لم تخفت حدة العدوان الإسرائيلي على غزة، رغم صدور قرار مجلس الأمن. وقتل قصف الطائرات والمدفعية والدبابات والزوارق البحرية الإسرائيلية التي دكت منازل الفلسطينيين بمنتهى القسوة والعنف، أكثر من 30 شخصاً أمس. وانضم الصحافيون إلى لائحة الأهداف الإسرائيلية، فجرح اثنان منهم بعدما قصفت طائرة إسرائيلية مبنى الجوهرة في مدينة غزة الذي تستخدمه قنوات إخبارية عربية مقراً للبث. واعتبرت حركة"الجهاد الإسلامي"أمس أن المعركة الفعلية بين مقاتلي الفصائل وقوات الاحتلال لم تبدأ، مؤكدة أنها تنتظر حرب الأزقة والشوارع. وواصلت قوات الاحتلال قصفها ممتلكات الفلسطينيين ومنازلهم، لترفع إجمالي عدد الشهداء منذ بدء الحرب على غزة في السابع والعشرين من الشهر الماضي إلى أكثر من 792، والجرحى إلى نحو 2400. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تراجعت قوات الاحتلال عن التهدئة اليومية التي قالت إنها ستمنحها للمواطنين للتزود بحاجاتهم الأساسية، فواصلت القصف الجوي من الطائرات المقاتة من طراز"اف 16"والمروحيات من نوع"أباتشي"الأميركي الصنع، ودبابات"ميركافاه سيمان 3"و"ميركافاه سيمان 4"الأكثر تصفيحاً في العالم، وكذلك المدفعية الرابضة على الحدود الشمالية والشرقية للقطاع. واستهدفت الطائرات الحربية مساء أمس سطح برج الجوهرة وسط مدينة غزة الذي تشغله مكاتب قنوات"الإخبارية"السعودية و"النيل"المصرية، و"العالم"الإيرانية، وغيرها. وأدى القصف إلى جرح صحافيين كانا على سطح البناية. وانتقدت حركة"حماس"قرار وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين"أونروا"تعليق عملياتها في القطاع بسبب استمرار استهداف منشآتها والعاملين فيها من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي. ويُعتقد أن هناك المزيد من الجثث في المنازل وتحت أنقاض المنازل المدمرة في المناطق الخاضعة للاحتلال في الجزء الشمالي من القطاع الذي يضم بلدتي بيت لاهيا وبيت حانون ومخيم جباليا للاجئين، إضافة إلى مناطق شرق مدينة غزةوجنوبها، وبعض المناطق في وسط القطاع وجنوبه. ومع حلول مساء أمس كثفت الطائرات المقاتلة والمدفعية الإسرائيلية قصفها لعدد من الأبراج السكنية وشوارع في أنحاء متفرقة من مدينة غزة. كما قصفت تجمعاً لمواطنين في مفترق أبو الأمين في حي الشيخ رضوان، وبرج المعلمين، واحدى الطبقات في برج سكني ثان في حي تل الهوا، ما أسفر عن اصابة عشرات بجروح. وقصفت بثلاث صواريخ مناطق زراعية غير مأهولة في مخيم النصيرات للاجئين وسط القطاع. وارتكبت قوات الاحتلال مجزرة جديدة فجر أمس عندما قصفت منزلاً لعائلة صالحة في بيت لاهيا، ما أسفر عن استشهاد ستة من أفراد العائلة، بينهم أم وأبناؤها الثلاثة، وجرح 18 آخرين. واستشهد ظهر أمس رجل ستيني وزوجته، وأصيب نجلهما خلال قصف إسرائيلي استهدف منطقة مفتوحة شمال القطاع. وقالت مصادر طبية إنه تم العثور على ثلاثة شهداء في بلدة عبسان الصغيرة شمال مدينة خان يونس جنوب القطاع، كما استشهد فتى في الخامسة عشرة من عمره، واصيب آخرون بجروح مختلفة في قصف استهدف منزل في شارع غزة القديم في بلدة جباليا شمال القطاع. واستشهدت سيدتان وأصيب فتى في الثانية عشرة، جميعهم من العائلة نفسها، جراء قصف طائرات الاحتلال منزلهم في منطقة القرم في بلدة جباليا. واستشهد ثلاثة فلسطينيين، وجرح سبعة اخرون في قصف نفذته الزوارق الحربية في بلدة الزوايدة جنوب مدين دير البلح وسط القطاع. واستقبل مستشفى شهداء الاقصى في المدينة أيضاً تسعة شهداء، وأربعين جريحاً حصلية التوغل لقوات الاحتلال في مناطق وسط القطاع. وأعلنت"سرايا القدس"أمس استشهاد أحد أعضائها، متأثراً بجروح أصيب بها في وقت سابق في مدينة خان يونس جنوب القطاع. وقصفت طائرات الاحتلال سبعة منازل في مناطق مختلفة من القطاع، بينها منزل أبو عبيدة الجراح نائب قائد الشرطة التابعة للحكومة المقالة في حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة، ومنزل قائد الامن والحماية في جهاز الأمن الداخلي التابع لوزارة الداخلية في الحكومة المقالة في مدينة رفح جنوب القطاع، ومنزل آخر لأحد أعضاء"كتائب القسام"الذراع العسكرية لحركة"حماس". كما قصفت مركز الشرطة في المنطقة غير المحتلة من حي الزيتون جنوب مدينة غزة، ومسجد الرباط في مدينة خان يونس، ومكتب تابع لحركة"الجهاد الإسلامي"في المدينة نفسها. وقصفت برج الأطباء في حي تل الهوا جنوب مدينة غزة، ما أسفر عن استشهاد مصور تلفزيون فلسطين الرسمي الزميل الصحافي ايهاب الوحيدي ووالدة زوجته، فيما أصيبت زوجته بجروح خطيرة. وهو ثالث صحافي فلسطيني يستشهد منذ بدء الحرب على غزة قبل أسبوعين. في غضون ذلك، انسحبت قوات الاحتلال فجر أمس من منطقة توغلت فيها شمال شرقي بلدة القرارة، وحي أبو شعر جنوب شرقي مدينة دير البلح، بعد معارك خاضها مقاتلون من مختلف فصائل المقاومة. وفي أعقاب انسحابها، عثر المسعفون على جثث ثلاثة مسنين كانوا استشهدوا جراء القصف المدفعي لمنازل الفلسطينيين في البلدة. ودمرت قوات الاحتلال نحو 30 منزلاً، ومساحات واسعة من الأراضي في البلدة الزارعية. وقالت"كتائب القسام"إنها اشتبكت فجر أمس مع قوة إسرائيلية راجلة متوغلة في منطقة تقع غرب بيت لاهيا، وفجرت فيها عبوتين ناسفتين مضادتين للأفراد. وأكدت وقوع عدد من الإصابات في صفوف الجنود، ما جعل الاحتلال يقصف منطقة الاشتباك في شكل عنيف. واعترف الاحتلال بإصابة ثلاثة جنود. ونقل موقع تابع لحركة"الجهاد الإسلامي"عن مصادر فلسطينية مطلعة أن"المعركة البرية لم تبدأ بعد وان المقاومة الفلسطينية لم تستخدم سوى 40 في المئة فقط من قدراتها في المعركة الدائرة على تخوم قطاع غزة". وأوضحت هذه المصادر أن"الدبابات الصهيونية لا تزال تتمركز في المناطق المفتوحة والزراعية ولم تدخل إلى المدن في القطاع". وأشارت إلى أن"وحدات القناصة والاستشهاديين والبيوت والسيارات المفخخة وآلاف المقاومين من الوحدات الميدانية المجهزين بالعبوات الناسفة وعبوات الأفراد وقذائف أ ربي جى لم تشارك بعد في المعركة الدائرة على تخوم القطاع". ولفتت إلى أن"وحدات المدفعية المنوط بها إطلاق قذائف الهاون والصواريخ سيكون عملها بمنأى عن الآلاف من عناصر المقاومة الميدانية التي تنتشر وتأخذ أماكنها في الشوارع والأزقة وتنتظر المعركة بين أزقة المخيمات والأحياء السكنية". وتوقعت"حرباً حقيقة يلتحم فيها المقاومون وجهاً لوجه مع جنود الاحتلال"، مشيرةً إلى"احتمال أن ترتفع أعداد الشهداء إلى عدد يفوق عشرة آلاف شهيد وآلاف الجرحى فيما سيتكبد العدو خسائر فادحة". وكشفت أن"عناصر المقاومة الذين يقدر عددهم بنحو 40 ألفاً مجهزون بأسلحة رشاشة من أنواع مختلفة، ومع كل منهم جعبة مجهزة بالرصاص والقنابل". وشددت على أن"عدداً قليلاً من المقاومين يشارك في المعركة الدائرة على تخوم القطاع حالياً". واعتبرت أن"المقاتل الفلسطيني يجيد المعركة بين أزقة المخيم، كونه يعرف أزقة المخيم والشوارع ومخارج البيوت ومداخلها في القطاع"، متوعدة بأن"تفاجئ مواجهات الأزقة جيش الاحتلال في القطاع، في شكل لم يتوقعه". وواصلت الفصائل إطلاق الصواريخ من قطاع غزة مع استمرار المواجهات على الأرض. وقالت مصادر إسرائيلية إن أربعة صواريخ أطلقت من القطاع غزة أمس سقطت في مدينة بئر السبع في قلب صحراء النقب. وأضافت أن الصواريخ سقطت في أماكن مفتوحة، ولم ترد أي أنباء عن وقوع إصابات بشرية أو خسائر مادية. وسقط ثلاثة صواريخ أحدهم في مدينة أسدود والآخران في المجلس الإقليمي"أشكول"، من دون أن يتسببا بوقوع إصابات أو خسائر. وأعلنت"كتائب القسام"أنها قصفت أمس للمرة الأولى قاعدة"تل نوف"الجوية العسكرية الإسرائيلية بصاروخ من طراز"غراد"الروسي الصنع. وتبعد القاعدة من القطاع 45 كيلومتراً، وهي الأكبر في وسط اسرائيل. ويعتبر قصف القاعدة أبعد مدى تصل إليه صواريخ القسام حتى الآن. إلى ذلك، انتقدت حركة"حماس"قرار وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين"أونروا"تعليق عملياتها الإغاثية في غزة. ووصف الناطق باسم"حماس"فوزي برهوم القرار بأنه"غير منطقي وليس مبرراً". وشدد على أن"واجب اونروا في حال الحرب حماية ضحايا الحرب، وليس التخلي عنهم". واعتبر أن هذا القرار"لا يخدم أهلنا في قطاع غزة"فالمطلوب من أونروا استخدام أوراق الضغط التي تملكها للجم العدوان وحماية الضحايا". نشر في العدد: 16717 ت.م: 10-01-2009 ص: 11 ط: الرياض