استضافت العاصمة النروجية أوسلو أخيراً، "المؤتمر الجيولوجي العالمي". ورعى هذا المؤتمر الذي ينعقد كل أربع سنوات"الاتحاد العالمي لعلوم الأرض"الذي تشمل عضويته معظم الدول. وحمل المؤتمر الرقم 33. وعرض فيه اختصاصيو الجيولوجيا نتائج بحوثهم العلمية التي تراكمت منذ الدورة السابقة للمؤتمر التي استضافتها مدينة فلورنسا الإيطالية في العام 4002. وفي العادة، تستعرض هذه المؤتمرات نتائج البحوث العلمية المتخصّصة، كما تُناقش المستجدات في علوم الأرض عالمياً. وقد ناقش المؤتمر ال33 مبادرة"العام العالمي لكوكب الأرض"، والتي تعتبر خطوة بنّاءة من الأممالمتحدة التي أعلنت، من خلال منظمة الپ"يونيسكو"في شباط فبراير الماضي أنها تُخصّص الفترة بين عامي 7002 و 9002 للحثّ على رفع الوعي بأهمية فهمنا للأرض لكي نستخدم ثرواتها على الوجه الأحسن. كذلك تلامس تلك المبادرة أهمية تعميق المعرفة بالمتغيّرات المناخية حاضراً وماضياً لكي نتعرف على كيفية التفاعل مع الاضطراب الراهن في بيئة الأرض. شارك فى المؤتمرأكثر من 0004 عالِم في الجيولوجيا. وجاء قرابة 1000 عالِم من الصين. وأرسلت الهند ودول أوروبا وكوريا الجنوبية وماليزيا المئات منهم، كما أوفدت دول شمال وجنوب أميركا وإيران وبعض الدول الافريقية عشرات من علمائها. وبذا، بدا الحضور العربي مخزياً. فقد حضر افرادياً بعض العلماء العرب، لكن من دون تمثيل رسمي لأي من ال 22 دولة عربية، سوى اليمن والمغرب. وترافق تمثيل المغرب مع اقتراح اتخاذ مدينة مراكش موقعاً لانعقاد المؤتمر في العام 6102. وللآسف، لم يحظ الاقتراح بالدعم الكافي. واستغرب البعض غياب دول الخليج، على رغم أن ثرواتها تنبع من النفط الذي يتطلب فهماً جيولوجياً عميقاً. كذلك لاحظ الجميع الغياب العربى فى النقاش، وخصوصاً أن مجموعة من المؤتمرات السابقة شهدت حضوراً عربياً مرموقاً. والحال أن الحضور العربي فى هذه المؤتمرات المهمة انكمش تدريجاً خلال العقود القليلة الماضية، حتى وصل راهناً إلى الصفر. إذاً، كيف نتحدث عن الإصلاح ودعم البحث العلمي ونحن فى غيبوبة عما يحصل في العالم؟ والمعلوم أن البحث العلمي لا يعرف الحدود ويزدهر إلا من خلال تضافر الجهود وتراكمها. وكذلك فإن المعرفة لا تتماشى مع الخمول، بل تتزايد يومياً. إذا تقوقعنا فى بلادنا فلن نستفيد من نتائج عمل زملائنا فى البلدان الأخرى، واذا لم نعلن عما نستطيع إضافتة للمعرفة فإننا نعتبر عالة على الإنسانية فكرياً. غريب أن يكون هذا هو الواقع في علوم الأرض بالذات. والمعلوم أن الجيولوجيين أكثر العلماء ولعاً بالترحال للتعرّف إلى خصائص تضاريس الأرض المختلفة فى شتى القارات. فما بالك إذاً بالعلماء في فروع العلم الأخرى؟ إن الغياب العربي عن المحافل العلمية العالمية أمر مشين. ولا بد من أن نستعيد مكانتنا من خلال المشاركة في استيعاب العلوم والدخول في معترك بحوثها الأصيلة، لكي نصنع إضافتنا إلى الركب العلمي عالمياً. * عالِم في جيولوجيا الفضاء