تعرضت طوافة للجيش اللبناني امس، لإطلاق نار عندما كانت تحلق فوق مناطق جنوبية شمال خط الليطاني، أي في المنطقة غير الخاضعة للعمليات المشتركة بينه وبين قوات"يونيفيل"، ما أدى الى استشهاد طيار ونجاة الآخر. وفتح تحقيق في الحادث الذي وقع في منطقة ذكر أن لپ"حزب الله"تواجداً فيها. وكان النبأ الأول أن المروحية العسكرية سقطت بين بلدتي سجد والعيشية. ونقلت"الوكالة الوطنية للإعلام"الرسمية عن بعض الأهالي في المنطقة قولهم انهم سمعوا إطلاق رصاص في المنطقة قبل أن تهوي المروحية. ولاحقاً أصدرت قيادة الجيش - مديرية التوجيه بياناً أعلنت فيه أن"أثناء قيام طوافة عسكرية تابعة للقوات الجوية اللبنانية بطلعة تدريبية في أجواء منطقة إقليم التفاح، تعرضت لإطلاق نار من عناصر مسلحين، ما دفع طاقمها للهبوط الاضطراري فوق تلة سجد، ونتج من ذلك إصابة الطوافة واستشهاد الملازم أول الطيار سامر حنا وإصابة العنصر الثاني محمود عبود وبوشر التحقيق". وذكرت مصادر أمنية لپ"الحياة"أن الطوافة كانت تحلق في إطار برنامج تدريب يومي لسلاح الجو وهي من نوع"غازيل"وكانت تقل طيارين من رتبة ملازم أول، وهي انطلقت من قاعدة بيروت الجوية وحلقت فوق جبل صافي في منطقة إقليم التفاح وأثناء التحليق فقد الاتصال بها لنحو 50 دقيقة، وتبلغت قيادة الجيش بالأمر وانطلقت طائرة أخرى في اتجاه المنطقة. وأضافت المصادر أن الطيار الآخر عبود عاود الاتصال بقيادته وكان حاول إسعاف زميله حنا لدى إصابته، ووصل الى مكان هبوط الطائرة الاضطراري وهو في أطراف بلدة عربصاليم - إقليم التفاح - قضاء النبطية، فريق مسعفين لكن الملازم أول حنا كان فارق الحياة متأثراً بإصابته. وعلمت"الحياة"من مصادر أمنية انه شُكلت على الفور لجنتان للتحقيق في الحادث، الأولى من سلاح الطيران والثانية من الشرطة العسكرية والاستخبارات، والهدف من اللجنة الأولى الكشف على الأمور الفنية والتأكد من ان الطائرة لم تنحرف عن خط التحليق المرسوم الممر الجوي لها وما اذا كان الهواء هو الذي اجبرها على تغيير المسار. وتبين في التحقيقات الأولية ان رصاصتين اخترقتا هيكل الطائرة وأصابت إحداهما الطيار الشهيد في رأسه كما تردد. ووصل الى مكان هبوط المروحية فريق فني كشف عليها وتبين له أنها صالحة للطيران فتم التحليق بها الى قاعدة رياق الجوية حيث حطت هناك لمزيد من التحقيقات. وكان مراسلو عدد من المحطات الفضائية حاولوا الوصول الى مكان هبوط المروحية وذكروا على الهواء أن القوى الأمنية التي أحاطت بالمكان طلبت منهم بلباقة عدم التقدم الى مكان هبوط الطائرة بحجة أن المنطقة أمنية، في حين نقلوا عن القوى الأمنية الموجودة في المكان أن عطلاً ربما أصاب المروحية فاضطرت الى الهبوط. وسبب ذلك بلبلة في التسريبات والمعلومات، خصوصاً ان الجيش كان أكد في بيانه أن إطلاق نار حصل على الطائرة. وأشارت"الوكالة الوطنية للإعلام"الى"أن وحدات من الجيش اللبناني قامت بأعمال الدورية في محيط سجد وأقامت حواجز ثابتة ومتنقلة، وأن حواجز الجيش في المنطقة دققت في هويات المارة والسيارات، وضرب الجيش طوقاً أمنياً مشدداً". ونقلت"الوكالة المركزية للأنباء"معلومات تفيد بأن"مسلحين أطلقوا النار على المروحية عن بعد 10 أمتار ما أدى الى هبوطها اضطرارياً، وعندما حضرت ثلاث طوافات الى مكان الحادث لمؤازرة المروحية المصابة منعت وتم إبلاغها بوجوب انتظار وصول بعض المسؤولين أولاً". وقالت"المركزية"وفق"معلومات مستقاة من مكان الحادث"ان المروحية كانت، لحظة تعرضها لإطلاق النار، على علو مخفوض جداً لا يتعدى عشرات الأمتار ما يعزز فرضية استهدافها في شكل أفقي. وأوضحت أن"عناصر مسلحين طوقوا الطيار الآخر لدى هبوط الطائرة ويدعى محمود عبود وأنزلوه رافعين بنادقهم في اتجاهه". وفيما رفض"حزب الله"التعليق على الحادث وقول المكتب الإعلامي فيه أن"لا معطيات لديه"حول الحادث، ذكرت"المركزية"ان"عدداً من كبار المسؤولين فيه توجهوا الى الجنوب للاطلاع عن كثب على التحقيقات والتأكد من حقيقة ما جرى، خصوصاً أن الحزب يعتبر نفسه المستهدف الأول من وراء التعرض للجيش في بلدة سجد معقل الحزب في إقليم التفاح بغية الإيقاع بينه وبين المؤسسة الأمنية الشرعية وتالياً تسليط الأضواء على دوره في شكل سلبي وإبرازه بمظهر الخارج عن الدولة على عتبة انعقاد طاولة الحوار التي ستبحث في موضوع الاستراتيجية الدفاعية والسلاح. لكن الوكالة عادت ونقلت عن مصادر"حزب الله"ان الجيش كان ابلغ الحزب انه سيقوم بمناورات لمدة ثلاثة ايام في المنطقة الممتدة من كفرحونة حتى الريحان وعرمتى والتي تشهد حركة غير عادية لآليات الجيش. ونقلت الوكالة نفسها عن شهود عيان انهم سمعوا إطلاق نار من رشاشات في منطقة بئر كلاب قرب بلدة عرمتى - قضاء جزين. "يونيفيل" وذكرت"المركزية"أن قوات"يونيفيل"أوفدت مندوبين عنها لاستقصاء تفاصيل التعرض لمروحية الجيش"لما للحادث من تأثير بالغ على أوضاع جنودها الموجودين في مناطق قريبة واحتمال التعرض مستقبلاً لهم طالما أمكن التعرض لعناصر الجيش، خصوصاً إنها استهدفت في السابق بعمليات إرهابية وتفجيرات أدت الى سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف عناصرها". وتابع رئيس الجمهورية ميشال سليمان مع وزير الدفاع الياس المر وقائد الجيش بالإنابة اللواء الركن شوقي المصري الحادث، واطلع على ملابساته ومسار التحقيقات الأولية التي فتحت فور وقوعه. نعي الشهيد ونعت قيادة الجيش - مديرية التوجيه النقيب الطيار الشهيد سامر حنا،"الذي استشهد بتاريخ اليوم أمس أثناء قيامه بالواجب العسكري في منطقة الجنوب". والشهيد من مواليد عام 1982 البترون - قضاء البترون، عازب، تطوع في الجيش بصفة تلميذ ضابط طيار اعتباراً من 2002. ورقي الى رتبة ملازم طيار اعتباراً عام 2004، وتدرج في الترقية الى رتبة ملازم أول طيار اعتبار من عام 2007، ورقي الى رتبة نقيب طيار اثر استشهاده، وهو حائز على أوسمة عدة وتنويه العماد قائد الجيش وتهنئته مرات عدة. ردود فعل مستنكرة وقدم نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان"تعازيه الحارة الى قيادة الجيش وذوي الشهيد حنا"، مستنكراً هذا"العمل المدان بالتعرض لمروحية الجيش اللبناني"، متمنياً الشفاء العاجل للجرحى. وحذر قبلان من"أن يكون هناك مندس يعمل لحساب إسرائيل أطلق الرصاص على الطائرة"، وقال إن"على قيادة الجيش القيام بالتحقيق السريع والعاجل والعادل لكشف ظروف وملابسات الحادث، وإنزال العقوبة بمن نفذ وكان وراء الجريمة وعلى الجميع التبصر والاحتكام للعقل والابتعاد عن الشطط والخروج عن القانون والنظام". ورأى"أن الأمن والقانون والتنظيم أمور مطلوبة من جميع اللبنانيين، وعليهم العمل للحفاظ عليها". واعتبر قبلان"أن استهداف طائرة الجيش اللبناني عمل إسرائيلي، فهي تعمل لإثارة الفتن ونشر المشاكل بين الناس، وثقتنا بقيادة الجيش ورئيس الجمهورية جيدة جداً، لذلك نستنكر كل عمل يخل بالأمن في أي منطقة حصل، وندين الأعمال الشاذة من أي فئة كانت، وعلينا إقفال المكاتب المسلحة ونزع السلاح المنتشر، وعلينا كلبنانيين ان نكون بوعي مستمر ويقظة دائمة حتى نرفع البلاءات". وأكد عضو تكتل"التغيير والإصلاح"النيابي نبيل نقولا أن التعدي على الجيش اللبناني"مرفوض من أية جهة كان". وقال لپ"المركزية":"اعتقد انه لا يزال الوقت مبكراً كي نستطيع معرفة مَن هي الجهة ومَن هم الأشخاص المسؤولين عن هذه العملية. وأعتقد انه يجب على الجيش القيام بتحقيقات سريعة وشفافة لكشف ملابسات الحادث". واعتبر النائب بطرس حرب أن حادث"الاعتداء على مروحية الجيش واستشهاد الملازم اول سامر حنا حرب واصابة قائد المروحية وهو ضابط من آل عبود، لا سيما أن الاعتداء حصل فوق الأراضي اللبنانية، وتحديداً شمال الليطاني، يطرح تساؤلاً ويثير شكوكاً كبيرة حول ظروف الحادث ومرتكبيه والغايات والأهداف الكامنة وراء هذا الاعتداء الشنيع على الجيش اللبناني". وطالب حرب بپ"الإسراع في فتح التحقيق للكشف عن ملابسات الاعتداء، وتحديد المسؤوليات في شكل واضح ودقيق، وإنزال أشد العقوبات بحق مرتكبيه ومن وراءه، خصوصاً أن المعلومات الأولية المتوافرة عن الحادث تدعو إلى القلق، وتطرح الكثير من التساؤلات حول الأهداف الكامنة وراء الاعتداء على الجيش اللبناني". تحليق ومناورات إسرائيلية وكانت"الوكالة الوطنية للإعلام"ذكرت ان الطائرات الحربية الإسرائيلية حلقت في الحادية عشرة قبل الظهر بكثافة وعلى علو مرتفع ومتوسط فوق منطقة جزين. وذكرت"الوكالة الوطنية للإعلام"أن القوات الإسرائيلية نفذت خلال ال48 ساعة الماضية تدريبات عسكرية تخللها مناورات بالذخيرة الحية داخل مزارع شبعا المحتلة استعملت خلالها المدفعية التي سمعت أصداء قذائفها في المناطق اللبنانية القريبة من المزارع بوضوح، واستمرت حتى ظهر أمس، وسط حركة للآليات والمدرعات الإسرائيلية عند تخوم هذه المزارع وفي المواقع العسكرية المطلة على منطقة العرقوب.