انتهى العام 2008 بأكبر الخسائر المسجلة في اسواق الاسهم في اوروبا وآسيا والولاياتالمتحدة وكذلك في الدول الناشئة والخليج. وأجمع محللون للاسواق في مقابلات مع تلفزيون"بلومبيرغ"على ان العام 2008 شهد"الموت البطيء"للتداول بالأسهم... وللثقة بالمصارف والمؤسسات المالية والاستثمارية. ووفق احصاءات جمعتها وكالات الانباء الاقتصادية والصحف المتخصصة وبيانات اسواق الاسهم الرئيسية تراجعت مؤشرات 23 سوقاً في الدول النامية، ومن بينها دول الخليج، بنسبة 42 في المئة كما افاد مؤشر"ام اس سي آي"بعدما تحمل القطاع المصرفي نحو تريليون دولار من الخسائر، خصوصاً بعد افلاس"بنك ليمان براذرز"في الولاياتالمتحدة وجمود القطاع المصرفي اثر توقف حركة الإقراض والاقتراض والتعامل، بفعل الخوف والقلق اللذين سادا بين المستثمرين والمتعاملين حول العالم. ولم تؤد الحوافز التي أمنتها المصارف المركزية، وتجاوز حجمها 6 تريليونات دولار، الى اعادة دوران العجلة الاقتصادية الى ما كانت عليه قبل انهيار البورصات في مختلف انحاء العالم. وفي جردة لأداء البورصات حول العالم تبين ان مؤشر"نيكاي - 225"لبورصة طوكيو انهى السنة متراجعاً 42.1 في المئة، وبنسبة اكبر من تراجعه في أزمة الركود التي ضربت اليابان في التسعينات عندما انهار المؤشر بنسبة 38.7 في المئة. وخسرت اسهم بورصة شانغهاي ما يصل الى ثلاثة تريليونات دولار من قيمتها والمكاسب التي كانت حققتها في العامين 2006 و2007. وفي هونغ كونغ تراجع مؤشر"هانغ سانغ"بنسبة 48 في المئة عنه مطلع السنة. وتراجع مؤشر"فايننشال تايمز - 100"، في بورصة لندن اكبر البورصات الاوروبية بنسبة 32.4 في المئة في اعلى خسارة منذ العام 1985 وبنسبة اكبر من تراجعه في ركود العام 2002 عندما خسرت الاسهم المدرجة 24.5 في المئة. وتراجع مؤشر فايننشال تايمز"يوروفيرست 300"للاسهم الاوروبية بنسبة 45.7 في المئة وهي الأسوأ منذ العام 1986. وكانت اكبر الخسائر في اوروبا، بعد مؤشر"فايننشال تايمز"، في بورصة باريس مؤشر"داكس"الذي خسر نسبة 40 في المئة من قيمة أسهمه. وسُجلت اكبر الخسائر في البورصات الاميركية وتراجع مؤشر"ستاندارد آند بورز ? 500"بنسبة 41 في المئة أي ما يقارب نسبة ال47.1 في المئة المسجلة في ركود الثلاثينات. ورصدت وكالة"بلومبيرغ"، التي تابعت اداء 89 سوقاً حول العالم، خسارة ما يصل الى 30 تريليون دولار من قيمة الاسهم المتداولة في العالم. وقالت ان ثلاث بورصات، متواضعة الاداء، انهت السنة بمكاسب ابرزها بورصة غانا التي كسبت اسهمها نسبة 60 في المئة على مدار العام. كما حققت بورصتا توغو وشاطئ العاج مكاسب من الاكتشافات النفطية وزيادة الانفاق الحكومي. وبين اكثر القطاعات والشركات والمؤسسات المتضررة في العالم الخدمات المالية والسياحية والنقل الجوي والشحن البحري وخدمات النفط والسيارات والالبسة وسوق العقار وغيرها. وكان النفط شهد تذبذباً كبيراً في اسعاره على مدار السنة محققاً في النصف الاول مكاسب رفعت اسعاره الى 147 دولاراً في تموز يوليو الماضي لكن مكاسبه تبخرت وتراجعت في النصف الثاني تدريجاً الى اقل من 40 دولاراً للبرميل ليكون الخام اكبر ضحايا الركود في العالم. واضطرت منظمة الدول المصدرة للنفط اوبك الى خفض انتاجها على دفعات بما يزيد على 4.2 مليون برميل يومياً بعد تراجع الطلب في الولاياتالمتحدة والصين اكبر دولتين مستهلكتين في العالم. ولم تنج العملات من تذبذب اسعار صرفها لكن اليورو الذي يحتفل اليوم بذكرى تأسيسه العاشرة، والين، انهيا السنة بمكاسب في قيمتهما مع ان ذلك سينعكس على الصادرات بالعملتين. ومن اكثر العملات التي تأثرت بالازمة الجنيه الاسترليني الذي تراجع سعر صرفه من دولارين الى نحو 1.45 دولار. كما تساوى سعر صرفه تقريباً مع اليورو منخفضاً من 1.43 يورو في بداية العام. ومع ان ازمة الائتمان انطلقت من سوق المساكن والعقار في الولاياتالمتحدة الا ان الدولار تحسن بنسبة كبيرة مرتفعاً في بداية الازمة امام اليورو وعاكساً سعر صرفه المتدني حين كانت العملة الاوروبية تساوي 1.6 يورو. وحققت العملة الخضراء، التي اعتبرت"عملة الملاذ"في الازمة، سعر صرف مرتفعاً في تشرين الثاني نوفمبر حين سجل اليورو ادنى مستوياته عند 1.24 دولار لكنه ما لبث ان استعاد بعض خسائره وعاد امس الى مستوى 1.40 دولار. وفي العالم العربي تراجعت مؤشرات اسواق الاسهم بنسب توازي التراجع الكبير في اسعار النفط وانعكست الازمة بنسبة كبيرة في سوق العقار في دبي التي لجأت الى ابوظبي لمساعدتها. وكانت البنوك المركزية في دول مجلس التعاون والحكومات اتخذت اجراءات لحماية نظامها المصرفي خصوصاً بعدما أدى التراجع البالغ في اسعار الاسهم والخسائر المحققة في الاستثمارات العالمية الى تهديد ملاءة المصارف الخليجية كما جرى مع"بنك الخليج"في الكويت الذي تحمل خسائر تجاوزت البليون دولار نتيجة عقود الخيار في العملات. نشر في العدد: 16708 ت.م: 01-01-2009 ص: الأولى ط: الرياض عنوان: "موت بطيء" لأسواق الأسهم ... وللثقة بالمصارف ومؤسسات الاستثمار