تسجيل هدف ثان، لذلك كانت الكرات مقطوعة والاجتهاد الفردي هو سمة المنتخب، بل إن الاندفاع في ملعب اليمن جلب الخطر على دفاعات المنتخب، ما مكّن اليمنيين من تعديل النتيجة، وهذا الهدف كان كالصاعقة التي أفقدت القطريين توازنهم وتركيزهم على ملعب المباراة، حتى زادت الثقة والطموح لدى لاعبي اليمن بأنهم باتوا قريبين من خطف نقطة وحيدة قد تحفظ لهم ماء الوجه، جراء عدد الأهداف التي استقبلتها شباكهم في المباراتين الماضيتين، لذلك كان سقطوهم المبالغ فيه ومحاولة تضييع وقت المباراة هو هدف مهم ورئيسي كي يقتلوا رتم المباراة قدر المستطاع، ويزيدوا الضغط النفسي على لاعبي قطر، إلا أن كرة القدم ابتسمت لمنتخب قطر في النهاية، وفي ظل بحث لاعبيه القوي عن تسجيل هدف وحيد يكفل لهم الوصول إلى نصف النهائي، وإن جاء من كرة ثابتة، إلا أنه يحسب للاعبين الذين ظلوا يقاتلون ويبحثون عن تسجيل هدف ثان، وكذلك يحسب لمجدي صديق الذي ركز كثيراً وكان في قمة هدوئه وهو ينفّذ آخر المحاولات الهجومية على المرمى اليمني. نشر في العدد: 16720 ت.م: 13-01-2009 ص: 35 ط: الرياض